حوارات

دكتور . كاستلو قرنق في حوار تاريخي : أجدادي دفنوا احياء يإرادتهم،، والإنجليز هم الذين حولوا قياداتنا الدينية إلى سلطوية …. قبائل الدينكا لا تعرف الهيمنة والاضطهاد من أجل السلطة !!

 

 

 

 

حوار : عبدالباقي جبارة

 

 

 

 

يعد واحدا من القيادات التاريخية لدولة الجنوب الناڜئة له علاقات واسعة مع الغرب حيث عاش اربعة عقود في المانيا ، وهو أول سفير بأوربا للحركة الشعبية برئاسة الراحل دكتور جون قرنق ، والان يعتبر الاب الروحي للجيش الوطني ودائما يتم ترشيحه للعب دور مهم في الفترة المقبلة ، يعد كاستلو أول قيادي اهتم بمشروعات البني التحية لهذه الدولة الحديثة ، وله رؤية مهمة جدا للمصالحات الوطنية والالتزام بالاتفاقية التي اُبرمت مع حكومة الرئيس سلفاكير ، مرشح بقوة للعب دور مهم ومحوري في المرحلة المقبلة في المساحة التالية نتابع إفاداته :

 

 

 

 

 

 

هل حقا أن مجلس أعيان الدينكا هم من يسيطرون علي الجنوب ويتحكمون فيه كما يقال ؟

اولآ أعضاء مجلس الأعيان الحالي الذين يعتبرون أنفسهم يمثلون الدينكا وهم في الأساس لا يمثلون إلا أنفسهم إذ أنهم ليس من الإدارة الأهلية التي هي متوسطة لها الحديث عن قبائل الدينكا ليس كل من (هب ودب) يضع على عاتقه تلك المسؤولية انا شخصيآ ابن سلطان مرموق ولنا سلطنة معروفة تسمى – ايات- تقع شمال الغربي لولاية شمال بحر الغزال وحدودها مع الرزيقات ونعرف كير وجدي من كبار أعيان الدينكا الذين لعبوا دورآ مهمآ في تحديد الميل 14الذي نتحدث عنه الان وهذه المنطقة هي تقع جنوب نهر كير (بحر العرب) وهذه الحدود لم تكن إدارية بل للرعي فقط نسبة لهطول الأمطار في مناطق الجنوب باكرآ وبالرغم من إن للأسرة تاريخ ديني معروف وأنا كبير العائلة لأ أدعي بانني من كبار اعيان الدينكا بالرغم إن عمري يحلني أن ارفع مثل هذا الأدعاء فالقضية في المقام الأول ليس ضياع عمر فقط بل مرتبطة بالتركيبة القبلية والعشائرية .

 

 

 

 

 

و ما هي قاعدة الإدارة الأهلية في ذلك الزمان؟

 

 

 

 

 

 

جذور الإدارة الأهلية في منطقتي مثالآ تابعة من قاعدة دينية وليس من أفكار سلطوية دنيوية حيث كان جدي لوال اشول (لوال الاسود) الذي أسس أيات مثل زعماء الطرق الصوفية في شمال السودان ويعتبر رجل دين مثل ما يسمى في الكنيسة (قديس) وكان يعالج بالكلام ولا يعالج بالأدوية إذ كان يخاطب ألارواح الحميدة ويدعو أجداده القدماء في زمن الشدائد طالبآ منهم العون والمساعدة كوسطاء بين الأحياء ورب العالمين .وهو كان يطلب منهم العفو والعلاج ولذلك هذه السلطنة قامت على اساس ديني وليس بوليس او سجن او شيئ من هذا القبيل وكل الناس ارتضوا بإن هذا الإنسان زعيم روحي لنا ويستشار في (الحرب والسلام واسمه لوال اشول ) بمعني لوال الاسود .

 

 

 

 

ومتى بدأت تتغير هذه القاعدة للادارة الأهلية من دينية إلى سلطوية؟

 

 

 

 

 

 

عندما جاء البريطانيون وجدوا جدي الكبير (داو) وجدي والد( لوال) كانوا على قيد الحياة عند مجي الإنجليز وفي ذلك الوقت لم يكن هنالك لقب سلطان بالمفهوم الحالي حيث أصبح كل من اراد يسمي نفسه سلطانآ حتى أصبح عدد السلاطين اكبر كان هولاء القيادات الروحية في الأصل يعرفونه باللقب (بنج) والبنج هو كبير القوم ولكن على قاعدة دينية روحيين. فالدينكا توحيدوين لأن في لغة الدينكا الرب (مفرد) (نيالج) يعني (الله) وبالرغم إن كل زعيم روحي يدعو قديسيه المرتبطين بقبيلته و أسرته ، إلا الرب عند الدينكا واحد ولا يوجد (جمع) ومن ثم جاء الفترة الاستعمارية وأخذ البريطانيون رجال الدين وصبغوا عليهم صبغة دنيوية وجعلهم سلاطين والقاعدة الأساسية أن السلطان ربانية في ذلك الحين لم يكن هنالك فصل بين الشؤون الدنيوية والدينية لأن أصل السلطة عند الدينكا (بنج) يعني (كبير القوم) وتقاس بمقدراته الروحية ومخاطبته للأرواح والجانب الآخر من الطقوس القديمة ، وفي اسرتي مثالآ تجد إن جدي لوال اشول (لوال الاسود) وجدي (داو) دفنوا احياء وكان في عرف الدينكا أن القيادات الدينية المشهودة لها بالتدين العميق لا تسمح لنفسها أن تموت بل يطلبوا من عشيرتهم أن يدفنوا احياء ويتركوا …

 

 

 

 

 

 

والسبب الأساسي في ذلك أن هولاء القيادات الدينية في (أسر) محددة ومعروفة كانت تعتبر مسكونة – بما يعني أنه فيهم روح مقدسة هي التي تخولهم بمخاطبة الأرواح والمعالجة والتنبؤ بالمجهول. ويحدد الذي يدفن حيآ متى يغادر او متى يترك حياة الديناة قبل المرض او الموت لكي تخرج الروح الساكنة مبكرآ وتغادر الجسد ، ولا شرط يكون كهلآ او مريضآ ، وهم بأنفسهم يدعون القبائل ويحتفلون بنهاية عمرهم وبرضاءهم التام ولا يجبروا على ذلك ،والزعيم التي اختار الموت الحياة الروح الساكنة والقبيلة من بعده ينزل بمرافقة خليفته المختار إلى القبر ،والقبر مجهزة بطريقة معينه ،وهذا الخليفة هو الذي يستقبل الروح بعد ممات الزعيم الروحي ،والروح ينتقل إلى الخليفة وتجعله بذلك قائدآ روحي يقود شعبه ويرشدهم وينصحهم حتى يدفن بدوره حياءآ،ولا يوجد ولم يكن هنالك ادعاءات للقيادة لان الأسر التى كانت تقبل بمثل هذه التضحية كانت معروفة وهي مقتنعة بأنها مسكونة فليس كل انسان يريد أن يدفن حياً . ولهذا لم تكن هنالك صراع على هذا المنصب كما هو اليوم ،والقائد السياسي أصبح يسمى اليوم عند الدينكا (بنج) حتى لو أفتقد الجانب الروحي وهذا اللقب محبوب عند السياسيين الدينكا فقد وصل القبائل إلى القاهرة في الجنوب وفقدت معانيها الديني ولم يكن هنالك صراع حول هذا المنصب لأن الأرواح والحياة الأخرى لأ تسمع كل منادي غير المخولة له منادة الأرواح، فالزمن لم يكن زمن الادعاءات والصراعات حول السلطة حيث في اسرتي ابتداءآ من جدي (لوال اشول) اي (لوال الاسود) ومن قبلهم دفنوا احياء ما عدى والدي وجدي (بنج لوال داو) ولم يكن هنالك سيطرة على الجيران من القبائل الأخرى واردة ولم تكن هنالك دعوة دينية لأن هذه الأسر المسكونة تعتبر مقدراتها الروحية موهبة إلهية لا يمكن تقليدها والاشياء المقدسة للخلاف حولها عشيرتي مثالآ هي عشيرة (فهوول) و (الفهوول) اسم العشيرة.

 

 

 

 

 

 

 

 

وهي تعتبر (الهوول) وهنالك فرق طبعآ لان الهوول يعني عظم الفخذ (والهوول) رمزها المقدس وهنالك عشائر تعتبر الشمس او النار او الأسد رموزهم المقدسة ولا نخلط بين الرموز والآلهة إذ أن هذه العشائر لا تعتبر هذه الرموز إلاهآ بل ذوي علاقة قرابة مع العشيرة فمن يعتبرون الأسد رمزآ مقدسآ لا يقتلون الأسد ونحن (فهوول) لا نكسر عظم الفخذ وتعتبر من أوائل الأسر الدينية عند الدينكا ويسموهم أهل اللحم واللحم هناء رمزآ التدين والحياة.

وماذا عن عائلتك أنت ماهم أفرادها؟

لدي أكثر من مئة أخ وأخت ووالدي لديه ثلاثين زوجة وجدي كان له أكثر من ذلك وأمثال السلطان عبدالباقي الذي له حوالي تسعين زوجة .

إذن ماهو أساس الصراع بين الدينكا والنوير ؟

كما ذكرته سابقآ هو الأساس ،وقصة قتال الدينكا يصارعوا النوير أو الشلك والزاندي هذا في تاريخنا غير موجود وفي عرف الدينكا لا يوجد محاربة الأقليات وفي طبيعتهم وتركيبتهم لابد من الإفتخار بالإنتصار فإذا هزمت قبيلة صغيرة لا تستطيع الإفتخار بها.

هنالك مقولة أن الزعيم الروحي للنوير تنبأ لهم برجل يحكم الجنوب كل مواصفاته توفرت في رياك مشار ما رأيكم في ذلك ؟

 

 

 

 

 

 

ولكن لو نظرنا لهذا الحديث من ناحية منطقية نجد بإن رياك مشار ليس الأفلج الوحيد ولا الأشول الوحيد وكذلك لم يحدد (موندينق) في “نبوته”، الوقت الذي يأتي فيه هذا الشخص بهذه المواصفات ولذلك ربما يكون رياك مشار و ربما يكون “إنسان آخر” وربما في “زمن آخر” ،ولكن لكي يصيب هذا التنبوء لابد أن يؤمن الدينكا بهذا “الخليفة” أو المهدي المنتظر كما عند الشيعة.

ولكن الدينكا لا يؤمنون بذلك وعليه نحن الدينكا لم نعمل ممالك بهجمات على قبائل أخرى والسيطرة عليها،
وهذا ليس موجودآ في تاريخنا ولو كان حدث ذلك في تاريخنا ما لكان له أثر
إلا أننا نتعايش مع قبائل المختلفة وهنالك قبائل موجودة معنا مثل قبائل (اللو)،وهنالك مجموعات من هذه القبائل مع الدينكا لا يوجد من أستولى على أراضيهم .

 

 

 

 

 

 

ومنها قبائل تعتبر أقليات ولكن لها وجود في منظومة الجيش منها قيادات في الجيش الشعبي مثل “رئيس هيئة الأركان” فهو من شمال بحر الغزال ويتحدث لغة الدينكا وكذلك له لغته الخاصة وهنالك جزء من قبيلة (اللو) هاجروا وأستقروا في كينيا .

لكن هناك صراع بين أقليات ما هي أسباب الصراعات القبلية في ذاك الوقت ؟

الصراعات كانت كلها حول المراعي وقضايا الشرف أو سرقة الأبقار، والدينكا كانوا يشبهون العرب في الجاهلية… في العادات في ما يتعلق بالنساء مثلا شخص ما أبنته حبلت من شخص ما ورفض الزواج بها وعند الدينكا اي علاقة خارج الزواج تعتبر واحدة من ألاسباب التي تودي الى الحرب، وكان رجال الدين الروحين دائما يتوسطون ويحلون المشاكل على هذا الشاكلة .
وحتى مسالة الزواج كان عندنا بالتراتبية فإذا أخاك الأكبر سنآ لم يتزوج فأنت لا تتزوج وفي المقابل بنسبة لللاخوات ويعتبر البنت الأصغر سنآ ممكن تتزوج لكنها تضيق فرص زواج البنت الكبرى لأن السؤال يدور لماذا تم تجاوزها فلذلك الأخت الصغيرة لابد من أن تتربص وتنتظر ، وهذا التقليد حصل لي شخصيا حيث أنا ذهبت لألمانيا وأخواني الصغار كبروا وأرادوا الزواج وبالطبع الزواج هنا يتم بصورة مبكرة و أولى لي أن أوافق ولذلك أنا قلت لوالدي دعهم يتزوجوا وأنا سأتزوج على طريقتي وبالطبع عند الدينكا إذا لم تدفع البقر زواجك لا يسجل بصورة رسمية ولذلك أنا حاولت أدفع البقر لنسايبي الألمان ولكنهم لم يرغبوا في البقر.

ماذا تذكر عن حروب الدينكا التي قادوها مسبقاً؟

معظم حروب الدينكا كانت مع أفخاذ الدينكا ولم تكن مع قبائل أخرى وهنالك حروب بين النوير في بعضهم وهنالك حروب بين الدينكا والنوير في مناطق التماس ولكنها ليس بإسم قبيلة ولا بسبب سلطة وإنما بأسباب مثل المراعي وقضايا الشرف وغيرها من الأسباب الإجتماعية وفي السابق كان كبار القبائل هم الذين يوقفون الحرب أو يمنعوها عكس الآن إذا أعتبرنا سلطان الدينكا سلفاكير وسلطان النوير هو رياك مشار يجب عليهم هم الذين يمنعوا الحرب ولا يتسببون فيها نحن كنا نحارب العرب جدي لوال كان يحاربهم ايضآ ،والاسباب فيها تتعلق غالبآ بعد اختطافهم بناتنا ونحن نقوم بذات الأمر ردآ عليهم وونتيجة لذلك الخلط تجد العلاقة بين القيادات علاقة حميدة ومشتركة ولذلك والدي في وقت الحرب 1964م ذهب بي للناظر مادبو وإذا نظرنا للأمر بالشكل الحالي كما يفعل القيادات الآن كان يفترض والدي هو الذي يحارب مادبو في ذلك الوقت.

دكتور هل الحركة الشعبية تأسست على بنيان قبلي مثلا قائد الحركة من الدينكا يمنح المواقع الهامة للدينكا ويمنح الآخرين من القيائل الأخرى مواقع هامشية ؟

 

 

 

 

 

 

 

لا أبدا أصلا التمرد بدأ قبل جون قرنق ولكن معظم الناس يربطون التمرد بجون قرنق منهم صاموئل قاي توت وهو ينتمي للنوير، ووهنالك مجموعة شمال بحرالغزال ايضآ تمردوا في أنانيا تو وحينها تمرد، د جون قرنق و وجد كاربينو و وليم نون تمردا في بور وكان الأعلى رتبة حينها د جون قرنق، ولذلك أصبح د قرنق في وضع حرج إما أن يوقف التمرد أو ينضم للتمرد فأختار الإنضمام.

ولكن النقطة الأساسية هو أن الدينكا والنوير وكل قبائل الجنوب كلهم ضحايا الحركة الشعبية وضحايا الخلافات التى نشبت بين قيادات الحركة الشعبية وهذه الخلافات ليس على أساس قبلي فقط بل أطماع شخصية سلطوية تتعلق في من سيكون الخليفة سلفاكير ومنهم من يريد ان يكون الرئيس في حين الازمة الاساسية لم تكن قبلية اطلاقآ ولكنهم رجعوا للقبيلة لكي يصلوا إلى مبتغاهم ، واختاروا لأهدافهم الشخصية خيار حمل السلاح و رجع كل واحد منهم لقبيلته وبداوا بقولهم ان سلفاكير يضطهد الناس والفساد في حين الذي حدث في الجنوب لم يحصل من قبل قبيلة و الدينكا لا ناقة لهم ولا جمل بل كل قيادات الحركة الشعبية أفسدوا وأستغلوا ضعف سلفاكير أو عدم إهتمامه بالتفاصيل و عملوا أموال وساروا أغنياء وعندما جئنا ليوم الحساب قالوا هذه سلطة الدينكا ولذلك الدينكا كقبيلة تضرروا بشدة من أطماع قيادات الدينكا في الحركة الشعبية وكذلك النوير تضرروا من النوير في الحركة الشعبية وكذلك الشلك ولكن الإنسان العادي الذي تضرر لم يكن يعرف سبب الإختلاف .

 

 

 

 

 

ولكن الدينكا بحكم الأغلبية يقع عليهم العبء الأكبر اليس كذلك ؟

نعم ولذلك الآن الحديث المشاع بحكم إن الرئيس سلفاكير من الدينكا أنهم يضطهدون القبائل الأخرى والخطورة الآن لو كل القبائل توحدت ضد الدينكا لن يكون هنالك سلام والمستفيد من ذلك قيادات الحركة الشعبية الذين أرتكبوا الجرائم،
وربما ليس لديهم قاعدة قبلية وأنهم يستفيدون من الهوس الذي رسخ عند الدينكا بأنهم مستهدفون وذلك حبا في سلفاكير ولكن خوفا من الخليفة بمعنى إذا هزم سلفاكير هم خسرانين ،ولكن الدول الغربية فهمت ذلك بأن الذين هم رأس النظام أرتكبوا جرائم بإستخدام قبائلهم ولكن لسوء الحظ السياسين الجنوبين الذين يريدون التغيير لم يفهموا ذلك .
استغل الإنجليز رجال الدين الذين تحفظوا على المصادمة المباشرة مع المشتعمر وجعلوا منهم سلاطين بنسبة مقدرة من الحكم الذاتي .
ام رجال الدين الذين فضلوا المواجهة العسكرية مع الإنجليز مثل ارياط في اويل فألقى القبض عليهم وعين سلاطين بدائلهم بدون خلفية دينية وهذا هي بداية السلطات والعموديات الدنيوية دون مرجع الدين 

 

 

 

اما الحركة الشعبية فبدأت تعيين سلاطين بطريقة فوضوية حسب الولاء وابغادت بذلك الادارة الأهلية معناها التاريخي .

 

 

 

هذا الحوار نشر بصحيفة الوطن العام 2017م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى