واقع التعليم في السودان .. أزمات متفاقمة ومصير مجهول لآلاف الطلاب
بورتسودان – سلمي الشيخ سعد
زعزعت الحرب في السودان أوضاع التعليم وعطلت الدراسة في مرحلتي الأساس والثانوي، ومنذ أول مايو 2023، وغالبية المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة في الخرطوم وعدد من ولايات البلاد موصدة الأبواب بسبب اندلاع المعارك بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في الـ15 من أبريل 2023.
وقبل اندلاع النزاع في السودان، كان التعليم يواجه تحديات جسيمة، إذ تفتقر المدارس والبيئات التعليمية إلى الاحتياجات الأساسية، مما أثر سلباً على جودة التعليم، ونفذ عمليات إضرابات بسبب الأوضاع الاقتصادية وعدم انتظام صرف الرواتب، خصوصاً أساتذه الجامعات، وتعرضت المناهج الدراسية لانتقادات شديدة بسبب عجزها عن إعداد الأجيال لمواجهة تحديات سوق العمل العالمي.
أرقام ومآس
حرم النزاع المسلح 19 مليون طفل من التعليم وأعادهم إلى دائرة الجهل والخروج من المنظومة التعليمية وفقاً التقارير منظمة الطفولة والأمومة “يونسيف”، مما جعل الأسر تعاني من حالة قلق متزايدة بشأن مستقبل أطفالها في وسط غياب الفرص التعليمية.
بالمقابل توقفت الدراسة في الجامعات السودانية، باستثناء بعضاً منها، إذ لجأت الي التعليم عن بعد عبر نظام الدراسة “الأونلاين” في وقت توقفت فيه شبكات الاتصالات والإنترنت بمعظم مناطق السودان، ومن توفرت له فرصه الدراسة أصبح يواجه تحديات كبيرة في دفع الرسوم التي فرضتها الجامعات، على رغم معاناة المواطنين من ضغوط اقتصادية خانقة، وكذلك تمت مضاعفة الرسوم الجامعية إلى أرقام خيالية، مما يجعل استكمال التعليم العالي تحدياً هائلاً.
مستقبل مجهول للطلاب
إزاء هذا الوضع، تأثر الطلاب في السنة الجامعية الأولى بنسبة كبيرة جراء تداعيات الحرب، لأن الجامعات التي فتحت أبوابها جعلت الأولوية لدفعات الخريجين، حيث يضطر الكثير منهم إلى مواجهة البطالة وفقدان الرؤية المستقبلية، ومع محدودية المنح الدراسية المتاحة، أصبحت الفرص للحصول على التعليم العالي شبه معدومة، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن قدرة السودان على بناء مستقبل مستدام.
على الصعيد نفسه، يقول الطالب أبوبكر حامد الذي يدرس الطب في جامعة الخرطوم كليه الطب، إنه “يعاني بسبب توقف الدراسة، إذ وجد نفسه أمام مستقبل مظلم على صعيد وضعه الأكاديمي نظراً لصعوبة الحصول على منحة دراسية خارج السودان، على رغم نجاحه في امتحان (الأيلتس).
أما الطالبة سامية محمود التي تدرس في جامعة الرباط، فتتطلع للتخرج بعد أشهر من الدراسة عن بعد، وتواجه صعوبات عدة في الحصول على الإنترنت بسبب انقطاع شبكات الاتصالات في المنطقة التي نزحت إليها، وتضطر كثيراً لدفع كلفة كبيرة لاستئجار جهاز (الاستارلنك) لضمان متابعة دراستها وتنزيل مواد المنهج ، مما زاد من أعبائها المالية، ومع ذلك لم تكن قادرة على سداد الرسوم الجامعية من أجل الجلوس في مراكز الامتحانات التي فرضتها الحرب وطبيعتها، مما أجبر أسرتها على بيع بعض مقتنياتها لتأمين إمكانية الجلوس للامتحانات.
أوضاع طلاب الشهادة الثانوية
وفي شان مستقبل طلاب الشهادة السودانية بعد اندلاع الحرب، فإن أوضاع كثير منهم لا تبشر بمستقبل مشرق، بخاصة وأن 100 ألف طالب وطالبة قد لا يتمكنوا من الجلوس للامتحانات بسبب تواجدهم في مناطق النزاع السوداني، علاوة على أزمة تراكم الدفعات، ورغم ظروف الحرب وعدم جاهزية الطلاب الأكاديمية والنفسية، أعلنت وزارة التربية والتعليم السودانية على عقد امتحانات دفعة 2023، في ديسمبر المقبل، بينما تتأهب الدفعة الثانية 2024، للجلوس إلى الامتحانات في مارس 2025.