حوارات

( ترياق نيوز ) تورد سلسلة حلقات توثيقية حول حياة الإمام الراحل / الصادق المهدي تحت عنوان (الرجل اللي خلف الإمام ) بشرى الصادق في أول بوح له للإعلام ..( الحلقة الأولى )

تتابعون في هذه الحلقة الأولى بجانب المقدمة نشأة بشرى الصادق المهدي وتفاصيل حياته العلمية والعملية، وبعض عن المعلومات عن أسرة آل الصادق المهدي عليه الرحمة

 

 

القاهرة ـ حوار : عبدالباقي جبارة 

 

 

 

 

المقدمة

 

 

 

 

 

 

جاءت فكرة هذا الحوار مع الشخصية الغامضة التي ظلت تقف خلف الامام الصادق المهدي عليه الرحمة والرضوان , لمدة تقارب العقد من الزمان كان معه كظله , ولا يعرف معظم الناس عنه شيئا سوى أنه الأبن الأصغر للإمام بشرى الصادق المهدي وكفى , لكن الملفت بأن هذا الرجل يتجلى فيه حزم العسكرية وأدب الانصارية , فكان لا بد أن يكون لديه مخزون معرفي وأخذ شئ من والده الرجل الأمة الإمام / الصادق المهدي صاحب العطاء الثر في مناحي الحياة , وظل الشخصية المحورية في المشهد السياسي السوداني منذ ريعان شبابه وحتى وفاته , بل بعد وفاته ظلت رؤاه تجري بين الناس ليهتدى بها من يشاء وإن كان في كثير من الأحيان يٌبكى عليها كاللبن المسكوب وخاصة بعد الأوضاع المزرية التي آلت إليها البلاد , جراء حرب 15 ابريل التي قضت على الأخضر واليابس , حيث علم الجميع بأن الإمام الصادق عليه الرحمة والغفران كان كثيرا ما حال دون إندلاعها , وما لبس أن رحل حتى غابت الحكمة بغياب (الكبير) فأنفرط العقد , وهذا الحوار الهدف منه تقفي أثر هذا الرجل الأمة من خلال أصغر أبناءه , لنكتشف بأنه خير خلف لخير سلف عندما جلسنا إليه , لم يكن مزهوٌا بتاريخ تليد أو حاضر مجيد , متواضع من غير ضعف متجنبا لساقط القول واسع الصدر, واضعا في ناظريه بأن (كل من عليها فان ) , لم نجده مجرد ناقل لمعلومات تيسرت له بمجرد مرافقته للإمام , بل متتبع لها كباحث وله تحليله ورؤيته الخاصة منذ عهد الامام محمد احمد المهدي وخلفاءه إلى أن آلت الأمامة لوالده , بشرى له قناعة تامة بأن نسل الإمام المهدي له رابط الدم والنسب والعقيدة مع جميع أهل السودان بحدوده القديمة من نمولي ل حلفا , ويقدم ذلك في تسلسل للنسب متسق مع المنطق والواقع , بجانب تعرفنا على بشرى وكسبه الخاص رغم صغر سنة وعدم ظهوره في الحياة العامة لكنه ملم بكل تفاصيل مآلات الأوضاع في السودان وله رؤيته فيه لكنه ليس لديه شبق الظهور الاعلامي أو تقديم نفسه كسياسي له تأهيله العسكري والمدني .

 

 

 

 

 

 

