تقارير

الجميل الفاضل .. يكتب :سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟! بين “الإخوة الأعداء “، فصال، أم حرب.. إنقلاب، أم تمرد؟!

 

 

 

 

 

   ماذا حدث؟
في إطار حرب كلامية شعواء متبادلة، أطلق المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني (المحلول)، الذي يتزعمه ابراهيم محمود حامد، وصف “إنقلاب”، علي نتائج إجتماع مجلس شوري الحزب، الذي إنعقد مؤخرا بمدينة “عطبرة”، الخاضعة لسيطرة الجيش.. المجلس الذي أعاد إجتماعه المثير للجدل، أحمد محمد هارون لرئاسة المؤتمر الوطني.
فيما نعت مجلس الشوري من جهته، موقف المكتب القيادي من قرار تنصيب هارون، بأنه “تمرد” على نظام الحزب.
وبين الموقفين بدا رئيس سلطة الأمر الواقع، الجنرال برهان مشفقا من تداعيات ما يجري، علي حربه ضد قوات الدعم السريع قائلا: «للأسف سمعنا أن (حزب المؤتمر الوطني) يريد عقد مجلس شورى، وهذا الأمر مرفوض ولن نقبل بأي عمل سياسي مناوئ، أو يهدد وحدة السودان والمقاتلين».
وأردف البرهان: «لسنا في حاجة لأي صراعات الآن، ولسنا في حاجة لأي تشتت الآن.
نحنا عندنا هدف دايرين نمشي ليه متماسكين وموحدين.. هو هزيمة هؤلاء المتمردين والقضاء عليهم».

لكن كيف؟
وقد بدا كأن أعادة احمد هارون لمنصبه، بالتأسيس علي تفويض سابق من البشير آخر رئيس منتخب للحزب، ماهو سوي مقدمة لإعادة البشير نفسه الي وضعه في الحزب ومن ثم الدولة.
تأمل دلالات قول عثمان محمد يوسف كبر رئيس مجلس الشوري: “أن الشوري المنعقدة في 14 نوفمبر الماضي، لم تتخذ هي قرار تكليف أحمد هارون نائب للرئيس، وانما أعادت فقط الأمور الي نصابها بإعتمادها لقرار سابق لرئيس الحزب البشير، (صاحب الحق الشرعي والحصري في اختيار نوابه).
فمن البديهي إن إعادة الأمور الي نصابها لن تكتمل بغير أعادة صاحب الحق الشرعي والحصري، الي كافة مناصبه وبكامل صلاحياته.
بل ربما أن هذا الاتجاه الجديد، هو ما أثار قلق البرهان باكثر مما أعتبره صراع يهدد وحدة السودان والمقاتلين، رغم أن مظهر ما يحدث يشير لصراع محدود النطاق، يجري داخل أروقة حزب لا شرعية له عند البرهان، الذي وقع بنفسه قرار حله من قبل.

من في الوراء؟
يعتقد علي نطاق واسع أن علي عثمان محمد طه، ود. نافع علي نافع، هما الشخصيتان المحوريتان، في كافة صراعات الإسلاميين منذ أن ائتمر الرجلان ضد شيخهما الترابي في العام (99).
لكن مصادر متطابقة تقول: ان هارون يحظي بدعم من الرئيس المعزول عمر البشير، ونائبه الأول الاسبق علي عثمان محمد طه، وأمين الحركة الإسلامية الحالي علي احمد كرتي، إضافة لأسامة عبد الله، وعثمان يوسف كبر رئيس مجلس الشوري.
فيما يصطف خلف إبراهيم محمود حامد، مساعد الرئيس الأسبق نافع علي نافع، ومدير جهاز الأمن السابق الجنرال محمد عطا، إضافة لنائب البشير الأسبق الحاج آدم، وآخرين من قادة الصف الاول في الحزب والحركة.

أين يحسم اللقاء؟
يبدو أن مدينتي “بورتسودان” العاصمة الإدارية المؤقتة، وعطبرة حاضرة ولاية نهر النيل، التي تمثل مركز ثقل كبير للاسلاميين، قد باتتا مسرحا لصراع كلامي قابل للتطور، مع وجود مؤشرات أولية تؤكد أن كلا المجموعتين يمتلك اذرعا قتالية، تم التحشيد لها عبر ما يعرف بالمقاومة الشعبية، وتكوينات مسلحة أخري، ذات طابع عقائدي يمثلها لواء البراء بن مالك، أو مليشيات اثنية نشأت بشرق البلاد مؤخرا بدعم من دولة ارتيريا ذات الأطماع التوسعية في الشرق.
اذ لا يعرف الي الآن علي الأقل مدي صحة الانباء التي أشارت إلي نجاة هارون من محاولة اغتيال وقعت بعطبرة فور اختياره رئيسا للحزب، أو دقة تحليلات ترجح أن حرب المسيرات التي تستهدف بشكل شبه يومي عدة مدن بنهر النيل، هي جزء من رسائل طرف في الصراع الداخلي، الي بريد الآخر.

متي يقدح الزناد؟
يبدو أن دخول الصراع الحالي إلي دورة جديدة من دورات العنف داخل هذا التنظيم الدموي أصلا، بات مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
وأتصور أنه كلما تنامي أمل الحزب والحركة، في إمكانية إحكام السيطرة علي البلاد، بانتصارات علي الأرض تحرزها قواتهما المتحالفة مع الجيش، انفرطت من ثم كرة اللهب أكثر، نحو التدحرج وبسرعة أكبر، الي عمق ربما يلامس حتي ملابس هذا التنظيم الداخلية.

لماذا كل هذا؟
علي أية حال أظن أن الحركة الإسلامية السودانية، تنظيم يرقي فيه العنف إلي درجة العقيدة، التي لا يمكن المساومة عليها، أو التنازل عنها.
إذ ظل العنف هو الوسيلة المثلي لحسم كافة الصراعات التي تنشأ داخل هذا التنظيم أو مع خارجه.
فقد ظلوا أوفياء علي مدي التاريخ، لصورة تمشي علي الأرض، يجسد سيرتها بدقة قوله تعالي:
“وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد”.
بل ظلوا هم هكذا أيضا، ومن واقع التجربة يدورون في فلك هذا النص القرآني الذي يقول:
“وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى