عبدالمنعم محمد داؤود .. يكتب .. نداء من قلب السودان الجريح !

أيها الشعب السوداني العظيم،
أيها القادة،
أيها العالم الذي يصمت كثيرًا ويشاهد طويلًا…
أتحدث إليكم اليوم لا من موقع سلطة، ولا من خلف الميكروفونات الباردة، بل من عمق المعاناة، من نبض وطن يتألم بصمت، وينزف على مرأى من الجميع.
السودان اليوم، ليس مركزًا أو هامشًا، وليس أزمة في إقليم دون آخر.
السودان كله جريح. الخرطوم، الفاشر، ود مدني، الأبيض، القضارف… كل شبر فيه ينزف.
لقد انهار جدار الوهم، وسقطت كل الأقنعة: ما عاد هناك من ينعم بالاستقرار، فكل البيوت ارتجفت، وكل الأمهات بكين، وكل الأمل صار يُحمل في أكياس النزوح.
لقد تحوّلت الحرب إلى مقصلة جماعية، لا تفرّق بين طفل وشيخ، بين مدني وجندي، بين غني وفقير.
الشعب السوداني على بكرة أبيه يعاني:
أطفالٌ بلا تعليم،
أسرٌ بلا مأوى،
مدنٌ بلا كهرباء ولا ماء،
وجيلٌ بأكمله يُسحق بين مطرقة الجوع وسندان الخوف.
أين العدالة؟
أين الدولة؟
أين الإنسانية؟
أيها القادة العسكريون والسياسيون،
لقد فشلتم في بناء دولة، ونجحتم في تمزيق وطن.
أنتم تتنقلون بين العواصم، والشعب يتنقل بين المقابر.
أنتم تتنازعون على الكراسي، وهو يتنازع على البقاء.
النساء السودانيات يحملن اليوم الوطن وحدهن.
هن من يُطعمن، ويحمين، ويغسلن جراح الحرب.
الرجال فقدوا كل ما لديهم، ليس فقط المال والمأوى، بل حتى الإحساس بالأمان.
الشتات السوداني بلغ مداه، ولم يعد للسوداني مأوى في أرضه ولا احترام في غُربته.
إن هذه ليست حربًا على السلطة فقط، بل حرب على روح الوطن.
والشعب السوداني، ذلك الشعب الذي صبر كثيرًا، وسكت طويلًا، لم يعد يطيق هذا العبث.
نقولها اليوم دون مواربة:
نحن لا نريد مبادرات تُدار من الخارج، ولا تسويات تُبنى على حساب الضحايا.
نريد عدالة، محاسبة، مشروع وطني حقيقي، لا يتحكم فيه من حملوا السلاح، بل من حملوا ضمائرهم وشرفهم وحبهم لهذا البلد.
أيها العالم…
السودان لا يحتاج تعاطفكم، بل وقوفكم الجاد.
لا يحتاج مؤتمرات، بل مواقف شجاعة، وإنسانية لا تُفرّق بين الدماء.
أيها السودانيون…
مهما اشتدت العتمة، فإن فجر العدالة سيبزغ.
ومهما طال ليل الحرب، فإن صوتنا سيعلو على أزيز الرصاص.
فلنكتب تاريخنا بدموعنا لا بأقلام المرتزقة،
فلنحمل وطننا بأكتافنا، لا ننتظره من الموائد المستديرة.
عاش السودان حرًا،
وعاش شعبه كريمًا،
ولا نامت أعين القتلة والمُتاجرين بآلامه.
*بقلم: عبد المنعم محمد داؤد*
*كاتب وباحث سوداني*