اعمدة

عبدالباقي جبارة.. يكتب.. ( فزع الحروف) ..قائد متحرك الابداع ( حتة) !

 

 

    لم يجف مداد قلمي وهو منهك جراء البحث المضني عن كلمات تليق بالزميل العزيز مبارك حتة الصحفي والمصور البارع الذي يرفد ذاكرة الأمة رسما بعدسته وحرفا بقلمه ، وهو يختار الزاوية الجنوبية للعاصمة الوطنية ام درمان وما ادراك ما جنوب ام درمان ارض فرسان الجموعية التي اختارها الامام المهدي مدخلا لتحرير الخرطوم، هذه البقعة المباركة تحتضن سر لا يدركه الكثيرين ألا وهو ( جبل طورية) أو ( الجبل المقلوب) سمي المقلوب لأن تمدده داخل الارض اكبر من جزءه الظاهر وهذا السر تعرفه شركات المقاولات التي عّمرت منه الخرطوم بعماراتها وشوارع الاسفلت التي كانت كشلوخ سودانية اصيلة على خدها النديان ومقرن النيلين ثغرها الباسم ، لذلك سر هذا الجبل كان هو القلعة التي تخندق فيها ابطال الامام المهدي وانطلقوا منه حتى حرروا الخرطوم واجتزوا رأس المستعمر غردون، فلذلك هذا الجبل له فضل تحرير الخرطوم وتعميرها.. فكانت دهشتي في المقال السابق بتواجد الرائع (حتة) في هذه الارض التاريخية والجميع يعلم بأن امتدادات اراضي الجموعية حتى جزيرة توتي وام درمان باريافها شمالا وجنوبا فهذا المبدع حتة عندما تخندق الجميع عند جهوياتهم وقبائلهم ليكونوا جزءا من الصراع الدموي او يحموا انفسهم من الصراع الدموي.. كنت اتساءل عن وجود (حتة ) في ارض اجداده ورجوعه لجذوره ارض الجموعية السليمانية وجبيل الطينة والسمرة حاج الطاهرة وحتى المنتهزة جنوبا مرورا بخزان جبل اولياء هل يا ترى سقط مبدع آخر في مستنقع اتون هذه الحرب اللعينة؟ مستنفرا كان او اشوسا او أيٍ من ادوات القتل والتشريد والتهجير وغيرها من افرازات هذه الحرب وجرائمها التي لا تحصى ولا تعد ؟! .. فتلقيت اجابات من مبارك حتة وهي عبارة عن لوحات جمالية التقطها بعدسته تعبر عن سحر الطبيعة في سهول اراضي الجموعية وملامح من الشاطئ الغربي للنيل الابيض الذي يلهمك السكون والطمأنينة وهو يتمدد كأن قعقعة المدافع وازيز الطائرات الحربية لا تعنيه في شئ.. فتيقنت بأن عزيزي ( حتة) ما زال يحتفظ برزانته وعينيه المقلوزتان اللتان سرعان ما تتحولان لسهام تصطاد فريسة عبارة عن لوحة تعبر عن ألف مقال ومقال وكل الذي أرسله لي من صور لم اندهش بها كثيرا، ليس لانها لم تحمل جديد بل لإداركي بأن هذا الفنان اعمق بكثير من ذلك لكن هذا هو المتاح له في زمن يُقتل فيه الابداع في كل اتجاه.. لكن فاجأني قبل الشروع في كتابة هذا المقال بصورة في تقديري اقل وصف يناله منها بأنها ( حتة..قائد الابداع الذي يصنع الحياة) .. هذه الصورة تحوي مشهد يعبر عن ما يدور في بلادنا اختزلت فيه كل المشاهد.. هذه الصورة ببساطة عبارة عن لوحة فيها النيران مشتعلة على الارض وألسنة اللهب والدخان تتصاعد لتقضي على الأخضر واليابس وهنالك طيور تتشبث بالاغصان وتفرد اجنحتها طلبا للنجاة.. فهو كحال كل الشعب السودان الان ارضه تحترق من تحت اقدامه وهو متشبث باغصان النزوح واللجوء وفارد اجنحته طلبا للنجاة.. فمن يصدق بأن هذا المُلهم بأن يختزل كل هذا المشهد العابث في لقطة بعدسته البارعة؟!!! لله درك ايها الفتى المفتون بالابداع وحاملا قضيته ما بين نظرته الثاقبة وعدسته الساحرة..!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى