اعمدة

الجميل الفاضل .. (عين علي الحرب ).. وهل للحروب من فوائد؟! (1)

 

 

 

 

    بالتدبير والتنفيذ، أو بالإشتراك والتضامن، فإن كل من خرج من رحم “الإخوان المسلمين” في السودان، من تيارات ومن تكوينات، ظهر منها ما ظهر، وبطن منها ما بطن، قد أضحت هي كلها مجتمعة، غاب قوسين أو أدني من تحمل كافة أوزار هذه الحرب، وكل ما ترتب علي وقوعها من آثار، وما أدت أو قادت إليه من نتائج.
فقد بات في حكم المؤكد أن هذه الطيف الإخواني متعدد الأسماء والواجهات، هو وحده المسئول أولا وأخيرا وإن بدرجات متفاوتة، عن إدخال البلاد في هذه الفتنة الكبري، التي أفضت بها أو أسلمتها للحرب.

 

 

 

تلك الحرب التي أحالت بالفعل نهار السودان المشرق، الي ليل مظلم دامس، شديد السواد.
فيما علي الأرض لم تفلح هذه الجماعة المتناسلة، في أن تخالف والي يومنا هذا، كافة تفاصيل ما توقعه لها الأستاذ محمود محمد طه في سبعينات القرن الماضي، من مقدمات تقود لنتائج متدرجة، رجح أن تودي في النهاية بهذه الجماعة الي سوء عاقبة ومنقلب، بقوله:”سوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسيا واقتصاديا حتى لو بالوسائل العسكرية.

 

 

 

 

 

 

وسوف تذيق الشعب الأمرين.
وسوف يدخلون البلاد فى فتنة تحيل نهارها إلي ليل.
وسوف تنتهى بينهم.
وسوف يقتلعون من أرض السودان إقتلاعاً”.
المهم فإن أكثر ما أدهشني في كل توقعات الأستاذ محمود لهذه الجماعة، قوله المحير: “من الأفضل للشعب السودانى أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الدينى.
وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية.
إذ إنها بلا شك سوف تكشف مدى زيف شعارات هذه الجماعة”.
لكن قد بدا لي مؤخرا، أنه لولا سيطرة هذه الجماعة علي السودان برمته، سياسيا وإقتصاديا، عبر الوسائل العسكرية، لما تأتي لها أن تذيق هذا الشعب الأبي العزيز الكريم، “الأمرين”.
ولما تمكنت من إدخال البلاد في هذه الفتنة التي أحالت نهارها الي ليل.
إذ لولا كل ما جري من تمنع وعزوف شعبي واسع عن الإنخراط في هذه الحرب، فإنها والفتنة التي ولدتها، ما كان لها أن تنتهي فقط بين “الإخوان” وحدهم، الذين أعترف اليوم أحد كبار قادتهم بفقدان الفين من شبابهم، رغم ذلك الحرص الذي كانوا قد أبدوه في بداياتها لإدخار قوتهم.
علي أية حال فانه لولا مأزق الحرب الذي أوقع “الإخوان” أنفسهم فيه، ما كان بالإمكان أبدا تصور كيف يمكن إقتلاع “هذه الجماعة” التي تجذرت بعمق بعيد، من أرض السودان اقتلاعا.
رغم ثورة ملايين السودانيين ضد النظام “الإخواني”، الذي عرف بوسم “ثنائية الفساد والإستبداد”، قبل أن تكشف حرب دفاع الإسلاميين الحالية عن نظامهم، عن أبشع وجوه الحرب علي الإطلاق، من صور للذبح والحرق وبقر للبطون، وأكل للأكباد والأحشاء، ورمي للناس موتي أو أحياء في النهر أو في الترع والقنوات.
ذلك فضلا عن السجل الكالح القديم لنظام “الإخوان” الذي عرف علي مدي ثلاثين عاما، بممارسته لأكبر حملات إبادة جماعية في جنوب السودان راح ضحيتها قرابة مليونين من البشر، وفي إقليم دارفور أكثر من ثلاثمائة الف شخص، وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية الحقت رأس النظام وكبار قادته بقوائم المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
إضافة لجرائم ومجازر أخري حدثت ما بعد عزل البشير نفسه، وفي مقدمتها بالطبع مذبحة إعتصام القيادة العامة للجيش، الي جانب القتل الممنهج لأكثر من مائة من المتظاهرين ضد إنقلاب البرهان قبل وقوع هذه الحرب.
الحقيقة فإن كل ما يمكن أن يكشف زيف شعارات جماعة الإسلام السياسي في السودان قد حدث، وأتصور أن نوع هذا الكشف فادح الثمن، هو ما سيجعل من تجربة حكم “الإخوان” مفيدة للغاية، وفق تعبير محمود محمد طه، إذ بضدها تعرف دائما الأشياء.
ولعل مظنة فائدة هذه التجربة ونوعها، يذكري بمقولة لسيدنا عمر بن الخطاب قال فيها: “لولا الجاهلية لما عرفنا الإسلام”.
عموما ولهذا كله، ربما رأي الأستاذ محمود، أنه من الأفضل للشعب السوداني أن يمر بهذه التجربة القاسية، والمستمرة الي الآن بشكل أو بآخر.
-يتبع-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى