شرق السودان – سلمى أحمد
ألحقت الحرب في السودان والتي تجاوزت الـ18 شهراً أضراراً بالغة بعمال البلاد في مختلف المهن الهامشية منها والصناعية، فضلاً عن تأثر الموظفين في القطاعين العام والخاص بعدم صرف الرواتب لأكثر من عام ونصف، مما أسهم في تفاقم أوضاعهم الإنسانية والمعيشية واشتداد معدلات الفقر والبطالة.
وفشل عمال وموظفين كثر في توفير الاحتياجات الأسرية اليومية من غذاء ودواء وبقية مستلزمات العائلة الأخرى، الأمر الذي صعب من مهمة العيش لآلاف السودانين في المدن الآمنة ومناطق النزاع المسلح ومعسكرات إيواء النازحين.
خسائر فادحة
وأشارت تقارير رسمية إلى أن عدد القوى العاملة في السودان يقدر بنحو 25 مليوناً من تعداد السكان البالغ نحو 49 مليون نسمة، وفي المقابل أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً أوضح تنامي معدلات البطالة داخل السودان إلى 47 في المئة ومعدل التضخم إلى 56 في المئة، مما أدى إلى شل الاقتصاد السوداني منذ منتصف أبريل 2023، إلى جانب خسارة العملة 50 في المئة من قيمتها قبل اندلاع الصراع.
يقول المتخصص الاقتصادي وعضو نقابة عمال السودان السابق أمجد حسين لـ (ترياق نيوز) أن “نشوب الحرب أدي إلى تعرض آلاف العمال للفصل التعسفي من مؤسسات القطاعين الخاص والعام من دون إخطارهم، فضلاً عن توقف مخصصاتهم عن أعوام الخدمة، مما يدل على مخالفة واضحة في قانون العمل السوداني والبروتوكولات الدولية.
وأضاف : بحسب إحصاءات أجراها تجمع الحرفيين والعمال السودانيين فإن أكثر من 270 مجمعاً للورش وما يفوق 3200 ورشة حرفيين توقفت عن العمل بالعاصمة الخرطوم، التي تشتهر بالمناطق ذات الثقل الصناعي والتجاري إضافة إلى انهيارها بسبب الحرب، مما أجبر العمال على النزوح داخل وخارج حدود البلاد بحثاً عن مصادر رزق أخرى توفر حاجاتهم الأساس في ظل غياب النقابات المدافعة عن حقوقهم.
معاناة الأسر السودانية
وبحسب دراسة لمعهد سياسات الأغذية الأميركي، توقعت خسارة 5 ملايين وظيفة في السودان بسبب الحرب، مما يعني أن نصف القوة العاملة في البلاد تقريباً فقدت وظائفها في مجالات عدة.
نجوى الطيب، التي عملت سبعة أعوام في شركة مواد غذائية بالخرطوم، قالت لـ (ترياق نيوز) إنها “فجأة وجدت نفسها بلا عمل، إذ تم تسريحها من دون أن تتقاضى مستحقاتها المالية، ومضت الأيام والأشهر بلا جديد لعدم وجود فرص للالتحاق بوظائف في الولايات الآمنة، لتضطر إلى العمل في أحد الأسواق، لكن دخلها اليومي لا يفي بتوفير مستلزمات أسرتها.
وأضافت : خياري سيكون الهجرة إلى دول الخليج من أجل البحث عن وظيفة تليق بمؤهلاتي وتعينني على مساعدة أسرتي خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والأوضاع المعيشية المتفاقمة.
وأوضحت الطيب أن “كثيراً من العائلات في السودان تعتمد على الموظفين والعمال لتوفير الحاجات اليومية ومعينات العلاج ومستلزمات الدراسة للأطفال والشباب، ولا سيما بعد تفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد وتراكم الأزمات.
أزمة الرواتب
إزاء الوضع الكارثي الذي خلفته الحرب في السودان، تفاقمت على أثره معاناة الموظفين كونهم الشريحة محدودة الدخل التي لا يكاد راتب الفرد فيها يكفي لإعاشة أسرة متوسطة من خمسة أفراد لمدة أسبوع واحد، لكن منذ اندلاع الصراع المسلح توقف كل دخلهم المحدود، وتعطل العمل في وزارات الدولة ومؤسساتها والقطاع الخاص.
وفي هذا الصدد يقول، المعلم بأحدي مدارس مدينة حلفا الجديدة، مهند بشير إنه “منذ شهر مايو 2023، لم يتسلم راتبه الشهري، مما انعكس بصورة معقدة على ظروف أسرته التي تعاني الأمرين في توفير الاحتياجات اليومية من الغذاء والدواء.
وأضاف : بات الوضع كارثياً بالنسبة للموظفين، لا سيما في ظل تفشي الأوبئة الفتاكة وتمدد المجاعة بصورة غير مسبوقة.
وتابع : هناك آلاف الموظفين في القطاعين العام والخاص اضطروا إلى العمل في مهن هامشية لتوفير متطلبات الحياة اليومية.