اعمدة

الجميل الفاضل .. يكتب .. “عين على الحقيقة” ..غير أني الآن غيري؟! (1)

 

 

 

 

فيما كنت أطالع بقاعة الزعيم الأفريقي “جومو كينياتا” بنيروبي، وجوه من أسسوا بعد أيام قليلة من ذلك اليوم، جبهة الميثاق العلماني، التي عرفت بتحالف السودان التأسيسي.
طاف بخاطري سيناريو قصة غابة، كان بها ثلاثة ثيران وأسد، هي قصة شهيرة بخلاصتها التي جرت مجري المثل، تقول: “أكلت يوم أكل الثور الأبيض”.
علي أية حال، تقول القصة: أنه كان بغابة ثلاثة ثيران أبيض، وأسود، وأحمر، وكان معهم في الغابة أسد ظل يتربص بهم يريد أن يفترس ثلاثتهم، بيد أنه خشي فقط مغبة مواجهتهم مجتمعين، فلجأ لأسلوب الحيلة قائلا للثورين الأسود والأحمر: “إن لوني قريب من لونكما، أما هذا الثور الأبيض فلونه غريب بيننا، ولذا فأنه سيبدو لكل ناظر واضحاً كالشامة من بعيد، بما يشكل وجوده بيننا خطرا علينا جميعا، حيث أن أي صياد يمكن أن يراه من أبعد مسافة فيستدل به على مكاننا فيصطادنا كلنا، فلو أنكما تركتماه لي آكله لاستطعنا أن نتوارى عن أعين الصيادين”.
فسمع الثوران كلام الأسد، وتركا له الثور الأبيض فأكله، ومضت أيام، واشتاق الأسد مجددا للحم الثيران، فجاء إلى الثور الأحمر وقال له: “إن لوني يشبه لونك، ولابد أن بيننا قرابة بعيدة، من عهد أسلافنا، فلو أنك تركت لي الثور الأسود آكله، لصارت الغابة كلها لنا بلا شريك”، فسمع الثور الأحمر كلام الأسد، وترك له الثور الأسود فأكله.
ثم مضت أيام أخرى، فاشتهي الأسد لحم الثيران ولم يبقي في الغابة سوي الأسد والثور الأحمر وحيدا، لا يجد من يؤازره ويحميه أو يدافع، عنه، فجاء إليه الأسد ليفترسه.
فقال له الثور الأحمر: ماذا تريد مني يا قريبي؟!.
فقال له الأسد بلا مواربة هذه المرة: “إن بي شوقاً شديداً إلى لحم الثيران، وأريد أن آكلك”.
قال له الثور الأحمر بانكسار وحزن: “ليس في قدرتي أن أمنعك، لكن ماذا لو أمهلتني لحظات حتى أغني أغنية قبل أن تأكلني؟”.
قال السبع: “غنّ أغنيتك”.
فرفع الثور الأحمر عقيرته يغني:
“أين مني الآن أصحابي لنلقى السبع صفا
لو بقوا صفا لما آنس فينا السبع ضعفا
ضِعت مذ ضيعتُ من آمُل للعون فكلني
لم يعد لي بعد من ضيعت من أرجو لعون
التقى الثيران في جوفك لما إفترقوا
ليتهم قد عرفوا قبل الردى أن يلتقوا
إنما يأكُل وحش الغاب من يلقاه فردا
لا يطيق السبع أن يلقى فريقا مستعدا”.
-ونواصل-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى