في ندوة مناقشة كتاب السودان لماذا تدابير الأمم المتحدة؟ ….الصراع في السودان أزمة متعددة الأبعاد !
كاشا :الكاتب يشير إلى أن النزاعات القبلية والجهوية أسباب تفاقم الأزمة وينتقد تعدد المبادرات
كاشا: أداء المفاوضين الحكومين في جولات جنيف سبب في فشلها وغياب آلية الرقابة والتنفيذ
مؤلف الكتاب :يجب مناقشة قضية عرب الشتات بموضوعية وبحث مشاكلهم
بروف هداية : غياب اعتذار الإسلاميين سيجعل أي حوار معهم مستحيل
عبدالرحمن الغالي : الكتاب أشار بوضوح لأخطاء الدور الفرنسي والأمريكي
الغالي: ماحدث في جنيف ليس وساطة بل عملية سياسية وإصلاحها يتم باربعة خطوات
الغالي : أسباب الحرب سياسية والحل حوار سوداني سوداني لايستثنى أحد بما فيهم النظام البائد ( الكيزان)
القاهرة :أفراح تاج الختم
وسط حضور سياسي وفكري رفيع، احتضنت دار حزب الكرامة بالدقي في العاصمة المصرية القاهرة ندوة هامة لمناقشة كتاب “السودان: لماذا تدابير الأمم المتحدة؟” لمؤلفه الصادق علي حسن، و يُعد الكتاب شهادة حية على تعقيدات المشهد السوداني، متتبعًا جذور الأزمة وأبعادها الإقليمية والدولية. من خلال تحليل معمق امتد لسنوات، يناقش الكتاب فشل الوساطات الدولية، دور القوى الإقليمية، وأزمة عرب الشتات وضرورة إعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس توافقية
لم يخلُ النقاش من نقد لاذع لدور الوساطة الغربية وازدواجية المعايير الدولية،و احتدمت النقاشات حول مآلات الأزمة السودانية وسبل الخروج منها، مع التأكيد على أن الحوار السوداني-السوداني هو السبيل الوحيد لبناء وطن موحد ومستقر.
الدور الغربي والتفاوض
بالنسبة للدكتور عبدالحميد موسى كاشا وحسب تحليله للكتاب يقول إن الكتاب مؤلف من خمسة أجزاء وثمانية وثمانين مقالة يتناول الجزء الأول منه
مفاوضات جنيف، بما في ذلك الاجتماع التمهيدي في أغسطس 2024، ويناقش محدودية رؤى الوسطاء والأطراف ويشير الباحث إلى تراجع دور الكيانات السياسية والحزبية في السودان، مقابل بروز النزعات القبلية والجهوية والاثنية، في ظل الصراع على السلطة. كما ينتقد التهديدات من بعض الدول الغربية وبعض الوسطاء، الذين لا يزالون يفكرون بعقلية استعمارية، مستشهدًا بفشل فرنسا في النيجر كمثال. ويصف فرنسا بأنها وسيط غير محايد، بسبب مصالحها.
أما الجزء الثاني بحسب كاشا ، تناول فشل الدبلوماسي الأمريكي “توم” بيرلو في قيادة الوساطة، ويرى الباحث أن أمريكا كان يمكن أن تلعب دورًا أفضل لو اتبعت قراءة صحيحة للأزمة، ويؤكد أن الأزمة متعددة الأطراف، داخليًا وخارجيًا، وينتقد تعدد المبادرات وقصور الرؤى، وعدم تحديد أولوية وقف الحرب. ، وبالنسبة لكاشا فإن أداء المفاوضين الحكوميين في جولة جنيف سبتمبر 2024، وغيابهم عن جولة لاحقة، أعطى الطرف الآخر فرصة لتسجيل نقاط ضائعة ،مع انعدام آلية الرقابة والتنفيذ .
يرى كاشا أن الوساطة الأمريكية المصرية السعودية يمكن أن تكون الأفضل إذا قامت بقراءة صحيحة للأزمة.
التوافق الوطني
وتناول الجزء الثالث من الكتاب تناول مسألة إعادة تشكيل الدولة السودانية، ويتساءل عن أهداف محمد بن زايد في هذا السياق ،و يشدد كاشا على ضرورة التوافق الوطني وتجاوز الخلافات والإقصاء الطائفي والسياسي والفكري لبناء إرادة وطنية قوية.
ويواصل كاشا في شرح فصول الكتاب ويقول تناول الجزء الرابع تداعيات الأزمة وتهديدها للأمن والسلم، ويناقش قضية “الوصاية” وتدابير الأمم المتحدة، مستشهداً بمواد من ميثاق الأمم المتحدة، وآراء خبراء سودانيين. ويرى كاشا أن السودان بحاجة إلى صياغة جديدة لنظام الحكم الفيدرالي، ويحذر من خطورة دعوات فصل دارفور أو خلافها .
قضية عرب الشتات
يقول مؤلف الكتاب الصادق علي حسن إنه اعتمد منهج البحث الميداني ويضيف هو عمل استقصائي ما بين خمسة لستة سنوات
فقضيةعرب الشتات لابد من مناقشتها بموضوعية ،ويضيف تلقيت اعتذارات عدد من المدعوين بحجة مشاركة إسلاميين (كيزان) في تدشين الكتاب ،ويرى إن المجتمع السوداني يعاني انقساما” حادا” لذلك وصل للوضع الراهن.
وبالنسبة للتركيز على عرب الشتات يقول إنهم مجموعة سكانية في دول الحزام وفدت للسودان لتكون جزء من المكون السوداني ولم تجد اهتمام من الأنظمة والأمم المتحدة و توطين وهم ضحايا لأنظمة وتطلعات سياسية ويجب بحث مشاكلهم
ويرى الصادق ان نظام البشير استغل المجموعة ودعمها حتى تحولت للدعم السريع ويؤكد على أهمية بحث مشاكل عرب الشتات ويفترض ان يكونوا مواطنين في إطار الدولة الحديثة وقال إن الوساطة الفرنسية الحالية لن توصل لحل للأزمة السودانية.
اعتذار النظام البائد
تقول الأكاديمية بروفسير هداية تاج الأصفياء إن الكتاب يمثل مصدرًا ثريًا بالمعلومات للباحثين، كما أنه يُخاطب جزئيًا الجمهور الخارجي، مُبرزًا وعي الشعب السوداني بمصالح بلاده.
وأشارت إلى أن استمرار العنف يطال جميع أطياف الشعب السوداني، وانتقدت التمسك بنظرية المؤامرة وإلقاء اللوم على جهات خارجية كالإمارات، مؤكدة أن الإمارات موجودة في السودان منذ فترة طويلة قبل الأزمة الحالية، كما أشارت إلى استمرار سرقة الذهب كعملية متواصلة.
وأكدت على ضرورة وجود حوار سوداني-سوداني حقيقي ينطلق من اعتذار النظام البائد للشعب السوداني عن كل ما اقترفه ،وشددت على أنه لا يمكن إقامة حوار بناء مع من لم يعتذر عن أفعاله. وتساءلت كيف يمكن الجلوس مع من لم يعتذر عما حدث؟.
مشددة على أن الاعتذار بمثابة الخطوة الأولى نحو التغيير الحقيقي وبناء حوار جاد. واختتمت هداية حديثها بالتأكيد على أن غياب اعتذار الإسلاميين، سواء كانوا حركة إسلامية أو مؤتمر وطني، سيجعل أي حوار معهم أمراً مستحيلاً.
أخطاء الدور الفرنسي والأمريكي
بالنسبة لدكتور عبدالرحمن الغالي القيادي بحزب الأمة القومي فإن النقاش الأساسي يجب أن يدور حول مصير البلاد والحرب ويضيف الكتاب يدعو الأمم المتحدة لاتخاذ تدابير لإيقاف الحرب في السودان، طوعاً أو كرهاً، وهو كلام مهم لكن يحتاج لتفاصيل.
ويرى الغالي أن الأمم المتحدة ليست منظمة خيرية، بل منظمة مبنية على أساس المنتصرين في الحرب العالمية، بنظام فوضوي وفاعله الأساسي هو الدول. لذا علينا التعامل مع الأمم المتحدة بواقعية.
ويواصل صحيح أن ميثاق الأمم المتحدة قائم على الفصل السابع، الخاص بالتدخل العسكري عند تهديد السلم والأمن العالمي، ولكن التدخل العسكري نفسه يحتاج لقرار من مجلس الأمن وحدثت سوابق بتصرف الولايات المتحدة خارج الشرعية، كالعراق مثلاً، ولذلك فالكلام عن الأمم المتحدة كنظام مثالي قائم على العدل والحق، هو كلام لا يتناسب مع الواقع.
يبين الغالي أن الكتاب أشار بوضوح لأخطاء الدور الأمريكي والفرنسي
ولذلك أؤكد أن كل دولة تبحث عن مصالحها الخاصة بغض النظر عن العدل.
حل الأزمة السودانية
ويضيف الغالي نحن كسودانيين يجب أن ننظر لمصالحنا أولاً، وكيف نستفيد من النظام الدولي للحفاظ على هدفنا وهو استقرار السودان وتحقيق الرفاه الاجتماعي وبقاء الدولة.
يقول الغالي إن الكتاب كُتب على فترات طويلة، ما أدى لتغيرات في الأراء، وعدم اتساق بعضها مع بعض.
بالنسبة لحل الأزمة السودانية وحسب رأيه فهو يتطلب فهم عميق للوضع في السودان، والفاعلين فيه، والأدوار الداخلية والخارجية، فعلينا فهم السياسة الأمريكية في السودان، والتي أرى فيها أخطاء كثيرة تاريخياً.
الأجندة العالمية مرتبطة بمصالح الدول، وليست بالقضايا الإنسانية.
وعن محادثات جنيف يقول إن ما يحدث في جنيف ليس عملية وساطة، الوساطة لها شروط، مثل الحياد والمقبولية والملكية الوطنية. ما يحدث في سويسرا هو عملية سياسية، بين سبع أطراف: أمريكا وسويسرا والاتحاد الأفريقي والإمارات ومصر والسعودية. هدفهم إيجاد حل التناقضات الثانوية، وليس حل جذور الأزمة السودانية، ويضيف لذلك شخصياً أرى أنه يجب أن تكون هناك عملية تفاوض حقيقية، وأن يكون هناك وسيط محايد، وإصلاح للعملية السياسية نفسها من خلال أربع خطوات: تقسيم العملية لمراحل (إنسانية، وقف العدائيات، وقف إطلاق النار، الحوار السوداني)
ويشير الغالي إلى أن أمريكا دفعت مليارات الدولارات لم تُصرف بشكل صحيح حيث فشلت البعثات السابقة في دارفور ونشر تقرير لتقييم عمل البعثات في عام 2021م يوضح ذلك
وقالوا فيه إن أسباب فشل بعثات السلام كثيرة، والخلاصة هي أنه مهما كان الدافع إنسانياً، طالما الشروط الموضوعية غير متوفرة، فلن نصل للسلام
ويضيف الآن الدعم السريع منتشر في مساحة واسعة، والحرب تحولت لحرب غير نظامية. حرب عصابات، وعمليات إرهابية، وإشعار الناس بأن الدولة ليس لديها سيطرة على الوضع. ، الحرب اندلعت لأن توزيع القوة السياسية غير متوازن.
فجذور الحرب معروفة، وأسبابها الجزئية كذلك . فهي قائمة لأسباب سياسية، وليس لغيرها. يؤكد الغالي الحل برأيي هو حوار سوداني سوداني جامع، لا يستثني أحداً بمن فيهم النظام البائد ( الكيزان ).
بالنسبة للسفير عبد الحميد إبراهيم جبريل فإن الغرب غرب والشرق شرق حسب مفهوم الدول القوية ويرى أن الأمم المتحدة لا تستطيع أن تفعل شئ في حال كان السودان قوي وموحد ،ويرى ان هناك مخطط مسبق لتدمير الجيش السوداني ،ويصف جبريل إن ماحدث في السودان لم يحدث في مكان في الكرة الارضية من قبل ،ويضيف إن الحرب الحالية حرب مخابراتية .
وفي نهاية البرنامج كرمت هيئة محامي دارفور أستاذة أسماء الحسيني مدير تحرير صحيفة الأهرام تقديرا” لجهودها في خدمة السودانيين في مصر ومساندتهم ودعمهم وزوجها دكتور نبيل نجم الدين الإعلامي المتخصص في العلاقات الدولية .