اعمدة

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. القوى المدنية تحلق بجناحين !

 

 

 

    من اسرار ثورة ١٩ ديسمبر العجيبة كل ما مر عليها الزمن تزداد رسوخا ونضوجا ولمعانا ، وأؤكد أنها منتصرة لا محالة كيف ومتى الله أعلم ، لكن الشواهد كلها تؤكد بأن أعداءها يعملون على بلوغ غاياتها وهم كارهون ( كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون ) ، أما أنصارها كل الذين قصرت نظرتهم واعياهم المسير يتساقطون يوما بعد يوم ، بالأمس أنقسمت القوى المدنية التي تمثل عظم الثورة إلى جناحين اثنين ، الشاهد في الأمر الانقسامات في الأوساط السياسية والمنظمات المدنية وحتى العسكرية في السودان أصبحت أمر طبيعي للغاية ، ودائما بالتأكيد أي انقسام يؤدي إلى حالة أضعاف ومدخل للأعداء ، إلا في حالة الانقسام الأخير في ( تقدم ) سابقا و( صمود ) الآن في انتظار اسم الجناح الآخر ، هذا الانقسام الذي أرسى أدبا جديدا لا يمكن نقول صوري وكذلك لا يمكن نقول استراتيجي أو تكتيكي بل هو تخلق جديد من تخلقات وتجليات ثورة ١٩ ديسمبر ، كل الذي حدث جبهة عريضة جدا حققت كثير من الإنجازات في سبيل ايقاف الحرب ، على الأقل كسبت ثقة المجتمع الدولي وكل الفئات المدركة لطبيعة الصراع الدائر في السودان الآن ، وعندما اقتربت من لحظة الحسم اختلفت جزئيا في تتويج هذا الجهد ، وبدلا من نسف كل الجهود السابقة والبدء من الصفر تجلت مقدرات قيادته ممثلة في حمدوك وصحبه الكرام في إدارة الخلاف بحكمة وتروي ، حيث لا ندري كيف تمت إدارة هذه اللحظة التاريخية بالضبط ، لكن خلاصة هذه النقاشات أخرجت تجربة بيضاء تسر الناظرين والخلاصة هي بأن هذه القوى المدنية جميعها على قلب رجل واحد في الأهداف الكلية ، اختلفوا في وسائل تحقيق هذه الأهداف أو بلوغ غاياتها ، وكل مجموعة طرحت طريق رأت أنه هو الأسلم والاقرب ، وعندما عجز كل طرف من إقناع الطرف الآخر بطرحه اختارا أن يحلقوا بجناحين اثنين والإبقاء على الأهداف الكلية وما تحقق منها كجسم ثابت وقاسم مشترك ويعمل بجناحين على المحافظة عليه ، ولذلك تم التنازل عن الاسم القديم من قبل الطرفين طواعية وهو أمر شكلي لكنه حتى لا يستغل في حالة استقطاب جديدة ، وكذلك لم يخرج أي طرف يلعن الآخر . بل الطرفان تركا الباب مفتوحا يمكن أن يلتقيا في أي لحظة ، واجمل تعليق تابعته من أحدهم قائلا : لم نر أحد المدنين تم ذبحه لانه خان أو غدر أو حوكم بقانون وجوه غريبة .. وإني لارى رؤى العين بأن هذان الجناحان سيرددان مع الراحل المقيم وردي في ساحة الحرية وقريبا جدا بإذن الله انشودة الفيتوري السحرية :

 

 

اصبح الصبح
ولا السجن ولا السجان باقي
واذا الفجر جناحان يرفان عليك
واذا الحزن الذي كحل هاتيك المآقي
والذي شد وثاقا لوثاق
والذي بعثرنا في كل وادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي
أصبح الصبح
وها نحن مع النور التقينا
التقى جيل البطولات
بجيل التضحيات
التقى كل شهيد
قهر الظلم ومات
بشهيد لم يزل يبذر في الأرض
بذور الذكريات
أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
بالذي اصبح شمسا في يدينا
وغناء عاطرا تعدو به الريح
فتختال الهوينى
من كل قلب يا بلادي
فرحة نابعة من كل قلب يابلادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى