امتحانات الشهادة السودانية بين مخاوف حرمان الطلاب ومخاطر التقسيم
تقرير – علي الأسباط
آثار قرار وزارة التربية والتعليم المتعلق بعقد امتحانات الشهادة الثانوية الجدل والانقسام بين السودانيين حول جدوى إجرائها في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ويخشى كثيرون من خطر التقسيم، لا سيما بعد أن قررت قوات “الدعم السريع” منع عدد من الطلاب الموجودين في مناطق سيطرتها من التوجه إلى مراكز الامتحانات المقصورة فقط في المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة الجيش.
وحذر تربويون ومختصون في مجال التعليم من خطوة إجراء الامتحانات في هذا التوقيت، نظراً لظروف الحرب وعدم استعداد الطلاب نفسهم أكاديمياً ونفسياً للدخول إلى التنافس في الاختبارات، فضلاً عن أجواء القصف المدفعي والجوي واستمرار الاشتباكات المسلحة في مدن ومناطق عدة بما فيها التي يسيطر عليها الجيش.
وبحسب لجنة المعلمين السودانيين فإن عدداً كبيراً من الولايات خارج المظلة ولن تشملها الامتحانات، وهي ولايات دارفور الخمس، وثلاث من ولايات كردفان وأجزاء من الخرطوم والجزيرة ونهر النيل وسنار النيل الأبيض والنيل الأزرق.
خطوات متقدمة
إلى ذلك، حددت وزارة التربية والتعليم فترة الامتحانات المؤهلة لدخول الجامعات اعتباراً من الـ (28) من ديسمبر الجاري وحتى التاسع من يناير 2025، وسط مخاوف وقلق الطلاب بمناطق سيطرة “الدعم السريع” من صعوبة وخطورة أوضاعهم وكيفية تأمين وصولهم إلى مراكز الامتحانات في ظل غياب ممرات آمنة.
من جهتها أكدت الوزارة اكتمال جميع الترتيبات اللازمة لإجراء الامتحانات بمشاركة أكثر من 75 في المئة من الطلاب المسجلين قبل اندلاع الحرب، موزعين على مئات المراكز بالمناطق والولايات الآمنة، إلى جانب 46 مركزاً بـ15 دولة يوجد بها لاجئون سودانيون، مما يرجح انحصار جلوس الطلاب الموجودين في مناطق سيطرة الجيش للاختبارات من دون غيرهم من الطلاب الآخرين.
لجنة المعلمين تحذر
على الصعيد نفسه، حذرت لجنة المعلمين السودانيين من أن إجراء الامتحانات في الموعد المحدد سيؤدي إلى حرمان أكثر من 750 ألف طالب يمثلون نسبة 60 في المئة من إجمالي الطلاب المستوفين لشروط الاختبار.
وحملت اللجنة السلطات الحكومية مسؤولية المضي قدماً في تنظيم الامتحانات قبل الإجابة عن سؤال إيقاف الحرب، وجلوس جميع الطلاب.
واعربت لجنة المعلمين عن مخاوفها من أن يتحول التعليم إلى مدخل لتقسيم البلاد بين فئات لم تصل إلى التعليم وأخرى مستمرة في العملية التعليمية.
مخاطر التقسيم
من جهته، يرى الخبير التربوي عبد الرحمن حامد أن “امتحانات الشهادة الثانوية في السودان تعد من ممسكات الوحدة الوطنية لأنها تجمع بين كل أبناء البلاد في مرحلة عمرية معينة بالداخل والخارج، لكن الوضع الحالي يشير إلى تقسيم البلاد، نتيجة اصرار السلطات على عقدها رغم ظروف الحرب.
وأشار إلى أن “هناك مخاطر ومخاوف تعترض قيام الامتحانات، لا سيما مشكلات تأمين مطلوبات الطلاب والامتحانات نفسها.
ولفت إلى أن “هناك آثار اجتماعية متمثلة في زيادة الفاقد التربوي وارتفاع مؤشرات التخلف.
تخوف وترقب
على نحو متصل قالت هيئة محامي الطوارئ إن تنظيم الامتحانات في هذه الظروف سيترتب عليه حرمان الطلاب في مناطق واسعة متأثرة بالحرب إلى جانب الموجودين في مناطق النزاع ومعسكرات النزوح واللجوء من الجلوس للامتحانات وحقهم في التعليم.
وطالب بيان للهيئة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية حقوق الطلاب بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان واعتماد حلول تراعي الظروف التي تحول دون قدرة الطلاب على الوصول إلى مراكز الاختبارات، وتخلق واقعاً يعمق الفجوة في فرص التعليم ويكرس لانعدام العدالة.
وطالبت هيئة محامي دارفور “الدعم السريع” بالسماح للطلاب بالسفر إلى الأماكن المقررة للطلاب لأداء الاختبارات في مراكز الاختبارات خارج المناطق الخاضعة لسيطرتها، كما طالبت الجيش بعدم استهداف الطلاب عند الخروج من مناطقهم والعودة إليها.