حوارات

عضو نقابة أطباء السودان: الأوضاع الصحية كارثية.. انتشار واسع للأوبئة ومعظم المستشفيات خارج الخدمة..

متابعات : ترياق نيوز

استشهاد 230 طبيبا في الحرب أثناء تأدية واجبهم واعتقال 30 واختفاء 20

 المرضى النازحون بمستشفيات الأقاليم يعيشون حالة تكدس في ظل تدهور البيئة الصحية

 تلوث المياه أدى لسقوط عدد كبير من الوفيات من بينهم الأطفال والأمهات وكبار السن
قصف المستشفيات بالنيران والدانات أدى لتدميرها وإتلاف كل محتوياتها

 كوادرنا الطبية تواجه القتل والاختطاف والاعتقال.. والاغتصاب للطبيبات

 الموت يهدد ١٧٦ ألف امرأة  و45 ألف طفل بسبب سوء التغذية

 طفل أو اثنان يموتان كل ساعة في معسكرات النزوح

 حمى الضنك والكوليرا تحصد أرواح المئات

 الدعم السريع تحتل المستشفيات وتنهب محتوياتها

منذ اندلعت الحرب في السودان يوم 15 أبريل 2023، لا يكاد يكون هناك شيء سليم على حاله.. قتل، اغتصاب، جوع، جثث تملأ الشوارع، والأسوأ يتمثل في استهداف الأطباء والفرق الصحية؛ ما أدى إلى تفاقم الوضع الصحي في السودان، وباتت هناك استحالة للوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية التي يتطلبها البقاء على قيد الحياة.

الأطباء في السودان، أنفسهم، صاروا في مرمى النيران من جانب ميليشيا الدعم السريع.. حيث يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى المرضى وتقديم الرعاية الصحية بسبب القتال وتدمير البنية التحتية، بالإضافة إلى تعرضهم للاستهداف المباشر في بعض الحالات.

 

 

“فيتو” تواصلت مع الدكتورة أديبة إبراهيم السيد أخصائية الباطنية والأوبئة، وعضو فرعية خصوصي أم درمان باللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان.

الأوضاع الصحية في السودان

سألناها: صفي لنا الأوضاع الصحية في السودان.

قالت: منذا اندلاع الحرب في ١٥ أبريل، العام قبل الماضي، وأصبح الوضع كارثيًّا يهدد الحقل الصحي بكل أنحاء البلاد.

 وماذا فعلتم كأطباء؟ هل كان لكم دور في إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

• منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب، تكونت غرفة طوارئ من كل الأطباء، داخل وخارج السودان، ولها أفرع في كل أنحاء البلاد.. تحت رعاية اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء بالسودان.. الغرض منها حماية كل المواطنين ورعايتهم وعلاجهم.

 

 

 

 

 ضعينا في الصورة بالنسبة لمعاناة الأطباء؟

• المعاناة التي يتعرض لها الأطباء أثناء عملهم بغرف الطوارئ.. بيئة العمل السيئة.. عدم وجود ممرات آمنة.. التهديد المستمر للكوادر الصحية بالقتل والتنكيل والضرب والاعتقالات.. معاناة المرضى داخل المستشفيات باحتلالها من قبل الدعم السريع وقصفها المستمر.

أيضا، نعاني من عدم وجود الرعاية الصحية وانعدام الغذاء والأدوية المنقذة للحياة، ونزوح الكوادر الطبية؛ مما أدى لازدياد عدد الوفيات.

ضحايا التدهور الصحي

 هل هناك حصر لضحايا التدهور الصحي؟

  • هناك أكثر من ١٧٦ ألف امرأة حياتهم مهددة، حيث تعاني من سوء التغذية، وأكثر من ٤٥ ألف طفل يعانون من سوء التغذية أيضا، مع غياب العناية الصحية في مراكز الإيواء، ومعسكرات النزوح، وأغلب الحوامل يعانون من نقص الرعاية الصحية، وانعدام الغذاء والماء، وأغلبهن يمتن أثناء الوضع  لعدم وجود ممرات آمنة، وإغلاق  المستشفيات وأزمة الأدوية المنقذة للحياة، وقلة الكوادر الطبية؛ مما أدى إلى موت طفل أو اثنين في ظرف كل ساعة في معسكرات النزوح.

تتردد تقارير كثيرة عن انتشار الأوبئة، والأمراض المتوطنة، فما حقيقة الوضع؟

● فعلا، هناك انتشار واسع للأوبئة، نتج عن عدم وجود مراكز عزل، بالإضافة إلى خروج معظم المستشفيات من الخدمة بـالخرطوم، وولايات دارفور، وبعض الولايات الأخرى؛ بسبب الاحتلال من قبل الدعم السريع فضلا عن القصف.

= ماذا تقول لغة الأرقام؟

  • تم تسجيل ٢٤٤ حالة وفاة، و٩٧٣٨ حالة موجبة لحمى الضنك والكوليرا بعدد من الولايات، في الفترة من ١٥ يوليو حتى ٢٧ أكتوبر 2024، حيث تم تسجيل ٩٨ حالة وفاة لحمى الضنك، من بينها ٦٦ حالة وفاة بولاية القضارف، و٤ حالات شمال دارفور، كسلا ٤ حالات، جنوب كردفان ٨١، بالإضافة إلى تسجيل ٤٠٨٨ حالة  اشتباه، أما العينات الموجبة بلغ عددها  ٧٦٣٢ حالة موجبة، كما تم تسجيل ١٤٦ حالة وفاة  بالكوليرا من بينها ٦٨ حالة في القضارف، الخرطوم ٤٤ حالة، الجزيرة ١٨ حالة وفاة، فيما سجلت جنوب كردفان ١٦ حالة وفاة،  ٢٠١١٨ حالة موجبة، و٢٠٧٧ حالة اشتباه، بجانب  انتشار مرض سوء التغذية وسط الأطفال والأمهات.

 

 

 

 الأوضاع اقتربت من الكارثة.

  • هذا الوصف وهذه الأرقام أقل من حقيقة الوضع الصحي بالبلاد، ووضع الأطباء، والمرضى بالمستشفيات ومراكز الإيواء.. الوضع الصحي بات كارثيًّا ومأساويًّا.. وصل الأمر إلى أنه يعيش المرضى النازحون بمستشفيات الأقاليم حالة تكدس في ظل تدهور البيئة الصحية، وتلوث المياه الذي أدى بدوره إلى انتشار كثير من الأمراض مما كان سببا في سقوط عدد كبير من الوفيات، من بينهم الأطفال والأمهات وكبار السن، ومصابي الأمراض المزمنة.

انهيار البنية الصحية

 وبالنسبة للبنية التحتية الصحية؟

  • هناك انهيار للبنية التحتية في المستشفيات والمراكز الطبية، مع عدم توافر المعينات الطبية بالمستشفيات المتمثلة في  الأدوية المنقذة للحياة، وأدوية مرضى الكلى، والقلب، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى انعدام المحاليل الوريدية “الدربات”، وننوه إلى أن مريض الكوليرا يحتاج  ما بين ٥٠ إلى ٦٠ دربا في اليوم، وعدم توفرها أدى إلى وقوع عدد كبير من الوفيات.ولذلك نجد الوضع الصحي ازداد تأزما انتشار الكوليرا الآن بصورة كبيرة، حيث وصل عدد الوفيات إلى حوالي ٣١٦ ألفا حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، وأيضا مع هطول السيول والأمطار، والوضع البيئي السيء انتشرت كثير من الأمراض الغريبة، مثل التهاب العين الحاد والتهابات الأنسجة الجلدية وتقيح الجلد.. وهناك صعوبة في حصر المصابين بتلك الأمراض بشكل دقيق، فضلا عن نقص  الكوادر الطبية في المستشفيات، مقارنة باستقبال عدد كبير  من المرضى والمصابين؛ مما أدى إلى خلل  كارثي ومأساوي.

باعتبارك ممثلة لنقابة الأطباء في السودان، هل خاطبتم الجهات المعنية، المحلية والدولية؟

  • ناشدنا مراكز الرعاية الصحية بالولايات والمنظمات الدولية والإنسانية بأن تقوم بتوفير المعينات الطبية والأدوية المنقذة للحياة، ودعونا السلطات لعدم احتجاز الأدوية، ومصادرتها مؤكدين أن هذا عمل غير إنساني، وناشدنا الدعم السريع لفتح مسارات آمنة لضمان وصول المساعدات الإنسانية، كما شددنا على ضرورة عدم إقحام كافة الكوادر الطبية في الصراع الدائر، والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين من الأطباء والمتطوعين في غرف الطوارئ.. خاصة أن الأطباء في وضع لايحسد عليه لتعرضهم لانتهاكات من الميليشيات، بينها القتل بسبب القصف والاعتقالات.

الدعم السريع تحتل المستشفيات وتنهب محتوياتها

هل تتهمون الدعم السريع بالاعتداء على المناحي الصحية؟

  • نعم، المستشفيات والمراكز يتم احتلالها من قبل الدعم السريع وطرد الكوادر الصحية، وتشريد المرضي وتقصف بالنيران والدانات؛ مما أدى لتدميرها وإتلاف كل محتوياتها.

 ماذا عن معاناة الأطباء بشكل مباشر؟

  • استهداف الأطباء يتم بشكل مباشر، والانتهاكات كثيرة؛ خطف وتهديد وتنكيل، ولاحول ولا قوة إلا بالله؛ ولذلك نناشد كل المنظمات الدولية، واتحاد الأطباء العرب للوقوف معنا.. على سبيل المثال قبل أقل من شهرين، في معسكر زمزم قُتِل كلُّ الطاقم الطبي بمن فيه ٨ أطباء.

230 طبيبًا سقطوا شهداء

 هل هناك إحصائيات بالضحايا من الأطباء؟

  • الأطباء منذ بداية الحرب طالهم الاستهداف وتعرضوا للتهديد والتنكيل والخطف والتحرش والاعتقالات  والموت.. في هذه الحرب استشهد أكثر من ٢٢٢ طبيبا، زيادة على الـ٨ أطباء الآن، وكلهم أثناء تأدية واجبهم، بالإضافة للتهديد العلني من طبيب الكيزان (عناصر الجبهة الإسلامية، جماعة النظام البائد والمؤتمر الوطني) طارق الهادي، وغيرهم من الكيزان وتحليل دمهم وتشويه سمعتهم، وغيرها من الممارسات التي تستهدف أطباء نقابة السودان، وكذلك اعتقال أكثر من ٣٠ طبيبا، واختفاء أكثر من ٢٠ طبيبا، ولا نعلم حتى أماكن تواجدهم، ووصل الأمر إلى اغتصاب طبيبات، وحسب ما وصل إلينا حوالي ٩ من الكوادر الصحية، وأيضا خطف طبيبتين.. أثناء اقتحام الدعم السريع لولايات الجزيرة في مستشفى رفاعة، واغتصابات في مستشفى “الحصاحيصا التعليمي” للكوادر الصحية.

 ما أثر تلك الانتهاكات على الكوادر الطبية، ومعاونيهم؟

  • استهداف الأطباء له خطورته في انعدام الكوادر الطبية والصحية؛ خوفا من كل ذلك، فأدى لنزوحهم وهجرتهم خارج البلاد، وأيضا نزوحهم لبعض المناطق الآمنة؛ لذلك أغلقت كثير من المشافي والمراكز الصحية أبوابها.. بنسبة حوالي ٨٥ % في الحقل الصحي؛ مما أدى لانتشار الأمراض، وتكدس المرضى في بعض المرافق الشغالة، وذلك لعدم تواجد الكوادر الصحية من أطباء، وتقنيين وكثر الموت والمضاعفات، ومن لا يقتل بالقصف والرصاص يموت بالمرض.. وناشدنا مرارا بعدم إقحام المستشفيات والكوادر الصحية في هذه الحرب اللعينة، لأن التعرض لهم يؤدي إلى كارثة وانهيار الوضع الصحي بالبلاد.

 

 

 

 

 

 

 بالتأكيد تأثرت معنوياتكم بسبب الأوضاع المأساوية.

  • نحن أطباء، نعمل لخدمة شعبنا ومواطنينا.. لقد أنشأنا غرفة طوارئ منذ يوم ١٥ أبريل، تاريخ نشوب الحرب، من أول يوم لشن الحرب، وأنشأنا لها فروعا في كل أقاليم السودان، نحن الآن مطاردون حين اشتدت الحرب في الخرطوم، ونزوح المواطنين لولاية الجزيرة، ومدينة ود مدني، وواصلنا عملنا بغرفة الطوارئ، ونقلنا إلى هناك، وأيضا تعرضوا للمرة الثانية بعد دخول “مدني” للتنكيل والقتل والتهديد، وضرب المستشفيات، وهاجروا أيضا لبعض المدن الآمنة وخارج البلاد، ونحن كأطباء، ليس لنا سلاح سوى المناشدة، وكتابة البيانات.. ولاحول لنا ولا قوة!! وما زال هنالك الآن ١٥ طبيبا وطبيبة رهن الاعتقال.

 كلمة أخيرة توجهينها للعالم؟

  • نحن دائما في مناشدة مستمرة.. ناشدنا كل المنظمات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة، وهيئاتها، وأطراف النزاع ولاحياة لمن تنادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى