سلسلة حلقات توثيقية حول حياة الإمام الراحل / الصادق المهدي تحت عنوان (الرجل اللي خلف الإمام ) بشرى الصادق في أول بوح له للإعلام (2) .. شهادته على ( أدلجة ) الجيش السوداني وميلاد الدفاع الشعبي وأول حديث ضد الدعم السريع وكيف سُجن الامام وماذا دار بينه وبين الحركات المسلحة في باريس ..

تتابعون في هذه الحلقة الثانية بجانب المقدمة التحاق بشرى الصادق المهدي بالقوات المسلحة السودانية وشهادة حول (أدلجة الجيش ) وما يجدث داخل هذه المؤسسة في فترة حكم الانقاذ , وكذلك مهامه داخل القوات المسلحة وجهاز الأمن , وموقفه من سجن والده وملازمته له وتفاصيل أخرى .
مقدمة :
جاءت فكرة هذا الحوار مع الشخصية الغامضة التي ظلت تقف خلف الامام الصادق المهدي عليه الرحمة والرضوان , لمدة تقارب العقد من الزمان كان معه كظله , ولا يعرف معظم الناس عنه شيئا سوى أنه الأبن الأصغر للإمام بشرى
الصادق المهدي وكفى , لكن الملفت بأن هذا الرجل يتجلى فيه حزم العسكرية وأدب الانصارية , فكان لا بد أن يكون لديه مخزون معرفي وأخذ شئ من والده الرجل الأمة الإمام / الصادق المهدي صاحب العطاء الثر في مناحي الحياة , وظل الشخصية المحورية في المشهد السياسي السوداني منذ ريعان شبابه وحتى وفاته , بل بعد وفاته ظلت رؤاه تجري بين الناس ليهتدى بها من يشاء وإن كان في كثير من الأحيان يٌبكى عليها كاللبن المسكوب وخاصة بعد الأوضاع المزرية التي آلت إليها البلاد , جراء حرب 15 ابريل التي قضت على الأخضر واليابس , حيث علم الجميع بأن الإمام الصادق عليه الرحمة والغفران كان كثيرا ما حال دون إندلاعها , وما لبس أن رحل حتى غابت الحكمة بغياب (الكبير) فأنفرط العقد , وهذا الحوار الهدف منه تقفي أثر هذا الرجل الأمة من خلال أصغر أبناءه , لنكتشف بأنه خير خلف لخير سلف عندما جلسنا إليه , لم يكن مزهوٌا بتاريخ تليد أو حاضر مجيد , متواضع من غير ضعف متجنبا لساقط القول واسع الصدر, واضعا في ناظريه بأن (كل من عليها فان ) , لم نجده مجرد ناقل لمعلومات تيسرت له بمجرد مرافقته للإمام , بل متتبع لها كباحث وله تحليله ورؤيته الخاصة منذ عهد الامام محمد احمد المهدي وخلفاءه إلى أن آلت الأمامة لوالده , بشرى له قناعة تامة بأن نسل الإمام المهدي له رابط الدم والنسب والعقيدة مع جميع أهل السودان بحدوده القديمة من نمولي ل حلفا , ويقدم ذلك في تسلسل للنسب متسق مع المنطق والواقع , بجانب تعرفنا على بشرى وكسبه الخاص رغم صغر سنة وعدم ظهوره في الحياة العامة لكنه ملم بكل تفاصيل مآلات الأوضاع في السودان وله رؤيته فيه لكنه ليس لديه شبق الظهور الاعلامي أو تقديم نفسه كسياسي له تأهيله العسكري والمدني .
بجانب إكتشافنا لهذه الشخصية الذي يعتبر رجل دولة قادم بقوة فهو رجل مهام من طراز فريد , بالفعل تحصلنا على معلومات ثرة عن مرحلة مهمة من حياة الامام الصادق المهدي منذ عهد انقلاب الانقاذ المشؤوم الى وفاته عليه الرحمة , ولذلك في هذه السلسلة من الحلقات ستجدون كثير من المعلومات التي يشكف عنها لأول مرة وهنالك تصحيح أو تأكيد لبعض المعلومات المرتبطة بالامام الصادق المهدي أو بأسرته الصغيرة أو أسرة آل المهدي على العموم وأصهارهم , كذلك ستجدون تفاصيل دقيقة حول أحداث شغلت الرأي العام السوداني منذ رحلة (تهتدون) وحتى رحلة العلاج للامارات ووفاته عليه الرحمة , ورغم غزارة المعلومات التي حصلنا عليها وأعتبرنا ذلك حوارا توثيقيا لحقبة مهمة لهذا البيت الكبير إلا إننا لم ندع التوثيق بدقة وهنالك مختصين في هذا الشأن وهم أولى بذلك منا , وخاصة شخصية مثل الامام الصادق المهدي تحتاج لباحثين مختصين وأكثر منا إلماما بهذا التاريخ وهذا الكيان الكبير والشخصيات التاريخية فيه , وما نقدمه في هذه المحاولة أنه جهد المقل من صحفي مجرد مساهم في تبصرة الرأي العام فإن أصبنا ذلك التوفيق من الله وإن أخطأنا نسأل الله أجر الاجتهاد , وكما قال الحبيب بشرى الصادق المهدي في مستهل هذا الحوار : بأن التاريخ ليس مجرد معلومات يمر عليها الناس ويتداولوها للتسلية بل يجب الوقوف عندها لتصحيح الاخطاء واستصحاب الايجابيات , وهذا بالضبط هدفنا من هذا التوثيق , نتمنى لكم متابعة ممتعة مع حلقات هذا الحوار :
القاهرة ـ ترياق نيوز : عبدالباقي جبارة
الحلقة الثانية :
بشرى يلتحق بالقوات المسلحة السودانية :
يقول بشرى الصادق المهدي : ألتحقت بقوات الشعب المسلحة السودانية العام 2007م , الدفعة (48) قوات مسلحة وكان إلتحاقي بالفرقة التاسعة المحمولة جوا , حيث تم اعتماد تخرجي من الكلية الحربية المصرية وكانت لدي دورات متقدمة مثل دورة الصاقعة ودورة معلمي الصاقعة مظلات , والقفز الحر نلتها في جمهورية مصر العربية جميعها وتم اعتمادها في الجيش السوداني وأول رتبة لفي ملازم أول هي نفس رتبة دفعتي (48) . وبعد ذلك تم إنتدابي لجهاز الأمن وفيه كنت مسؤل التدريب المتقدم في كرري بالقرب من لواء الاقتحام الجوي , حيث خدمت فيه فترة ومن ثم رجعت للقوات المسلحة , حيث نلت فيها كل الدورات الحتمية وهي دورة قادة المشاة في جبيت , دورة قادة الفصائل في معهد المشاة جبيت , ودورة قادة السرايا ودورة قادة الكتائب وهذه الدورات حتمية , والضابط لن يترقى إلا إذا نال هذه الدورات , وكذلك نلت دورة تربية ودورة إقتحام جوي ودورة متفجرات متقدمة بخبرة امريكية , حيث خدمت في الجيش حتى رتبة المقدم .
شهادة بشرى على أدلجة القوات المسلحة في عهد الانقاذ :
يقول بشرى : موضوع أدلجة القوات المسلحة السودانية على يد قادة حكومة الانقاذ تم على مراحل , حيث منذ استلامهم للسلطة في العام 1989م جعلوا الدخول للكلية الحربية الشرط الاساسي تكون منتمي لتنظيم الحركة الاسلامية , كان شخص عير منتمي للحركة الاسلامية ليس لديه فرصة لدخول القوات المسلحة وبالذات الكلية الحربية التي تخرج ضباط القوات المسلحة , ولذلك نجد الدفعة (40) هذه الدفعة هي التي دخلت مباشرة بعد مجي الانقاذ في يونيو 1989م هذه الدفعة تقريبا دخلت الكلية الحربية فبراير ـ مارس 1990م وما يعرف عن هذه الدفعة جميعهم ينتمون للحركة الاسلامية حيث يتراوح عدد الدفعة من 260 الى 300 طالب حربي , وكذلك الدفعة التي أتت بعدها لكن في ذلك الوقت كان هنالك استنزاف حرب الجنوب , حيث كان الاستنزاف للضباط والعساكر معا وعدد الشهداء كبير جدا , عليه كانت القوات المسلحة السودانية محتاجة تعويض بشري فلذلك اضطروا لفتح الكلية الحربية لكل الناس وكان الهدف من ذلك لكي يقاتلوا في جنوب السودان , ومن هنا نبعت فكرة الدفاع الشعبي .
فكرة الدفاع الشعبي :
فكرة الدفاع الشعبي لأن الدكتور حسن الترابي عراب الحركة الاسلامية عليه الرحمة يعتقد أنه في الاسلام ليس هنالك قوة نظامية هنالك مجموعة بسيطة لحفظ النظام , ولذلك يرى بأن الجيش ليس له معنى وخاصة بأن عدده كبير جدا ووجه صرف باهظ , وكانت الفكرة بأن يكون كل الشعب مقاتل والجميع يتلقى التدريب وإذا دعا داعي كل الناس تقاتل وتكون هنالك قوة محدودة لحماية الأمن والنظام , وكذلك الهدف من الدفاع الشعب بأن تكون كل القوة مأدلجة لحماية النظام حيث غير جرعات التدريب العسكري يأخذوا دورات توعوية مرتبطة بأفكار التنظيم (كوادر) ليصبحوا حركة اسلامية . وحتى الترقي للضباط أصبح حسب رضا النظام عنك , وكلها مرتبطة بهدفين اساسين هما انت ما موالي لنا أو تخفيف الصرف , على ما أذكر كان هنالك خمسة ضباط تلقوا تدريب متقدم جدا في امريكا لمدة خمسة سنوات , وبسبب تقرير من فرد استخبارات يتحدث عن بعض تصرفاتهم نزلوهم جميعا بعد صرفت عليهم الدولة لمدة خمسة سنوات وتلقوا هذا التدريب المتقدم . أما سبب لجوء ضباط الجيش للتجارة والالتحاق بوظائف في الشركات بسبب أن المرتبات غير مجزية , وهنالك ضباط ما يرجع من عمله الرسمي تجده يمارس عمل جانبي مثل أن يسوق “أمجاد” أو تاكسي أو يشتغل سمسمار وغير ذلك , وكل ذلك غير صحيح وهذا نفسه خلل أمني يمكن أن يدخل عبره العدو , وهنالك ضباط كثر فضلوا السوق على عمل العسكرية . وأعتقد هذا السبب الذي جعل الدعم السريع تكون عنده قوة كبيرة جدا لانه وفر احتياجاتى هذه القوات ولذلك اصبحوا هم القوة المقاتلة على الارض . على المستوى الشخصي انا كان كل وقتي في التدريب وليس لدي علاقة بالمكاتب وما بذهب إليها , وذلك من 2007م وحتى 2014م أنا في المعسكر .
أول شكوى للمواطنيين من قوات الدعم السريع :
في العام 2014م كان هنالك انعقاد للهيئة المركزية لحزب الأمة القومي وفي هذا الاجتماع حضر الأعضاء من جميع أنحاء السودان . أعضاء الحزب من كردفان ودارفورفي هذا الاجتماع أشتكوا من تصرفات الدعم السريع , وقالوا بأن هذه القوات دخلت مناطقهم وعاثوا فسادا واشتكوا من مختلف تصرفاتهم حيث تكون الدعم السريع العام 2012م .
أول حديث للإمام الصادق المهدي :
خلال مؤتمر صحفي قال رئيس حزب الأمة إمام الأنصار الصادق المهدي عليه الرحمة قال : في مناطق دارفور وكردفان أهلنا تعرضوا لهجوم من قوات الدعم السريع وطالبت الحكومة بتكوين مجلس تحقيق لتقصي الحقائق تدين المدان وتبرئ البرئ , حيث شنت كل مستويات الحكم في السودان وقالوا بأنه يريد أن يقوض النظام ويعمل فتنة بين القوات النظامية حيث فتحت فيه ستة مواد جنائية فيها مواد تصل عقوبتها الاعدام , حيث تم سجنه مدة شهر في سجن كوبر القومي , كل ذلك لأن الدول صانعة للدعم السريع وحينها كان البشير يقول : (حميدتي حمايتي) , والآن أصبح الشيطان الأكبر لأنه أصبح ضدهم , وحتى هذا الوقت أنا في القوات المسلحة ولم أشعر بأي مضايقات أو تمييزوخاصة من الزملاء لكن صحيح بعض الناس قد يتهيبوا التعامل معي .
تصدى بشرى لحماية والده :
منذ اعتقالي الحبيب الوالد حزَ في نفسي فكيف بنظام أنا أقوم له بتدريب قواته ويكون تصرفه تجاه الوالد هكذا , حتى لم يتم اخطارنا أو شرح ما فعله بهم بل تفاجأنا بإعتقاله في وسائل الاعلام بما فيه توجيه التهم ومذكرة الاعتقال , زمنذ ذاك الوقت أصبحت مباشر معه , وأشكر مدير سجن كوبر حينها لم أتذكر اسمه فقال لي : بالنسبة لنا أنت الشخص المعروف وأي وقت تود زيارة الوالد مرحب بك , وايضا إذا أردت تحضر له أشئ , لذلك كنت أذهب له في اليوم من خمسة الى ستة مرات , وأكون محمل بالشاي والصحف وكذلك الوجبات واستمر ذلك طيلة فترة السجن لمدة شهر .
الصادق المهدي يلتقي قادة الحركات المسلحة بباريس :
عندما خرج الوالد من السجن سافر جمهورية مصر العربية ومنها ذهب الى باريس حيث ألتلقى قادة الحركات المسلحة وعليه تم اعلان باريس حيث أقنع هذه الحركات بالتخلي عن اسقاط النظام بالقوة والتخلي عن تقرير المصير .
تفرغ بشرى لحماية والده بصورة مستديمة :
عندما تم اعتقال الوالد عليه رحمة الله حزَ في أنفسنا كثيرا وخاصة حتى لم تتم مشاورتنا أو مجرد إخطارنا , إذا علينا الأمر كنا سننظر في الاختيارات , مثلا يمكن أقدم استقالتي أو غير ذلك لكنني تفجأت بأنه وجهت له التهم وسجن , ولذلك قررت أكون مرافق للوالد ولم أقدم استقالتي , ومنذ العام 2014م لم أذهب للمعكسر إطلاقا , ومرافقة الوالد قراري مني أنا فقط وحتى نفسيا لم أستطع لبس الميري مرة أخرى , والوالد قال لي خير ولم يعلق على ذلك .