كما ذكرنا في الحلقه الماضيه ان إسرائيل بفضل الحماية الأمريكية ظلت محصنة ضد اي عقوبات او قرارات ادانة تصدر من مجلس الامن و محصنة ايضا بفضل الفيتو الأمريكي ضد المساءلة الجنائية الدولية كما سنري لاحقا. و قد ظلت إسرائيل طيلة العقود الماضية تأخذ القانون الدولي بيدها..
و قد وصل صلفها و ازدراءها المجتمع الدولي ان اصدرت قرارا.. و هي عضو في الهيئة… قرارا مؤخرا اعلنت فيه الامين العام للأمم المتحدة شخصا غير مرغوب.
لقد ظلت إسرائيل بفغل الفيتو الأمريكي في مجلس الامن اطلقت ليدها العنان عدوانا و اغتصابا و قتلا و تهجيرا قسريا للشعب الفلسطيني و قطاع غزة علي وجه الخصوص و الشواهد علي ذلك الصلف تتري..
كل ذلك كان نتاجا لنظام دولي أسس بنيانه كما ذكرنا من قبل علي الظلم و ازدواجية المعايير و الانتقائية..
فإذا كانت مذبحة “دير ياسين” عام 1948 م تمثل عنوانا لشلال الدماء.. فقد صارت ” غزة ” اليوم رمزا لشلال جديد ما يزال ينزف!.
إن القائمة طويلة جدا تحوي أكثر من مائتين وخمسين مجزرة من العام 1937م حتى اليوم، حيث تدور رحى أبشع مذبحة في “غزة ” الصابرة.
وإن بين عامي 1948 و2023م مسافة أكثر من سبعين عاما حافلة بشلالات الدماء علي يد الاحتلال الصهيوني، من فلسطين إلى مصر مرورا بلبنان إلى غيرها من الأراضي العربية التي احتلوها يوما. فمنذ ابتلاء منطقتنا العربية بهذا الكيان الغاصب، لم تتوقف المجازر على أيدي هؤلاء المحتلين.
ونحن نرى اليوم غزة المذبوحة ترتمي في أحضان جنين ودير ياسين وبقية المجازر، وسط تدفق الدماء على امتداد أكثر من 70 عاما.. ومع ذلك فإن هذا الشعب الجريح يقاوم الموت، ويصر على الحياة، فيبعث فينا روحا جديدة، وأملا بحياة أفضل، وتحمل تضحياته بشائر النصر.
ظلت القيادة الفلسطينية في المحافل الدولية بتضامن كامل مع الدول و الشعوب المحبة للسلام تنادي بأن تتمتع فلسطين بالعضوية الكاملة في الامم المتحده..
و في هذا الصدد اعتمدت
الجمعية العامة في مايو قرارا يدعم قرارا يدعم طلب فلسطين بالانضمام لعضوية الأمم المتحدة. بأغلبية 143 صوتا ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في الطلب..
بيد ان طلب العضوية اصطدم بالفيتو الأمريكي.
فقداستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل الماضي حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
وصوت لصالح مشروع القرار الجزائري 12 عضوا من أعضاء مجلس الأمن.. و هذا الموقف يقف شاهدا علي عوار النظام الدولي…
من جهة اخري تحدت إسرائيل و أمريكا الاراده الدولية برفضها قرار محكمة العدل الدولية بشان الدولة الصهيونية…. ففي يوليو الماضي، و بناءا علي دعوي المحكمة من جنوب افريقيا في حق إسرائيل. استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس 18 من أبريل/نيسان، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
وصوت لصالح مشروع القرار الجزائري 12 عضوا من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، فيما عارضته الولايات المتحدة وامتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت.
و في تحدي اخر للعدالة الدولية فقد رفضت إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية قرارا من محكمة العدل الدولية.. التي أقرت بان سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغريبة و القدس الشرقية تنتهك القانون الدولي.
و هذه هي المرة الاولى التي تصدر فيها محكمة العدل الدولية.. و بناءا على دعوي من جنوب افريقيا.. موقفا بشان إذا كان الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية منذ عام 1967 غير قانوني.
و فيما انتقدت واشنطن و إسرائيل راي محكمة العدل الدولية الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي،، رحبت به بروكسل مؤكدة انه ينسجم الي حد كبير مع مواقف الاتحاد الأوروبي..
و قالت محكمة العدل الدولية إن استمرار وجود دولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني. وأوضحت أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن هذا الوجود غير القانوني.
و في اطار الحماية الأمريكية لإسرائيل ضد القرارت الدولية و العدالة الجنائية الدولية نستعرض بعد المحطات في الاونة الأخيرة..
علما بأن الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ السبعينيات من القرن العشرين أعملت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإحباط مشاريع قرارات تدين الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أوتطالبها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، ومنذ أولى جلسات مجلس الأمن وحتى فبراير/شباط 2024، استعملت أميركا حق الفيتو لصالح إسرائيل 45 مرة.بما فيها قرارات تحصن إسرائيل في وجه العدالة الدولية..
ففي ابريل 2009 شكل مجلس حقوق الإنسان بعثة لتقصي الحقائق عن الغزو الإسرائيلي لغزة، برئاسة قولدستون..من جنوب افريقيا.
خلصت البعثة في تقريرها الي ان انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني ترقي الي جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية، ، و اوصت في تقريرها للجمعية العامة للامم المتحدة بإحالة الحالة في جده الي الجنائية الدولية.
بيد أنه عشية مناقشة الجمعية العامة لتقرير قولدستون،و اجازته و التوصية برفعه الي مجلس الامن.، ،،
استبقت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك بأن صادق مجلس النواب الأمريكي علي قرار رفض فيه التقرير.. بل دعا الرئيس اوباما و وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون الي عدم دعم، أو النظر مستقبلا في هذه التقرير في حالة عرضه علي اي محفل دولي. مما يعني بما في ذلك مجلس الأمن..
و بما أن إسرائيل ليست كالسودان طرفا في ميثاق روما.. لا يستطيع مجلس الامن احالة الحالة في غزة الي لاهاي بموجب المادة 13 ب من ميثاق روما الذي منح مجلس الامن صلاحية الإحالة في حالة الدول غير الأطراف في ميثاق روما..
و قد ذكرنا من قبل ان إقحام مجلس الامن في اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية قد أدي الي تسييس العدالة الجنائية الدولية.. كما يترجم ازدواجية المعايير و الانتقائية في النطام الدولي…
و لعل إحالة الحالة في دارفور تعكس هذا العوار في العدالة الجنائية الدولية… اذ ان إسرائيل و السودان كليهما غير طرفين في ميثاق روما.. فينما اخذ المجلس يتوصية كاسيوس الايطالي عن دارفور،، ظل تقرير قولدستون عن غزة حبيس الادراج بفعل الفيتو الأمريكي.
و
في ابريل 2009 شكل مجلس حقوق الإنسان بعثة لتقصي الحقائق عن الغزو الإسرائيلي لغزة، برئاسة قولدستون..
من جنوب افريقيا..
خلصت البعثة في تقريرها الي ان انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني ترقي الي جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية، ، و اوصت في تقريرها للجمعية العامة للامم المتحدة بإحالة الحالة في جده الي الجنائية الدولية.
بيد أنه عشية مناقشة الجمعية العامة لتقرير قولدستون،و اجازته و التوصية برفعه الي مجلس الامن.، ،،
استبقت الولايات المتحدة الأمريكية ذلك بأن صادق مجلس النواب الأمريكي علي قرار رفض فيه التقرير.. بل دعا الرئيس اوباما و وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون الي عدم دعم، أو النظر مستقبلا في هذه التقرير في حالة عرضه علي اي محفل دولي. مما يعني بما في ذلك مجلس الأمن..
و عليه يصظدم التقرير حينئذ بالفيتو الأمريكي.
و في الثاني عشر من يونيو 2024،، ،قالت لجنة تحقيق أممية مستقلة إن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع خلال عملياتها وهجماتها العسكرية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. و هدمها للبنية التحتية.. بما في ذلك القدس الشرقية.
و قد ظل القادة الإسرائيليون محصنيين ضد العدالة الدولية.
ففي مايو الماضي، طلبت المحكمة الجنائية الدولية اصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو و وزير دفاعه.. إذ أن هناك اسبابا معقوله للاعتقاد بان رىيس الوزراء الإسرائيلي و وزير دفاعه يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية..
لكن بالطبع هذه الخطوة لم تكن لها ما بعدها للسبب سالف الذكر..
إن شاء الله تفاصيل اوفي عن عوار النظام الدولي المتمثل في ميثاق روما و المحكمة الجنائية الدولية في الجرء التالي من هذا المقال..
كما سوف نذكر بان الحصانة ضد القرارات و العدالة الدولية ليست حكرا علي الولايات المتحدة الأمريكية،، فليست وحدها التي تروض النظام الدولي وفق مصالحها الاستراتيجية و أمنها القومي ،،و إنما يشاركها في ذلك بقية الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الامن،و بالتركيز علي كل من روسيا و الصين..
كسرة
لعل الامين العام الاسبق للامم المتحدة داق همرشولد قد لخص لنا إخفاق الامم المتحدة في عبارة واحدة….
“The United Nations was not created in order to bring us to heaven, but in order to save us from hell.” Unfortunately, recent events have shown that neither goal is within its grasp.”
اي ان الامم المتحدة لم تخلق لكي تدخلنا الجنة،. و إنما لكي تنقذنا من النار… و لكن بكل أسف الاحداث الاخيرة برهنت على أن كلا الهدفين ليستا في متناول يدها..