بجانب إكتشافنا لهذه الشخصية الذي يعتبر رجل دولة قادم بقوة فهو رجل مهام من طراز فريد , بالفعل تحصلنا على معلومات ثرة عن مرحلة مهمة من حياة الامام الصادق المهدي منذ عهد انقلاب الانقاذ المشؤوم الى وفاته عليه الرحمة , ولذلك في هذه السلسلة من الحلقات ستجدون كثير من المعلومات التي يشكف عنها لأول مرة وهنالك تصحيح أو تأكيد لبعض المعلومات المرتبطة بالامام الصادق المهدي أو بأسرته الصغيرة أو أسرة آل المهدي على العموم وأصهارهم , كذلك ستجدون تفاصيل دقيقة حول أحداث شغلت الرأي العام السوداني منذ رحلة (تهتدون) وحتى رحلة العلاج للامارات ووفاته عليه الرحمة , ورغم غزارة المعلومات التي حصلنا عليها وأعتبرنا ذلك حوارا توثيقيا لحقبة مهمة لهذا البيت الكبير إلا إننا لم ندع التوثيق بدقة وهنالك مختصين في هذا الشأن وهم أولى بذلك منا , وخاصة شخصية مثل الامام الصادق المهدي تحتاج لباحثين مختصين وأكثر منا إلماما بهذا التاريخ وهذا الكيان الكبير  والشخصيات التاريخية فيه , وما نقدمه في هذه المحاولة أنه جهد المقل من صحفي مجرد مساهم في تبصرة الرأي العام فإن أصبنا ذلك التوفيق من الله وإن أخطأنا نسأل الله أجر الاجتهاد , وكما قال الحبيب بشرى الصادق المهدي في مستهل هذا الحوار : بأن التاريخ ليس مجرد معلومات يمر عليها الناس ويتداولوها للتسلية بل يجب الوقوف عندها لتصحيح الاخطاء واستصحاب الايجابيات , وهذا بالضبط هدفنا من هذا التوثيق , نتمنى لكم متابعة ممتعة مع حلقات هذا الحوار :

 

الحلقة الأولى :
بشرى الصادق المهدي : اولا أنا اشكرك على هذه اللفتة لأن التاريخ احداث وليس مجرد ( بانوراما ) ينظر إليها بل  التاريخ فيه عبر والاحداث الناس يستخلصوا منها المفيد , لأن الذي لا يقرأ التاريخ لن يفهم الحاضر ويستقرأ المستقبل , وكل هذه الحلقات مربوطة مع بعضها البعض , هنالك أخطاء كثيرة نصححها مع مرور الزمن وهنالك ايجابيات نستصحبها , ولذلك من هذه الناحية مهم جدا الرجوع للتاريخ .

 

 

 

 

نشأة بشرى الصادق المهدي

 

 

 

 

 

الميلاد في حي الملازمين بالعاصمة الوطنية أم درمان بجوار الإذاعة القومية وكان البيت الكبير  فيه منزل يخص الوالد الصادق المهدي , وهو يقع من الناحية الشمالية والجزء الجنوبي هو منزل الامام الصديق لهما الرحمة , حيث شيده الأمام الصديق الامام عبدالرحمن المهدي بنفسه وهو كانت مهنته الاساسية مهندس , وكان يسكن فيه وكان يربط بينه وبين منزل أبنه الأمام الصادق المهدي مدخل وكل أبناء وبنات الصادق المهدي ولدوا في هذا المنزل الشمالي , وانا ترتيبي آخر أبناء الأمام الصادق من بين عشرة أخ وأخت بشرى أصغرهم , أكبرهم أم سلمة وتليها رندا ثم مريم , عبدالرحمن , زينب , صديق , رباح  , طاهرة , محمد أحمد وأخيرا بشرى  .
المراحل  الدراسية لـ بشرى :
روضة الاحفاد أول المراحل الدراسية بجانب الذهاب للخلوة القرآنية بودنوباوي لكنه لم يداوم عليها بصورة مستمرة , ثم المدرسة الابتدائية مدرسة بيت المال , وعندما رحلت الأسرة لمنزل في ودنوباوي والآن أصبح مقر هيئة شئون الأنصار , وعليه أنتقل بشرى لمدرسة أبو روف (أ) وكان ناظرها الأستاذ المرحوم / حسن سالم له الرحمة , ثم درس المرحلة المتوسطة في مدرسة التدريب بأم درمان المتوسطة بالقرب من مقابر أحمد شرفي , أما الثانوي العالي ألتحق بمدرسة المؤتمر الثانوية وقبل امتحانات الشهادة السودانية خرج الوالد في عملية (تهتدون ) وذلك في العام 1996م , وكان بشرى مصر على الخروج معه لكن منعه والده وطلب منه البقاء حتى يتمكن من امتحان الشهادة السودانية 1997م.

 

 

 

 

 

 

وبالفعل خرج الأمام الصادق ومعه أبنه عبدالرحمن وعدد من المهاجرين و(الأحباب) , وكان خروجهم برا عبر طريق البطانة بشرق السودان حتى وصلوا أريتريا , حيث كان نظام الانقاذ في أوج سطوته وحصلت مضايقة شديدة للأمام الصادق المهدي وكانوا يرغبون في خروجه من البلاد , وحتى وجوده داخل العاصمة الخرطوم كان مقيَد , حيث تم تهديده في ذاك الوقت , وخاصة بأن الحركة المسلحة في شرق السودان بدأت ضد نظام الانقاذ بشرق السودان , حيث قال له صلاح قوش أحد ضباط جهاز الأمن بنظام عمر البشير حينها ثم مديرا له لاحقلا فقال للصادق المهدي : (أي طلقة خرجت في شرق السودان نحن نحملك مسؤليتها ) , فحينها شعر الأمام الصادق كأنه مأخوذ رهينة يضغطوا به المعارضين خارج السودان ولذلك قرر الهجرة .
هجرة بشرى واللحاق بوالده :

 

 

 

 

 

 

وعندما تجاوز بشرى الصادق المهدي امتحان الشهادة السودانية كان يرغب في الالتحاق بالخدمة الوطنية أو (الإلزامية ) , ولكن طلب منه والده عدم الذهاب الى المعسكر خشية أن يكون مستهدف . استجاب بشرى لطلب والده ولم يذهب لمعسكر الخدمة الوطنية , وفي العام 1998م ألتحق بوالده بالعاصمة المصرية القاهرة حيث كان يتواجد فيها . وبالفعل ألتقى والده ثم ألتحق بالجامعة وهي أكاديمية الجامعة العربية بالاسكندرية وبدأ في دراسة الهندسة الصناعية ودرس فيها (سمسترين أثنين ) وكان قبلها ألتحق بمعسكرات شرق السودان حيث ألتحق بالقوات في منطقة (هيكوتة ) بأريتريا وفي منطقة (شهيدي) بأثيوبيا , حيث تلقى تدريب مكثف مع المهاجرين وكان مع المقاتلين وذلك لأكثر من عام , ثم تلقى تدريب مع القوات الخاصة الاريترية حتى أصيب وكانت الاصابة بالغة وهي عبارة عن كسور في القفص الصدري (ضلوع) , وعليه رجع جمهورية مصر العربية , وبعد تلقى العلاج ألتحق بالجامعة المذكورة آنفا .
بشرى يلتحق بالكلية الحربية المصرية :

 

 

 

 

بعد عودة بشرى لمصر وتلقى العلاج من الاصابة  ألتحق بأكاديمة الجامعة العربية وقبل أن يكمل دراسته فيها ألتحق بالكلية الحربية عبر طلب من والده الأمام الصادق المهدي للرئيس المصري حينها محمد حسني مبارك , وتخرج منها في العام 2002م , ثم رجع السودان وقدم للإلتحاق بقوات الشعب المسلحة السودانية , ولكن لم يتم الرد على طلبه في حينها .

 

 

 

 

 

 

ثم أتجه للعمل في شركة (الصديقية ) التي تجمع كل أسرة الأمام الصادق المهدي وكان رئيس مجلس إدارتها الامام الصادق المهدي ومديرها أبنه صديق الصادق المهدي وجميع أفراد الأسرة أعضاء فيها .
بشرى الصادق مزارعاً :
وبما أن في ذاك الوقت هنالك نشاط زراعي , حيث ذهب بشرى لمناطق (جريوة وأقدي ) غرب الدمازين بإقليم النيل الأزرق كان هنالك خبير زراعي يدعى الطاهر محمد حربي  , حيث كان وزير الزراعة في الفترة الانتقالية ممثلا لحزب الأمة القومي ولديه معهم شراكة في الزراعة المطرية , وكانت ناجحة جدا حيث زرعنا عدد من أنواع الذرة منها (الفتريتة , طابت وأرفع قدمك) . وبعد ذلك رجعت الخرطوم وأصبح كل عملي الذي لم أكن فيه في الزراعة أكون مرافقا للوالد , لم يكن دور بشرى في الرزاعة أشرافا فقط بل مشارك في كل المراحل من نظافة الأرض والزراعة والكديب وحتى قطع العيش وحصاده مثل دق الذرة وتعبئتها في الجوالات حتى نقلها الى التسويق , ومارس بشرى الزراعة لموسمين أثنين متتاليين وكان يأكل مثل كل الذين يمارسون الزراعة مثل وجبات العصيدة وملاح (الكجيك ) السمك المجفف وغيرها من الوجبات الشعبية المعروفة , يقول بشرى نحن أسرة بسيطة جدا صحيح الناس بتفتكر نحن كما يقولون (منقنقين) وبعيدين عن الحياة العامة للشعب السوداني لكن هذا الكلام غير صحيح بل بالعكس لأن الوالد عليه رحمة الله حرص جدا أن نعيش حياة طبيعية جدا وهو نفسه عاش حياة طبيعية جدا وسيرته مبذولة للجميع , وكان الامام في عهده الطالب في الاجازات لديه (طلبية) يبيع ويشتري ويتحصل على مصروفه كما قال ذلك في احد اللقاءات , وقال بشرى والدنا ربانا على ( أخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم ) رغم أن جماهير الانصارية لديهم محبة خاصة لآل المهدي عموما وهذا لم يأت من فراغ بل بالعكس هذه المحبة متبادلة بيننا وبينهم ولذلك نحن لا نميز أنفسنا عنهم , فأي واحد أو واحدة مننا هو واحد من هؤلاء الناس والعلاقة بيننا قريبة جدا ومتداخلة , والتواصل متبادل في الأفراح والاتراح , لأن السودان المجتمع فيه قوي جدا ولذلك مهما بعدت من الناس يكون ذلك خصما عليك , فالعمل الاجتماعي في السودان قائم عليه كل شئ سواء عمل ديني , سياسي أو غير ذلك يقوم على هذه العلاقات الاجتماعية , يقول بشرى بأن وجوده في مناطق الزراعة جعله يكون جزء من مجتمع تلك المناطق حيث يشارك في المناسبات الأفراح والأتراح , في كل المناطق بما فيها المدن الكبيرة مثل سنار , سنجة والدمازين . والتواصل مستمر بكل المناطق الواقعة في الطريق حتى كوستي ومن ثم الجزيرة أبا , فقط الانقطاع يكون فصل الخريف لأن الخريف قوي في تلك المناطق ولذلك تٌقطع الطرق والحركة صعبة وأحيانا نتحرك ب (التراكتور ) , واستمر وجودي مزراعا منذ العام 2003 وحتى 2005م وفي الموسم الأخير زرعنا في منطقة القرابين وهي منطقة ود النَيل.
معوقات الزراعة حسب تجربة بشرى :
وبناء على هذه التجربة تحدث بشرى عن معوقات الزراعة فقال : السودان بالطبع غني جدا بموارده الزراعية وأهمها الأراضي الخصبة التي تعتبر غير موجودة في جميع أنحاء العالم , وكذلك المياه المتوفرة سواء الامطار أو المياه الجوفية وكذلك النيل الجاري على امتداد السودان ورغم وجود كل هذه المقومات الطبيعية لكن هنالك مشكلة من الناحية التقنية , وكذلك هنالك مشكلة التمويل , والمزارعون دائما يواجهون مشكلة في الحصول على تمويل من البنك الزراعي , وتجد الزراعة مكلفة جدا والبنك الزراعي لا يقدم أي خدمات للمزارع , وكذلك موضوع الديون مأرق مضاجع المزارع ودائما تجد البنك محاصره بالديون منذ استلام التقاوي والجازولين رغم أنها حصص ناقصة لكنها تشكل عبء على المزارع بدلا من معينا له , وهو يشعر بالملاحقة دائما , النقطة الأخرى الجبايات حيث في كل منطقة لديهم بنود جبابايات وزكاة , وتجد مثلا دمغة الشهيد , جريح وكذلك دمغة سلام , حتى ذات مرة قلت ل أحدهم إذا في سلام ما حيكون في شهيد وجريح , وكذلك الضرايب , وناس الزكاة يدقوا خيمتهم مجرد ما شعروا بأن المحصول بدأ يوضع في المرص بدون حتى النظر لضوابط الزكاة الشرعية وأبرزها النصاب لا ينظر إليه . وما خرجت به من هذه التجربة بأن السودان رأسماله الزراعة ولذلك يجب أن يكون جل اهتمام المسؤلين الزراعة . حيث كانت هنالك تجربة ثرة في عهد الديمقراطية , الحكومة كانت تشتري من المزارع المحصول بضعف الثمن وذلك على الأقل يؤكد ضمان التسويق للمنتج وهذا أكبر تشجيع له .

نواصل إن شاء الله في الحلقة القادمة …

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى