الدكتور . بشير آدم رحمة في حوار خاص مع ( ترياق نيوز ) يقدم وصفات جريئة لإنقاذ الجنيه السوداني من الإنهيار الكامل ويتهم أصحاب مصالح لهم علاقات مع سياسيين وحكام يعطلون عملية الإصلاح الاقتصادي ـ .. وتجار ليس لديهم أمانة ..وسلوك الشعب الذي يعيش كأن الوضع بدون حرب ..ونحن ليس لدينا فقر !
واصل الجنيه السوداني التدهور المريع ووصل انخافضه لمستويات قياسية ، وذلك لأسباب معروفة سلفا بسبب حالة تدهور الاقتصاد السوداني الموروثة ولا سيما اندلاع الحرب التي عطلت الإنتاج ،
حوار – خاص – ترياق نيوز : عبدالباقي جبارة

واصل الجنيه السوداني التدهور المريع ووصل انخافضه لمستويات قياسية هذه الأيام ، وذلك لأسباب معروفة سلفا بسبب حالة تدهور الاقتصاد السوداني الموروثة ، ولا سيما اندلاع الحرب التي عطلت الإنتاج ، وافرازاتها الداخلية والخارجية التي أطبقت الحصار على السودان ، القيادي الإسلامي والرجل الاقتصادي والمصرفي المعروف الدكتور بشير آدم رحمة استنطقته ( ترياق نيوز ) لتشخيص الحالة الماثلة للجنيه السوداني وتقديم وصفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، وهل يمكن تجنب حالة الانهيار الكامل ويصبح الجنيه السوداني عملة غير مبرئة للذمة ام هنالك حلول عاجلة يمكن الاستعانة بها ؟ في المساحة التالية ما أدلى به :
الدكتور بشير آدم رحمة هل هنالك أسباب جديدة أدت لهذا التدهور المريع الذي يشهده الجنيه السوداني هذه الأيام ؟
دائما العملة الوطنية تتأثر بالناحية السياسية لأن الاقتصاد والسياسة مرتبطات مع بعضهما البعض ، ولذلك تجد حتى في الجامعات ومعاهد التدريب مسمى الاقتصاد السياسي .
ونحن الآن في السودان في حالة حرب ، لكن الناس في نفس الوقت يريدون أن يعيشوا في غير الحرب بالنسبة لاستهلاكهم وحياتهم العادية ومتطلباتهم اليومية ، لأن الحرب تأثر تأثير مباشر على الوضع الاقتصادي ، لأن في حالة الحرب يقل الإنتاج وقلة الإنتاج تحتاج لتعوض بالاستيراد والاستيراد يحتاج لعملة صعبة وخاصة الآن الدولار هو المتحكم في العالم ، لذلك تجد دائما لدينا اختلال في الميزان التجاري ، بمعنى وارداتنا تكون أكثر من صادراتنا أو من انتاجنا ، وعليه لا بد من السعي للتغطية من الدولار من مصادر أخرى ،
اين هذه المصادر ؟
البنك المركزي والبنوك الوطنية الأخرى لا تستطيع الاستجابة لطلبات الموردين لذلك الموردون يلجأوا للسوق الاسود ، والسوق الاسود معظمه يتوفر من المغتربين الموجودين في الخارج لذلك هؤلاء الموردين لديهم جهات يتصلوا بها ويطلبوا منهم يحولوا لهم عملة صعبة في حسابات غالبا تكون حسابات خارجية ، وعليه المكاتب تغري المغتربين بالمزايدة في شراء الدولار وكلما زاد الطلب ارتفع سعر الدولار وبالتالي انخفاض سعر الجنيه السوداني ، هذه هي المعادلة الموجودة الآن .
ما هي الأسباب الأساسية التي تعطل دخول عائد الصادرات لخزينة الدولة ؟
نحن لدينا صادرات الذهب والصادرات الأخرى الأولية سواء كانت انتاج زراعي أو حيواني هذه كلها رافعات للاقتصاد وبالتالي يمكن ترفع قيمة الجنيه ، لكن للاسف ليس لدينا أمانة لدى التجار أو المصدرين ، مثلا اذا تم تصدير طن السمسم بمبلغ معروف يقوم المصدر يكتبه بسعر أقل من السعر الذي تم التصدير به ويتم تجنيب المبلغ الذي تنقيصه ، ويذهب هذا المبلغ للسوق الاسود ولذلك لدينا عدم أمانة من قبل المصدرين .
المصدر الذي يمكن يأتي بعائد كبير هو الذهب لكن الذهب ليس عليه سيطرة من البنك المركزي أو من الحكومة ، ولذلك معظمه إما تم تصديره لصالح جهات حساباتها في الخارج أو تم تهريبه ، وهذه كلها ثغرات ويمكن أن تسد هذه الثغرات سريع جدا ، الآن الآن يمكن أن تكون هنالك بورصة في بورتسودان أو الخرطوم وهذا الأمر تحدث فيه الناس من زمن بعيد لكن أصحاب المصالح المرتبطين بالسياسين أو ناس في الحكومة يعطلوا هذا الأمر منذ عهد البشير .
ما هي الحلول :
الآن يجب أن يتم هذا الأمر أي إنشاء البورصة والذي يرغب في البيع او الشراء يؤمن له بأن هذا الذهب مختوم حتى يتم التوصيل له في الطيارة واين ما يريد يذهب به ويضع سعره بالعملة الصعبة ، وهذا الإجراء يجب أن يطبق على الذهب ملك الحكومة ونصيبها من المعدنين شركات أو تعدين أهلي والباقي يجب أن تذهب قيمته بالعملة الصعبة في حساباتهم داخل السودان ويكون عندهم مطلق الحرية في التصرف فيه وبالتالي يكون دولارنا داخل السودان بدل خارجه ، هذا الذهب إذا تم ضبطه لوحده يعدل الميزان التجاري .
وماذا يحدث إذا تم استمرار تدهور قيمة الجنيه السوداني هل يصبح غير مبرئ للذمة ؟
السؤال حول إذا استمر تدهور الجنيه السوداني يصبح بلا قيمة بالتأكيد ذلك ، ونحن لدينا مثال في ثمانينات القرن الماضي في الأرجنتين وصل مرحلة المواطن يحمل جوال نقود لا يستطيع دفع أجرة التاكسي .
الآن نحن هل يمكن نضبط هذا التدهور ، وكيف ؟
نعم يمكن ضبطه ، يتم ذلك عبر السيطرة على العملة المحلية ، حيث يمكن تتم السيطرة على العملة لدرجة جنيه لا يطلع من البنوك لأن الارجنتين في يوم واحد نزلت التضخم من رقم فلكي لصفر ، لأنه أصبح لا توجد هنالك نقود ، لكن نحن في السودان لدينا مشكلة وهي بأن العملة اي السيولة خارج البنوك عليه نحن محتاجين اصلاح مصرفي ، الآن المصارف لدينا مثل الدكاكين ، والحل يكمن في ربط هذه البنوك مع بعضها البعض مثلا عندنا بنك الثروة الحيوانية . البنك الزراعي وبنك المزارع كل هذه البنوك حكومية وكل بنك لديه مجلس إدارة لماذا لا تدمج في بنك واحد ؟ مثلا يسمى البنك المتحد للتنمية ، وهذا النموذج يمكن أن يطبق على معظم البنوك حتى يكون لديها رأس مال كبير ، عليه يمكن تتعامل مع البنوك العالمية ويمكن تستقطب دخل بدل الاعتماد على الحكومة وشغل الخزينة ووزير المالية ، ويتم تحجيم التحرير بصورة جادة وليس بصورة اخوي وأخوك . وكذلك زيادة الصادرات ويفتح مجالات كبيرة جدا ، ونحن لدينا صادر الذهب وصادر الماشية لوحده يعدل الميزان التجاري ويفضل . كل ذلك يأتي بإنهاء الحرب والإصلاح السياسي .
هل من وصفة أخرى ؟
ايضا للمحافظة أو استعادة قيمة الجنيه السوداني يمكن الابتعاد عن الدولار ، مثلا الآن لدينا واردات نقوم نحصي وارداتنا المهمة بالنسبة لنا وبتستهلك دولار وتأتي من اي بلد ، ونذهب نعمل اتفاقيات مع البلاد التي نستورد منها وبالعملة الصعبة نعمل اتفاقيات نلغي الدولار في التعاملات بيننا ويكون التعامل بالعملة المحلية ، مثلا نستورد من الصين بكذا مليار دولار ونصدر بكذا مبلغ عليه يجب نذهب نعمل اتفاق مع الحكومة الصينية والبنك المركزي الصيني لكي نشوف فتح الاعتمادات ونطلب منهم وضع مبلغ بالايوان الصيني في البنك فأي واحد مننا يريد التصدير يتم الدفع له الأيوان الصيني ويكون التعامل بالايوان والجنيه السوداني وبهذه الطريقة نكون انتهينا من الدولار ، وهذه التجربة يمكن تعمم مع البلدان والبنوك الأخرى ، واعتقد هنالك دول في الشرق الأوسط تتعامل مع الصين بالايوان والعملة المحلية وإلغاء التعامل بالدولار ، وكذلك الآن روسيا بدأت تتعامل بهذه الطريقة ، وحصل العام قبل الماضي عندما تمت مقاطعة روسيا والأخيرة بتصدر غاز لاوربا الغربية والأخيرة إذا لم تجد الغاز الروسي في الشتاء ستتجمد ، حيث طلبت روسيا دفع قيمة. الغاز بالروبن الروسي وبالتالي اضطروا يشتروا الروبن ويضعوا بلا عنه عملة صعبة وبالتالي روسيا أصبح لديها عملة صعبة وتبيع بضاعتها بعملتها ، لذلك نحن بالاتفاقيات المتبادلة يمكن ننتهي من موضوع الدولار وبالتالي يعتمدوا اعتماد أساسي على التبادل التجاري بالعملات المتبادلة بين الدولتين ، وبهذه الطريقة الجنيه السودان سيحصل له تعافي كبير ، لذلك هذه المسألة لا بد من البدء فيها لانها تساعد مع زيادة الصادرات حتى يرجع الجنيه لعافيته.
محيط السودان كله أو جله دول توجهها غربي وتتعامل بالدولار هل كيف يشذ السودان ؟
الحديث عن إننا موجودين في محيط غربي أي مربوط بالدول الغربية استعماري هذه هي العقلية التي نود محاربتها ، العقلية التي تفكر بأنك أنت إنسان مستعمر وليس شخص حر ، فعليه نحن نود تكسير هذه القيود ونخرج نذهب لأي جهة أخرى ، كل العالم شغال بهذه الطريقة ، هنالك مثال بدولة صغيرة جدا هي الصومال التي خرجت من جهة الغرب الآن لديها فائض بعد أن تخلصت من كل ديونها وأصبح لها فائض بالعملة الصعبة ، لا يمكن نحن دائما نكون مرهونين بعقلية المستعمر ، إذا استطعنا فك هذا الاستعمار سنذهب إلى الإمام ، ما الذي جعل السعودية المرتبطة بأمريكا تعمل اتفاقيات مع الصين وتصدر لها البترول اليوان لماذا لم تخضع لأمريكا رغم أنها تعمل لها حماية ، كذلك إيران قامت بنفس الإجراء ولذلك أن لا نفكر بعقلية العبيد وتربط أنفسنا بالغرب نحن نريد أن نتحرر منها ونذهب إلى الإمام .
كيف تنظر لتدهور الجنيه السوداني مقابل المصري هل له صلة بالحالة العامة ؟
هنالك سبب ثانوي أو عارض يؤدي إلى انخفاض العملة المحلية مثلا هذه الأيام ارتفاع قيمة الجنيه المصري مقابل الجنيه السوداني حتى تجاوز السبعين جنيه ، السبب بأن هنالك عدد كبير من السودانيين أكثر من مليون أتوا لمصر بسبب الحرب الآن بدأوا يرجعوا للسودان واي شخص قرر يرجع يعلم بأنه فقد كل شئ هنالك بسبب عمليات النهب بسبب الحرب وخاصة النساء اللائي فقدن الاثاث والأواني وغير ذلك هنالك اقبال كبير على شراء السلع من مصر بكميات هائلة ، لذلك هنالك طلب عاجل جدا ، وهذه الحالة انا اسميها الفقاعات ولا احكم بها وكل ناس الاقتصاد لا يحكمون بالفقاقيع لأنها دائما تكون لفترة محددة وستنتهي مباشرة في وقتها .
كلمة أخيرة :
هنالك نقطة أساسية وهذه النقطة تعتمد على الحكومة ، نحن طبعا في السودان ليس لدينا فقر هنالك أناس أغنياء غنى فاحش ، ولذلك المطلوب من السلطة القائمة وهؤلاء التجار اعتبرهم وطنيين ونموا تجارتهم وعملوا مال ، فإذا استطاعت الحكومة في هذا الظرف بأن تجتمع بهؤلاء الناس وتمنحهم سندات بمبالغهم وتطلب منهم في هذا الظرف الحرج وتقول لهم بأننا نحتاج لأشياء محددة من أجل استقرار المواطنيين لكي يرجعوا وينموا البلد اعتقد يمكن الناس تساهم وبسندات مقبولة ويمكن تكون لمدة محددة يساهم فيها كل رجال الأعمال مثلا من مليون أو عشرة مليون جنيه بسند لمدة عشرة سنوات ، لكن يجب أن يحسن استخدام هذه الأموال بحيث تذهب في مشاريع إما بنية أساسية تساعد في التنمية وزيادة الإنتاج ودعم الصادرات حتى يكون هنالك عائد للصادر ، وبهذه الطريقة يمكن رجال الأعمال يدعموا الدولة وهذه الطريقة حصلت في كثير من الدول .













