ما بين حقيقة الموت ومرارة الرحيل هناك مساحة اكثر إيلاماً تتجذر داخل النفوس لعظمة الفقد واثر الرحيل.. رحل حاج بشير عن هذه الفانية وهو القامة السامقة والعالم والرمز العلم والإنسان الإنسان اولاً وأخيراً
عندما يرحل الطيبون العظماء يصبح الفقد أكثر إيلاما ومرارة فتنطوي صفحة ناصعة البياض ويبقى الأثر وهو ما كتبوه على هذه الصفحة من جميل السيرة وحسن السريرة ومكارم الاخلاق ونُبل المُحتوى .. رحيلهم كرحيل الغمام يسافر من غير إنتظار حـيث لا رجعة ويترك في الذاكرة جمال لذاك الزمن الاخضر النضر الندي الذي ظللوه بطيب الخاطر فكان عبيره الأخلاق ونسمته التعامل ودوحته مخملها إلفة ومحملها عِفة…..
كيف انعيك وقد عشت بيننا سمحاً ودوداً لطيفاً لم نرى منك إلا الريح الطيب والمعشر الأطيب.. غادرتنا بصمت وهدوء كما هو طبعك في الدنيا يجمِّله الأدب والأخلاق والترفُّع ولذلك حتى عندما اختارك الموت نسج لك معطفاََ من سندس اخلاقك وديباح طبعك فطبت حياََ وودَّعت سمحاََ.. دوماً في مقدمة الركب إن كانت أفراح او اتراح بارا بأهلك وعشيرتك وبلدك مسالماً حد الفضالة تواضعك يضفي عليك هالة.. تميل للصمت حينما يكون الصمت باباً للسلامة ودودا حينما يكون الود مدخلاً ومحفلاً للوصل يقرب القريب ويدني البعيد فهذا لعمري مربط الفرس والركن الركين لمكارم الاخلاق.. الكل يفتقدك وكلُُ على طريقته الخاصة والكل يعزي نفسه فيك قبل ان يعزي الآخرين.. سرادق العزاء منصوبة داخل كل القلوب والدعاء لك في جوف الليل والخلوة وليس في تمتمة المجاملة وليس من طرف اللسان إنما من عمق العرفان.. لم اراك تتحدث في ما لايعنيك.. عفيف اللسان كثير الإحسان حفيُّ باهلك والجيران.. نحسب أنك في نعيم لا يدانيه نعيم وفي برزخ رياضه ممتدة بإمتداد بصرك ورياحينه فوَّاحة لنفس عاشت بيننا بكل سماحة ولكن يا حاج بشير ما الذي بينك وبين الله؟! حتى تبلغ هذا المقام أهي مكارم الأخلاق التي تثِّقل الموازين؟ أم انها الخبيئة التي لا يعلمها إلا الله ام أنها محبة الذات الإلهية التي يقف عندها حد التفسير والتأويل..
احسب انك عبرت بمركب الصلاح يحمل روحك الطاهرة بموكب ملائكى تحفه أعمالك المجيدة وأخلاقك الحميدة .. ونحسبك مع الصديقين الأخيار ولو علمنا ما انت فيه من النعيم ما ذرفنا عليك دمعاً ولا غشينا الحزن
واذكر عندما هاتفتك قبل فترة قصيرة من رحيلك كانت محادثة فيها كل الود والأريحية والشكر والثناء لله على تزاحم النِعَم والتفاؤل المعهود تترجمه الحروف…
لم يفتقدك الإنسان فحسب بل إفتقدتك نخيل بلادي عبر إمتداد الوطن الغالي فانت الأب وانت الراعي لها وللفسائل الصغار وللنخيل الشامخ شموخ العزة على ارض الرجال فكنت لها خير معين حيث وطٌّنت على تراب البلد الحبيب أطيبها واجودها.. وثمة شئ جدير بالوقوف والملاحظة تلك العلاقة الحميمة بينك وبين النخلة حيث تجانس الطباع في العطاء فإنها من أعظم الأشجار وأطيب الثمار وحيث خصصت جزءا من منزلك واسست مركز تطوير زراعة النخيل وإنتاج التمور بالخرطوم وكان مقصداً وقبلة لكل المهتمين بشان النخيل وتطويره من الداخل ومن الخارج حيث تجاوز حدود البلاد الى محيطه المجاور وكانت تقام فيه المحاضرات والمنتديات والفعاليات ذات العلاقة والصلة..
وانتقلت النخلة في عهدك الى أفاق رحيبة وعمت القرى والحضر بفضل مجهودك الجبار وإهتمامك المقدر وحبك الشديد لهذه الشجرة المباركة فانت الذي فتحت هذا الباب وكان غير مطروق من قبلك والقاسم المشترك الاعظم بينك وبين النخلة هو العطاء اللامحدود ولا انسى ابداً تلك الهدايا القيِّمة من أجود انواع التمور لكل المصلين بالمسجد وفي ختمات القرآن وللجيران وبسخاء ومحبة.. أسال الله العظيم أن يثقل به ميزانك وان يكون لك من رياض وبساتين الجنان اعظم نصيب وان تكون متقلبك ومثواك
اللهم ارحمه وأغفر له وتقبله واكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة .. اللهم واظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ولا باقي إلا وجهك اللهم بيِّض وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه اللهم يمِّن كتابه وثبِّت قدمه يوم تزل فيها الأقدام.. اللهم اكتبه عندك من الصالحين والصديقين والشهداء والأبرار.. اللهم اكتبه عندك من الصابرين.. وجازه جزاء الصابرين .. اللهم يا باسط اليدين بالعطايا يا قريب يا مجيب دعوة الداع إذا دعاه يا حنان يا منان يا أرحم الراحمين يا بديع السموات والأرض يا أحد يا صمد اعطي حاج بشير من فضلك وخيرك وارحمه واغفر له يا رب العالمين …….
داء الكوليرا يهدد قرى البزعة شمال شرق ام روابة ووفاة طفلين خلال (24) ساعة
متابعة : محمد أحمد الدويخ انعدام الأدوية والرعاية الطبية وأتيام التوعية أبرز النواقص للحد من انتشار المرض.. الأطفال وكبار...
Read more