ترياق في حوار مع الامين العام الاسبق لديوان الضرائب عبد القادر محمد احمد
قرار إلغاء إعفاء الموظفين الذي خرج قبل يومين غير شرعي ويجب رفضه
نظريا يفترض الحكومة تقدم خدمات مقابل الضرائب ولكن هذه الناحية مفقودة في السودان لقلة الموارد
من اسباب التهرب الضريبي .. الانفاق الحكومي .. ناحية دينية .. ضعف مرتبات موظفي الديوان
9 الف موظف بديوان الضرائب الان ويمكن العمل بنصف العدد ورفع مرتبات البقية ليكون التحصيل جيد
الخرطوم . ترياق نيوز . حوار _ رحاب ابراهيم
عقب زيادة الحكومة لقيمة الضرائب 145% في ميزانية هذا العام 2022 ، تضجر المواطن قبل المنتجين لان العبء الاكبر سيقع عليه وهو المغلوب علي أمره ، وفي فترة ماضية تضجر اصحاب المصانع من زيادة ضريبة القيمة المضافة ، لمعرفة الكثير عن الضرائب ومشروعيتها وطرق جمعها وكيفية صرفها جلست ترياق نيوز مع الامين العام الاسبق لديوان الضرائب في الفترة من 1994 حتى 2005 د. عبد القادر محمد احمد للتعرف علي الضرائب عن قرب وماهو مصير المتهربين ولماذا يتهربون من دفع الضريبة تابعو ماجاء بين الاسطر لمعرفة الكثير …
اولا حدثنا عن مشروعية فرض الحكومة ضرائب علي المواطن ماهو الاطار القانوني وكيف يتم تشريعه؟
اي حكومة لديها تكلفة إنفاق في مختلف المجالات ، والمورد الرئيسي لكل الدول الضرائب ولا بديل للضرائب إلا الضرائب ، لذلك لابد من فرض الضرائب علي المواطنين للصرف علي الدولة وعلى المواطن نفسه ، ولان دفع الضرائب بدون مقابل لابد ان يكون ذلك وفق تشريع به كل الاجراءات الدستورية التي تمر علي البرلمان ومن ثم رئيس الجمهورية وبعدها يصبح قانون ، لذلك إلغاء اي من الضرائب لابد ان يكون وفق تشريع ، و لا يوجد دولة يمكنها ان تستغنى عن الضرائب .
إذن ما تعليقك في القرار الخاص بإلغاء اعفاء الموظفين ؟
يجب شرح ان هذا القرار يعني ان الموظف إذا وصل 50 عام من عمره وهو مازال يعمل معفي من ضريبة الدخل الشخصي ، او إذا عمل 25 عام في دواوين الحكومة الان تم إلغاء هذا الامر ، وكان يجب ان يتم إلغاءه بواسطة قانون كما انه اجيز بقانون يلغي ايضا بقانون مجاز من البرلمان ، ولكن ما تم بالامس خطاب خرج من موظفة معنون بالمدير العام للدخل الشخصي وهذا امر غير مقبول ومرفوض بالقانون ، حيث كان يجب ان يخرج من رئيس الجمهورية ويعنون لوزير المالية بخطاب رسمي بعد إجازته في البرلمان ومن ثم للامين العام لديوان الضرائب بتوقيع منه ويتم نشره في كل الصحف . وكان يجب ان يكون هذا القرار قبل اجازة الميزانية قانوناً لا يحق تعديل الميزانية بعد اجازتها . لذلك هذا القرار يجب رفضه تماماً .
ماهي قيمة الضرائب الاقتصادية وماهو جدواها ؟
الضرائب لديها ثلاثة اهداف مالية وهي ضخ المال كموارد لتغطية الانفاق وهي البند الرئيسي في الموازنة ، وهدف اقتصادي لتشجيع الاستثمار و حماية المنتجات المحلية ، واخيراً هدف اجتماعي لمحاربة العادات الضارة مثلا التدخين بفرض ضريبة عالية ليتجنب المواطنين تناوله .
ويمكن ان يكون من ناحية اقتصادية لتقليل من التضخم بعد سحب السيولة من المواطنين ولكن هذا الامر غير معمول به في السودان .
هل تدفع الضرائب مقابل خدمات معينة تقدمها الحكومة للمواطن ؟
نظريا يفترض الحكومة تقدم خدمات مقابل الضرائب ولكن لا يوجد مقابل مباشر يذهب للمواطن وهذه الناحية مفقودة في السودان لقلة الموارد لكن في الخارج دافع الضرائب شخص مهم جدا والدولة تقدم له الخدمات مثل الطرق والصحة والتعليم بل هناك دول تقدم راتب رسمي عند نزول المعاش ، ولكن في السودان نفتقد هذا الامر وهذا من الاسباب الرئيسية للتهرب .
كيف يمكننا تشجيع المواطن علي دفع الضريبة بدون التهرب منها هل عبر الحوافز والامتيازات ؟
السبب الرئيسي للتهرب إرتفاع سعر ضريبه القيمة المضافة كانت 10 والان وصلت الي 17 ، وكذلك الانفاق الحكومي المواطن او الممول يعتقد انه يدفع اموال للحكومة وهي تستخدم السيارات الفارهة والسفر والصرف البذخى من ما يدفعه من اموا ، بجانب الوعي الضريبي من الاسباب الاساسية للتهرب ، والسبب الموجود في السودان دوناً عن البلدان الاخرى من ناحية دينية يعتقد البعض انها حرام لان الضريبة الوحيدة هي الزكاة ، وهناك من يتهرب من ناحية سياسية والناس لا تنظر للوطن بل للحزب والقبيلة إلــــخ ، مرتبات القطاع العام وتحديدا موظفي الضرائب ضعيفة وهو يتعامل مع ممولين بمليارات الجنيهات مما قد يذهب الموظف للتواطؤ مع الممول ليستفيد شخصياً بدلا من استفادة الدولة .
