اعمدة

د. نبيل نجم الدين .. يكتب.. تحديات 2025 مصرياً !

3- الاقتصاد وشح الدولار

 

 

 

   في حوار مفتوح أجراه الرئيس السيسي مع طلاب الكلية الحربية أوائل يناير الجاري قال الرئيس” إن قدرة ‏الدولة على ضمان مستوى لائق من الخدمات وظروف المعيشة لمواطنيها ‏تتحدد بمواردها”.‏

 

 

 

 

 

 

هذا يعني أن قدرة الدولة المصرية على الوفاء بواجباتها من تقديم الخدمات الأساسية من تعليم ورعاية صحية وخدمات أمنية ورعاية اجتماعية وسكن وفرص عمل للمواطنين المصريين كل هذه الخدمات تعتمد بوضوح على حجم موارد الدولة..

 

 

 

 

 

حديثي اليوم لن يتطرق إلا إلى هذه القضية بالتحديد ” موارد الدولة المصرية” وهو الأمر الذي يتعلق بالاقتصاد الكلي MACRO ECONOMY أي اقتصاد الدولة الذي يتعامل مع القضايا الاقتصادية العامة مثل الدخل والناتج القومي، والسياسة النقدية، ومعدلات النمو الاقتصادي، ومعدلات التضخم، ومعدلات البطالة، ومعدلات العجز والفائض، ومستويات الفقر..

 

 

 

 

 

 

 

وهناك الاقتصاد الجزئي MICRO ECONOMY الذي يركز على اقتصاديات الأسواق الفردية.. والعلاقة بين المُنتِج والمستهلك، ومعدلات العرض والطلب، والإنتاج ‏والاستهلاك والتجارة الداخلية.. فالاقتصاد الجزئي MICRO ECONOMY يُعتبر أداة قياس لتحليل نتائج التغيرات الاقتصادية ‏الكلية التي تحدث نتيجة تطبيق نظريات و مبادئ وسياسات الاقتصاد الكلي.. ‏

 

 

 

 

 

الاقتصاد الكلي يركز على تعظيم موارد الدخل القومي والنمو العام، بينما يهدف ‏الاقتصاد الجزئي إلى تعظيم مصالح وأرباح المؤسسات والمواطن عاملاً أو فلاحاً أو موظفاً أو رجل أعمال..‏أي أن قرارات وسياسات المجموعة الوزارية الاقتصادية هي التي تنتج المادة التي يعمل بها وعليها الاقتصاد الجزئي..

 

 

 

 

 

 

 

 

وهذه المقدمة ضرورية لتحديد المهام والواجبات والمسؤوليات فأكبر تحدي يواجه الدولة المصرية والمواطنين في مصر هو شح الدولار وتناقص الموارد.. اللذان ينعكسان سلباً على تصاعد معدلات العجز ومعدلات التضخم وزيادة الأسعار التي هي مجتمعة تفاقم من حياة المواطن وتزيد من معدلات عدم الرضا العام..

إن هذا الملف بلا شك هو من واجبات ومهام ومسؤوليات وزراء المجموعة الوزارية الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من محافظ البنك المركزي المصري، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ووزير المالية ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية..

 

 

 

 

 

 

 

 

لقد وافق مجلس الوزراء في مصر على موازنة السنة المالية 2024/2025 بحجم إنفاق متوقع يقدر 6.4 تريليون جنيه مصري، أي ما يعادل 135.4 مليار دولار وبحجم إيرادات متوقعة بحجم 5.05 تريليون جنيه أي ما يعادل 106.9 مليارات دولار وهكذا فالعجز العام المتوقع للموازنة يتوقع أن يصل إلى 28.5 مليار دولار تقريباً..

فكيف يتم التعامل مع هذا التحدي” شح الدولار والموارد ؟؟” علينا بلا أية فلسفة وبلا أي تضييع للوقت أن نتجنب تبنى الطريق التقليدي السهل.. بخفض الإنفاق.. فهو ليس حلاً.. أنه طريق وأسلوب الكسالى..وغير المؤهلين.. وعديمي الطموح والخيال.. والمفلسين عديمي الابتكار الذين طالما صدعوا رؤوسنا ودمروا مقدراتنا بتبني سياسة ضغط الانفاق.. إنهم أدمنوا إحالة مشكلة العجز وقلة الموارد إلى موازنة العام القادم ” ويبقى يحلها ألف حلال !!” فيزيدون من استفحال المشكل الاقتصادي.. تماما كما تفعل معظم الأسر المصرية.. فبدلاً من زيادة دخل الأسرة عن طريق تعليم وتدريب وشحذ همم وطاقات كل أفراد الأسرة ليخرجوا للعمل ويجتهدون ويزيدون دخل الأسرة.. نضغط الانفاق ونضحي بالبند تلو الآخر. وقد يكون واحد منهم حيوي لاستمرار الأسرة لتنزلق حياة الأسرة كلها إلى جحيم ضغط الانفاق..

وحتى لا يكون كلامنا مجرد فرقعات في الهواء بعيداً عن الواقع.. سنفرد السطور الباقية لتلخيص رؤية وطنية اقتصادية طموحة تتغلب على تحديات شح الدولار ونقص الموارد..

ولنبدأ بتحديد” الرؤية البديلة لسياسة ضغط الإنفاق والاقتراض” ..هذه الرؤية باختصار شديد عنوانها” تعظيم موارد الدخل القومي العام الحالية المتاحة.. وخلق موارد دخل عام جديدة..”

هذا الوطن العظيم مصر أغنى من أي بلد في المنطقة.. وهذا ليس شعار إنه حقيقة تاريخية.. فثروة البلاد لا تحسب بالمال فقط فهناك خمس موارد تشكل وتساهم في غنى وثراء وتقدم الأوطان

أول هذه الموارد: الإدارة العامة PUBLIC ADMINISTRATION وتتمثل في رئيس الوزراء ومجلس الوزراء

ثانياً :علوم وفنون الإدارة MANAGEMENT للمؤسسات الربحية وغير الربحية

ثالثاً: الموارد البشرية التي يتم تعليمها وتدريبها وتأهيلها وتزويدها بالمهارات ‏العملية والقيم الوطنية الإيجابية ..‏

رابعاً: الموارد الطبيعية من هواء وماء وطقس معتدل وبحار محيطة

خامساً: الموارد المعدنية من معادن وبترول وغاز

ولو تم إعادة النظر في هذه الرؤية وفتح نقاش علمي وطني شامل جاد تطبق توصياته على كل الأجهزة الحكومية وغير الحكومية فإننا سنرفع هذا الوطن العظيم مصر إلى مصاف الدول الكبرى خلال 30 عاماً خاصة ان السنوات العشر الماضية من عام 2015 إلى عام 2025 تم الانتهاء فيها من بنية أساسية لمصر.. لم تبن خلال المئة عام الماضية.. وهي القاعدة التي تجتذب الاستثمار من كل أرجاء الدنيا.. كما أنها ستظل تخدم مصر لمئة عام قادمة..

وسيكون تعظيم الإنتاج ومفهوم التصدير بمثابة القاطرة التي ستخرج الوطن والمواطن من الحال والواقع الصعب الراهن الذي هو نتاج رؤى متواضعة أو فلنقل رؤى أصغر من حجم ودور مصر رؤى طبقت منذ 70 عاماً وانعكست تداعياتها السلبية على قطاعات الزراعة والصناعة والثقافة والإعلام والتصدير وعلى المنتج البشري المصري الذي تراجعت مهاراته وكفاءاته وإبداعاته..

لقد تحققت المعجزة الصينية في 60 عاماً تحولت فيها الصين من بلد فقير تعداده 400 مليون إلى واحد من أقوى الاقتصادات العالمية بتعداد سكان لا يقل عن 1.410 مليار نسمة وهذا حديث مهم سنعود إليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى