مدير عام بنك أم درمان الوطني بروف. عبدالمنعم محمد الطيب في حوار مع (ترياق نيوز) 2-2: … أسباب تدهور الجنيه السوداني ليست جديدة ولا يوجد بنك أعلن إفلاسه أو أغلق … لم نتأثر كثيرًا بالحظر المفروض علينا ولدينا وسائلنا لدرء أي مخاطر … نحن نؤمن بالمنافسة والتكامل هدفنا ونسعى للشمول المالي وفتحنا (3) فروع جديدة … قمتُ بجولة لفروعنا في (7) ولايات وجلستُ مع كل المستويات ونستهدف قطاعات الصحة، التعليم والكهرباء
خلال الورشة الثالثة ضمن الورش الممهدة لملتقى رجال الأعمال السوداني المصري والتي جاءت تحت عنوان (تكامل العمل المصرفي بين السودان ومصر) جاءت مشاركة مدير عام بنك أم درمان الوطني بروفيسور عبدالمنعم محمد الطيب على غير المتوقع، حيث قدم ورقة شاملة حول تكامل العمل المصرفي بين السودان

حوار: عبدالباقي جبارة

خلال الورشة الثالثة ضمن الورش الممهدة لملتقى رجال الأعمال السوداني المصري والتي جاءت تحت عنوان (تكامل العمل المصرفي بين السودان ومصر) جاءت مشاركة مدير عام بنك أم درمان الوطني بروفيسور عبدالمنعم محمد الطيب على غير المتوقع، حيث قدم ورقة شاملة حول تكامل العمل المصرفي بين السودان ومصر وكذلك التبادل التجاري بين البلدين. هذه الورقة جعلت الجميع يستعدل في جلسته، ومن خلالها كان النقاش ثرًّا وملتقى رجال الأعمال في ديسمبر القادم واعدًا إذا ما نُفّذ ما جاء من توصيات في ورقة بروفيسور عبدالمنعم، الأمر الذي أغرانا نحن في صحيفة (ترياق نيوز) لنجري معه هذا الحوار الذي تطرق لعدة مواضيع ابتداءً من منطلقات مشاركته في هذه الورشة، ثم كواليس ما يدور في مؤسسته بنك أم درمان الوطني، وشيء من الهم العام ما يتعلق بالعمل المصرفي وجهود تعافي الجنيه السوداني فكان الحوار معه ثرًّا لا يقل أهمية عن الورقة التي قدمها، فإلى ما أدلى به:
بنك أم درمان الوطني رغم فخامة الاسم لكن هنالك بعض التعقيدات بالتعامل بالتطبيقات مثل التحويلات. ما هي المشكلة وكيف ترون موقعكم في مقابل البنوك التي تعتبر متقدمة في هذا الجانب؟
أولًا نحن نؤمن بالمنافسة، وثانيًا نؤمن بالتكامل، وهدفنا نحن والآخرين خدمة هذا البلاد. في الجانب التقني المتعلق بالتطبيقات نحن لدينا بشريات كبيرة سنطلقها قريبًا إن شاء الله، الهدف منها إرضاء العميل وتقديم خدمة متميزة. أما الآن نقوم بمساهمات كبيرة في المشاريع الاقتصادية والتنمية، وكثير من الأعمال الجارية تجد فيها بنك أم درمان الوطني، والبنك مفتوح لكل القطاعات وكل الفئات. وفي هذا العام فتحنا فرعًا في الدبة، وفرعًا في وادي حلفا، وكذلك فرعًا في المناقل. هذه المدن قبل الحرب لم يكن فيها فروع للبنك، وأيضًا متجهون للريف، ونرغب في زيادة الشمول المالي لارتفاع مستوى المعيشة للمواطنين، وأيضًا نسعى لتأهيل المنتجين وكذلك نسعى لتغيير النمط، خاصة بعد الحرب أصبح أغلب الناس يعتمدون على المغتربين.