هل الكم الهائل من موظفي الضرائب والمكاتب الفخمة لها تاثير علي المتحصل من الضرائب ؟
هذا سؤال مهم جداً .. اولا الضرائب بها حوالي 9 الف موظف الان وكنت اقول آنذاك انني استطيع إدارة الضرائب بطريقة افضل من الحالية بنصف هذا العدد ويمكن ان يكون اثنان او ثلاثه يعملون والبقية لا عمل لهم بل عملهم التواطؤ مع العملاء والتهرب من دفع الضريبة ، لذلك كان الافضل تقليل العدد وتحسين المرتبات ليكون الناتج افضل .
علي اي اسس يتم تقدير الضرائب وهل هناك آليات موضوعية تحددها ام انها تقديرات جزافية تخضع للاخذ والرد كما هو ممارس اليوم بين دافع الضريبة وموظف الضرائب؟
الربط يكون بطريقة علمية يتم تقديرات العام الماضي ويوضع عليه نسبة معينة ويفترض توسيع المظلة الضريبية ، وهذا واحد من اسباب تقدير الربط بالزيادة ولكن من ناحية عملية من الصعوبة الوصول ، وكذلك وزارة المالية حسب حوجتها تقدر الضريبة ، وأذكر كنا في وزارة المالية حينها كان الوزير الزبير محمد الحسن وكلما وضعنا الربط ياتي بند جديد من وزارة وكان الزبير يقول ” كبوا في الحلة شوية موية ” . لذلك كلما ظهرت بنود جديدة يتم الربط من الضرائب .
والملفت انه منذ العام 1994 و حتى اليوم الضرائب لم تخفقت في تحقيق الربط بل يكون الربط بالزيادة . هناك احتمالين لذلك ربما العاملين اجتهدوا او ان الربط كان ضعيف .
كيف يتم التصرف في اموال الضرائب وعلي اي اساس يتم إنفاقها وماهي المصارف التي تتعامل معها ؟
المؤسسة المعنية بدفع الضريبة تكتب شيك معنون بالامين العام لديوان الضرائب وينزل في حساب حكومة السودان بالبنك المركزي ، التصرف في اموال الضرائب وكل إيرادات الدولة موكل لوزارة المالية.
ماهي وسائل التاكد من وجود انفاق الضرائب وفق اولويات تخدم المواطن ، وهل هناك آليات او وسائل محددة لمراقبة إنفاق اموال الضرائب والمراقبة والمحاسبة علي التجاوزات؟
طالما هي موازنة برامج يفترض الاولويات تكون علي ذات البرامج التي جاءت في الميزانية ، ولكن لا يمكن تتبعها .. والدليل علي ذلك ما حدث قبل ايام حين قام وزير المالية بشراء مولد كهربائي لموظف بسعر 9 مليار ولم يكن هذا الصرف مدرج ضمن الميزانية لذلك يصعب تتبع صرفها ، وكذلك الصرف خارج الموازنة احد اسباب ارتفاع التضخم .
علي ذلك لا توجد آلية محددة لمراقبة ومحاسبة صرف الضرائب ؟
هذا عمل المراجع العام يفترض يبحث عن اي مبلغ الي اين ذهب واين صرف ويفترض كل عام يخرج بيان رسمي عن محددات الصرف .
ماهي انواع الضرائب وتصنيفاتها ؟
الضريبة الرئيسية الان هي القيمة المضافة كأكبر مورد للدولة وانا من قام بتطبيقها حينما كنت امين لديوان الضرائب ، الثانية ضريبة ارباح الاعمال ، وبعدها الدعم الشخصي ، ومن ثم الدمغة ، ارباح دخل العقار ، آخر ضريبة المغتربين وهي غير مؤثرة حتى إذا تم إلغاءها .
قبل اشهر قليلة كان هناك استياء كبير بين اتحاد الغرف الصناعية بسبب القيمة المضافة وما صاحبها من تنفيذ بواسطة الجمارك ما تعليقك ؟
هذا سؤال مهم تمنيت طرحة .. حينما فرضنا ضريبة القيمة المضافة كنا اول دولة في العالم تقوم بتطبيقها ، حيث كان العمل بضريبة رسوم الانتاج التي قمنا بإلغاءها بعد تطبيق القيمة المضافة ، حتى تكون هناك حرية في حركة التجارة ولا تتحكم فيها اي جهة لا جمارك ولا غيرها ، فرغم وجود تخوف من نجاحها في بادئ الامر من قبل وزير المالية ابقينا ضريبة الانتاج علي 7 سلع ضرورية كتجربة اولى وبعد نجاح القيمة المضافة وإنطلاقها تم إلغاء ضريبة الانتاج ، ولكن جاء وزير مالية جديد وهو علي محمود وقام بارجاع 22 سلعة تاخذ منها ضريبة الانتاج وهذا هو السبب الرئيسي لمشاكل المصانع الان وانا ضد رسوم الانتاج وكنت اتمنى عودة القيمة المضافة الي 10 بدلا عن 17 وكلها تهرب والجميع يعمل ويبيع بدون فاتورة وهي راس الرمح للضريبة لذلك الافضل تقليلها حتى الجميع لا يتهرب من دفعها وسيكون المتحصل اكثر بكثير .