احمد خليل .. يكتب .. ” قضية ” .. أزمة السودان… بين النخب والجيش !
سمعت جزءا من حديث الصحفي ضياء الدين بلال في ندوة لندن، ولم اتمكن من متابعة الندوة كاملة. توقفت عند قوله إن لدينا «أسوأ
سمعت جزءا من حديث الصحفي ضياء الدين بلال في ندوة لندن، ولم اتمكن من متابعة الندوة كاملة. توقفت عند قوله إن لدينا «أسوأ سياسيين»، وإن «أزمة السودان هي أزمة النخب السياسية السودانية»، مضيفا عبارته الشهيرة: «يا فيها يا أطفّيها»، في إشارة إلى الأنانية التي تطبع سلوك بعض السياسيين السودانيين.
ضياء، وهو صحفي سوداني وأحد الأصوات التي ظلت لسنوات تبرر الحرب أو تحرض على استمرارها، يتحدث اليوم عن السلام ومعاناة الناس. وهذا تحول محمود في حد ذاته، لكنه لا يغني عن مواجهة الحقيقة الأعمق: أن جوهر الأزمة السودانية لم يكن في النخب السياسية وحدها، بل في اللحظة التي تخلى فيها الجيش عن واجبه الأساسي في حماية الوطن، وانخرط في الحكم، ليتحول إلى لاعب سياسي ينافس الأحزاب بدلا من أن يحمي المسار المدني.
الأحزاب السياسية لا يمكن أن تنمو أو تتطور إلا في بيئة ديمقراطية مدنية، أمّا في ظل الأنظمة العسكرية والدكتاتورية فإنها تضعف وتتفكك. لذلك، تبقى أزمة السودان في جوهرها أزمة مؤسسة عسكرية لم تتقبل الآخر، وأصرت على أن تكون الحاكم والحكم في آن واحد.
ومن المهم التذكير بأن القوى المدنية، بما في ذلك الأحزاب التي وصفت بالأنانية، كانت أول من رفض الحرب منذ يومها الأول، وعملت على إيقافها من خلال تكوين التحالفات المدنية بدءا من الجبهة المدنية لإيقاف الحرب، مرورا بتحالف تقدّم وصمود. وبعد عامين من الحرب، بدأ يظهر على الساحة بعض الصحفيين الانتهازيين الذين أسهموا في تأجيج الصراع عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية، وسعوا إلى شيطنة القوى المدنية، بل اتهموها زورا بأنها فصيل سياسي تابع لقوات الدعم السريع.
إن العقلية التي غذّت هذا الخطاب هي ذاتها التي تسببت في تعميق معاناة الشعب السوداني وإطالة أمد الحرب. ولا بد أن يتحمّل كل من روّج لخطاب الكراهية والتحريض مسؤولياته الأخلاقية والقانونية. فلابد من محاسبة كل من أسهم في تأجيج الكراهية وإشعال نار الحرب، لأن العدالة لا تكتمل إلا بمساءلة من تاجر بدماء السودانيين.