هنالك نظرة للبنوك تنطبق عليها مقولة (يزداد الأغنياء غنى والفقراء فقرًا) باعتبارها تمول المقتدرين فقط. فما هي الشرائح المستهدفة عندكم بالتمويل؟
أنا باعتباري المدير العام لبنك أم درمان الوطني عملتُ جولة لفروع البنك في عدد سبع ولايات منذ أن تسلمت زمام الأمور في هذا البنك في مطلع مايو الماضي، وجلست مع كل الفئات ابتداءً من حكومة الولاية، رجال الأعمال، التجار، الجهات المتخصصة، مؤسسات الدولة، مؤسسات القطاع الخاص، البنك المركزي في أي ولاية، والبنوك الأخرى من غير بنك أم درمان الوطني. هذه الجلسات قمنا خلالها بحلحلة كثير من الإشكالات ووجدنا أننا محتاجون دعمًا كبيرًا للقطاع الصحي والتعليم وخدمات الكهرباء. هذه أهم ثلاثة جوانب تحتاج دعمًا كبيرًا. خلال جولتي هذه قابلت حالة مواطن مريض تم نقله لثلاث ولايات بحثًا عن جهاز، وحتى إذا وجد الجهاز تجد المرضى بالصف. حتى حالات الوفاة أصبحت مرهقة اقتصاديًا بسبب التنقل من مكان لمكان بحثًا عن العلاج، ولذلك أصبحنا نسعى لتوطين قطاع الصحة واستجلاب الأجهزة الحديثة، ولذلك فتحنا لأصحاب هذا المجال التمويل وبشروط ميسرة لتقليل التكلفة للمواطن. ونستهدف القطاع الخاص وحتى قطاع الحكومة، من يأتي ولديه رؤية للتمويل لا نمانع في ذلك، وتمويلنا يقلل التكلفة بصورة كبيرة. من التحديات حالات التعثر بالنسبة للمواطنين. هنالك آليات مع البنك المركزي نسعى لمعالجتها، وكذلك تسهيل الضمانات للفئات التي تعمل في مؤسسات ونود العمل معها.
ماذا عن إسهام القطاع المصرفي في درء آثار المواطنين الذين هجروا منازلهم؟
هذه واحدة من القضايا التي نسعى للمساهمة فيها: كيف نرجع الناس لبيوتها. هنالك بعض الناس يأخذ التمويل لكن لا يوظفه في الغرض الأساسي. نحن نريد من المواطن أن يبدأ تدريجيًا بالاحتياجات الضرورية مثل السراير، الثلاجات، الغسالة، أي نبدأ بالضروريات. أيضًا نعمل على تمويل سلة رمضان والأضاحي، لكن كل هذه الأشياء استهلاكية. لكن نحن نسعى لمشروعات إنتاجية للصناعات الصغيرة والأدوات الحرفية مثل عصارات الزيوت ومحالج القطن وغيرها من أدوات حرفية تساعد الأسر في زيادة الدخل ومكافحة الفقر. هنالك كثير من المنتجات الزراعية في موسمها تفسد دون استغلالها الاستغلال المفيد.
كيف ترى تأسيس القرار السياسي على البنوك مثال توجيه بالتمويل حتى إذا كان هنالك مخالفة للضوابط؟
أنا أصدقك القول بأنني أعمل بمهنية تامة وحتى الآن لا يوجد شخص لديه تأثير. وحتى الجهات التي نقوم بتمويلها ندقق في المشروعات ومتابعتها ونقوم بالزيارات الميدانية، وحتى بعد التنفيذ تتم متابعة هذه المشروعات من قبلنا.
حدثنا عن اهتمامكم بالكادر البشري في البنك؟
نحن الآن موفرون سكنًا للعاملين بالبنك بمساهمة قليلة منهم، ومنحناهم تمويل ستة شهور لمدة سنتين، وسلفية ثلاثة شهور، وحافز شهرين. كل ذلك من أجل رفع الكفاءة وتقديم خدمة جيدة لعملائنا. ونحن نؤكد بأن بنك أم درمان الوطني منفتح على جميع الفئات ويمكن التعامل معه بكل أريحية، وهدفنا الأساسي أن نساعد في الاستقرار وإعادة الإعمار.
بحسب خبرتك وتجاربك، كيف نستعيد عافية الجنيه السوداني في ظل الظروف التي مرت بها البلاد؟
بالتأكيد مسألة تدهور قيمة الجنيه السوداني ليست وليدة اللحظة. المشكلة تقوم على ضلعين اثنين: شح النقد الأجنبي، والمعضلة الثانية الأثر الذي نتج بعد انفصال الجنوب حيث فقدت البلاد موارد البترول. وتتتلخص المشكلة في كثرة الطلب على العملات الأجنبية أمام عرض قليل. العرض القليل السبب فيه ضعف الصادر، والصادر مرتبط بالإنتاج والصناعة والمنافسة وجوانب أخرى. أيضًا ضبط الاحتياطات؛ نحن ليس لدينا احتياطي من النقد الأجنبي. والآن الحرب أثرت تأثيرًا كبيرًا جدًا؛ قلت الصادرات بشكل كبير، وأيضًا تحويلات المغتربين كانت تمثل نسبة مقدرة الآن أصبحت لا تأتي للسودان وأصبحت إما تظل في بلدانها أو تتحول لبلدان أخرى. كذلك الحرب قللت موضوع الإنتاج في المناطق الزراعية. الآن نحن محتاجون نكون احتياطيًا من النقد الأجنبي، وفوائد الاحتياطي من النقد الأجنبي تغطي تكلفة الاستيراد لفترة تجعلك توفر احتياطيًا آخر. لكن الآن نحن نعمل برزق اليوم باليوم. ونحن الآن في عهد أختنا مديرة الجهاز المركزي نعمل على عمل احتياطي من النقد الأجنبي.
ما هي مساهمة المصارف في مثل هذه القضية؟
مساهمة المصارف هي أن كل عمليات الاستيراد والصادر تتم عبر الجهاز المصرفي المرخص، وكذلك نعمل تسهيلات في عملية الاستيراد، وأيضًا يجب أن تكون منافذنا المالية جيدة، وكذلك البراءة المالية يجب أن تكون جيدة. والحمد لله رغم الظروف القاسية التي مر بها السودان لم يكن لدينا بنك أفلس أو أغلق أبوابه.
هل هذه مكابرة؟
لا أبدًا، وأكبر دليل أن جميع عملاء البنوك لا يوجد من فقد مدخراته حتى بالعملات الصعبة، الاسترداد متاح ودون تأخير.
إلى أي مدى تأثرت المصارف بالحظر الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على السودان فيما يتعلق بـ(الإي بان)؟
بالتأكيد موضوع الحظر أثره محدود، ودائمًا البنوك تجد الطرق التي يمكن تتعامل بها داخليًا أو خارجيًا، وكثير من البنوك لديها علاقات خارجية جيدة، وهنالك وفود تأتي للسودان من الخارج.
كثير من الأصوات تنادي بدمج المصارف. ما هي الفوائد المرجوة من ذلك وهل يتعارض ذلك مع روح التنافس؟
مثلًا تجد عددًا من البنوك مؤسسيها نفس الشركات. مثل هذه البنوك يجب أن تندمج. الاندماج يحقق مركزًا ماليًا متميزًا وكذلك علاقات أوسع، وممكن يرفع لك البنوك الضعيفة. ومسألة الدمج مستخدمة في كل الدول وهنالك تجارب كثيرة يمكن أن تعمل كيانًا كبيرًا ويذهب إلى الأمام.
هل تفضل تخصصية المصارف أم الشمول؟
أنا أفضل أن يكون البنك شاملًا، يقدم أي خدمة، لأن الأنشطة نفسها مرتبطة مع بعضها البعض: زراعي، صناعي، تجاري، وكلها مكملة لبعضها البعض.
صف لنا علاقاتكم البينية: وزارة المالية، بنك السودان المركزي، والمصارف. هل هنالك تقاطعات؟
بالتأكيد البنوك تتبع للبنك المركزي، والمركزي لديه استقلالية، ولكن ذلك لا يمنع أن تعمل وفقًا لكل السياسات المالية التي تصدرها وزارة المالية أو التي يصدرها البنك المركزي، والاثنان مكملان لبعضهما البعض. وهنالك قرارات موحدة مثل سياسة سعر الصرف، الناتج المحلي، والنظام المصرفي. كل هذه السياسات تكاملية بين وزارة المالية والبنك المركزي، وتُنقل هذه السياسات كموجهات للمصارف، يقوم بتنفيذها البنك، والبنك ينزلها للفروع، والفروع تنزلها للعملاء: شركات أو أفراد. مثلًا البنك المركزي لديه وسيلة لاسترداد المديونيات، لكن أفضل وسيلة هي الإقناع الأدبي. رغم أن هنالك تعاونًا كبيرًا بين المصارف التجارية والبنك المركزي، ودائمًا تتم استشارتنا وتكون هنالك حلقات نقاش ونصل لرأي مشترك.
هنالك قضية “يبقى لحين السداد”. كان هنالك حديث حول جدوى هذا القانون. ما هو رأيك في ذلك؟
نحن حاولنا أي عميل، ونسبة لظروف الحرب، عملنا معه تسوية. ونحن في يقيننا بأن ضمان الحقوق كلها الثقة المتوفرة بين الزبون والدائن، والشفافية أكثر من القوانين. هنالك ناس داخل السجون وشغالون، وهنالك ناس خارج السجون وما شغالون، ولذلك الثقة هي الأساس. إذا اقترعتُ أنا بمشاكلك يمكن مرة أخرى أدينك حتى تنهض من جديد، والنظرة يجب ألا تكون مادية بحتة، لا بد من النظر إلى القيم والظروف؛ لها اعتبار كبير جدًا.
أخيرًا:
أود أن أبعث رسالة لكافة أبناء المجتمع: يجب عليهم جميعًا أن يتعاملوا مع البنوك ويتخلوا عن موضوع التعامل مع الورق. ثانيًا، نحن لدينا مساعٍ مع جهات أخرى حتى الذي يملك تلفون (ربيكا) يعمل بدون إنترنت حتى نحقق العمل المالي في جانب التحويلات، وتصبح الكتلة النقدية مهما دخلت البنوك تستطيع توجيهها للجهات التي تحتاجها، ومطلوب توفر كل خيارات التطبيقات للتعامل.













