الجميل الفاضل.. يكتب ..(عين على الحرب) ..صفقات علي طريق التقسيم؟! (2)
القاهرة : ترياق نيوز
علي أية حال يبدو أن المزاج العام قد بات أقرب الآن لتقبل فكرة تقسيم السودان إلى عدة دويلات صغيرة.
ومن أبرز المؤشرات علي ذلك، أن فكرة التقسيم التي كان شبه محرما الحديث عنها الي وقت قريب، قد أضحت هي اليوم مشروعا يطرح علي رؤوس الأشهاد بلا حياء ودون مواربة، تقابله أعداد متنامية من ذات المكونات الإجتماعية التي كانت قد إستهجنت في السابق مجرد رمي الحركة الإسلامية علي قارعة الطريق ببالونة إختبار، قذف بها وزير المالية الأسبق عبدالرحيم حمدي، وفق صيغة مموهة غامضة، هلامية الملامح، عرفت بورقة “مثلث حمدي”.
فيما أن طيفاً مؤثرا من مكونات فاعلة بوسط السودان وشماله وشرقه، ومن هذه المكونات ذاتها، قد أنتقل اليوم الي مربع الجهر بالدعوة لعودة حدود السودان إلى ما كان عليه إبان حكم السلطنة الزرقاء، من كردفان غرباً وحتى البحر الأحمر شرقاً، ومن طرفي الشريط المائي الممتد من سنار جنوباً حتى الحدود المصرية شمالاً، أو علي الأقل في نطاق ما عرف بدولة “البحر والنهر” التي يتبناها ناشطون من ذات التيار الاسلامي الذي ينتمي إليه عبدالرحيم حمدي، وهي مقدمة فيما يبدو لتأسيس وضع جيوسياسي جديد يضع نهاية لكيان السودان الموحد.
ذلك فضلا عن خطوات عملية تعزز وتكرس للتوجه الإنقسامي في البلاد، أشار لها وزير الإعلام الأسبق الاستاذ فيصل محمد صالح في مقاله الاسبوعي بصحيفة الشرق الاوسط، بإشارته الي سياسات وممارسات تعتمد الفرز القبلي والجهوي لتصنيف الأعداء المحتملين، مثل تصنيف «الوجوه الغريبة» الذي إعتمدته بعض الولايات.
مضيفا بالقول: “ثم جاءت عملية تغيير العملة التي لم يستطع أي مسؤول أن يشرح جدواها الاقتصادية أو السياسية.
فقد قررت الحكومة، التي تتخذ من بورتسودان عاصمةً لها، تغيير العملة السودانية، وبسبب الحالة الأمنية، وتعذر الحركة بين المناطق المختلفة فتتم عملية التغيير في المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش، وبشرط إيداع المبالغ الكبيرة في حساب بنكي، في حين خرجت منطقة تجارية كبيرة وذات ثقل سكاني كبير مثل إقليم دارفور، بجانب الإقليم الأوسط وبعض مناطق كردفان والعاصمة الخرطوم من هذه العملية، ولا تزال العملة القديمة سارية فيها. خلق هذا الأمر صعوبات عملية في إيصال البضائع والمؤن لسكان هذه المناطق، وفيهم منتجون وتجار، تم إخراجهم بيد الدولة من دائرة الفعل الاقتصادي، ومعاقبتهم على بقائهم في مواقعهم التي تحتلها «قوات الدعم السريع».
ثم جاءت امتحانات الشهادة الثانوية التي تعقد أيضاً في المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش، بينما يواجه مئات الآلاف من الطلاب في المناطق الأخرى مصيراً مجهولاً.
حسب المعلومات فإن «قوات الدعم السريع» منعت بعض مجموعات الطلاب من التحرك لمراكز الامتحانات، بينما وقفت صعوبات عملية في مواجهة مجموعات أخرى، بجانب التخوفات الأمنية من التصنيف الذي تعتمده المجموعات الأمنية المتعددة العاملة في صفوف قوات الجيش وحلفائها.
هاتان الخطوتان قسَّمتا البلاد اقتصادياً وتعليمياً، مثلما تم تقسيم المكونات الاجتماعية والإثنية إلى موالين ومعادين. فإذا قرأتها مع ما كتبنا عنه أكثر من مرة، وهو خطوة إعلان بعض الحركات المتحالفة مع «الدعم السريع» لحكومة في الأراضي التي تقع خارج سيطرة الجيش، فسيقود هذا الأمر لوجود حكومتين في منطقتين منفصلتين جغرافياً وعسكرياً وإدارياً واقتصادياً وتعليمياً”.
-ونواصل