في العام ١٩٥٨م اجتمع قادة الدول الافريقية المستقلة في العاصمة الغانية أكرا بغرض أساسي ألا وهو دعم الدول الافريقية التي لم تنل استقلالها بعد ومساندتها من أجل التخلص من الاستعمار الكولينالي وبالطبع السودان كان له مكانة كبيرة وسط هذه الدول، حيث نال استقلاله قبل عامين من هذا التاريخ وكان له صوت قوي داخل أروقة الأمم المتحدة عبر مندوبه الدائم السفير عمر عبدالحميد عديل “١٩٢٣ _ ١٩٧٦م ” الذي لعب دورا هاما في قضية الجزائر ضد المستعمر الفرنسي وكذلك انجولا ضد المستعمر البرتقالي “كتاب السفير جمال محمد ابراهيم ” عمر عديل من نبلاء الدبلوماسية السودانية ” الجدير بالذكر بأن مؤتمر أكرا اتخذ في ما أتخذ من قرارات سمى يوم ١٥ ابريل من كل عام يوم للحرية في افريقيا ولا سيما بأن السودان كان قبلة لقادة التحرر مثال نيلسون مانديلا وغيره . ويا للمفارقة هذا التاريخ بعد خمسة واربعين عاما بدلا من أن يكون احتفائيا لكل افريقيا بعد اكتمال استقلالها وتثبيت اركان الحرية فيها أصبح هذا التاريخ اكثر وبالا على السودان وهو دولة رائدة في افريقيا ورائدة في العالم حيث بجانب مساعدتها لكثير من الدول الافريقية لنيل استقلالها كان من ابرز المشاركين في مؤتمر دول عدم ال انحياز؟ 1955م الذي انعقد في ” باندوق’ ومثل السودان فيه الزعيم اسماعيل الأزهري وكان ما زال السودان في فترة الحكم الذاتي قبيل مغادرة المستعمر بشكل نهائي في العام ١٩٥٦م .. ويا للمفارقة بعد كل هذه العقود الزاهية في تاريخ وطننا العريق ننحدر لهذا الدرك السحيق ليأتي يوم الحرية في افريقيا الذي يصادف ١٥ ابريل ليصبح لنا نحن اهل السودان ١٥ ابريل ” يوم الشؤم ” هو اكتمال الحرب الكارثية عامها الاول، وكارثيتها بالطبع لا تصفها الكلمات كما عجزت جميع فضائيات العالم ان تنقل الصورة الحقيقية للفظائع التي ارتكبت خلالها، لتأتي الذكرى ولم تستصحب معها ولا بارقة أمل لايقاف نزيف هذا البلد الذي افرغته الحرب من شعبه ومن مضامينه، وما زال قادة العسكر ومن والاهم يعبثون ويعربدون على رفاته ولا تأخذهم به رأفة.. بل ازدادوا تحقيرا وازدراءا من دول العالم كما أنعقد في العاصمة الفرنسية باريس في ذكرى العام الاول للحرب ١٥ ابريل الذي يصادف يوم الحرية لافريقيا لينعقد مؤتمرا تمثل فيه حوالي عشرين دولة بما فيها الدول العظمي والدول الاكثر تأثيرا في افريقيا والوطن العربي بجانب المنظمات الدولية والاقليمية ورغم أن هذا المؤتمر بشأن السودان تغيب عنه حكومة السودان ولم يحضره حتى السفير الممثل لبلده في الدولة المضيفة فرنسا.. لعمري لا توجد رسالة اقوى من ذلك لحكومة الامر الواقع في بورتسودان بقيادة البرهان بأنكم فاقدين الشرعية والأهلية وانتم أدنى من تظهروا في وسط هذه الدول المحترمة او هكذا تعني الرسالة الضمنية التي قالها المؤتمرين والتي قالها ماكرون بصريح العبارة، والله أي انساني ينتمي لهذا الوطن لا يشرفه هذا الموقف بغض النظر عن اختلافاتنا وتجاذباتنا أي كان اسبابها لأن هذه وصمة عار في جبين الاجيال القادمة، ووقعها أكبر من فقد روح عزيزة لأنها مرتبطة بأجل محتوم.. فاذا في العام ذكرى السنة الاولى للحرب اقصت الحكومة من المحافل الدولية حتما اذا لا قدر الله استمرت هذه الحرب للعام القادم لا أظن يكون السودان موضع اهتمام لأي دولة ناهيك من أن تتم دعوة سوداني لتمثيل وطنه بشكل شخصي أو ممثل لجهة ما.. عليه محاولة شيطنة الذين شاركوا في مؤتمر فرنسا من المدنيين لن تعيد الكرامة المهدرة بل مشاركة المدنيين هذه تشير الى أن هنالك ما زالت بارقة امل بان يظل السودان مكان احترام يوما ما ، لكن الطريق اصبح لاتجاه واحد هو ايقاف هذه الحرب باعجل ما يكون والتسامى فوق الجراحات وتقديم التنازلات، والابطال هم الذين يصنعون السلام.. وحرب السودان هذه لا تحتمل أكثر من ذكرى واحدة في وطن واحد والنتيجة الحتمية بأن الذكرى القادمة أما أن يستجمع هذا المارد قواه ويحاول الخروج من غمغمه وترميم ما تبقى من جسدة او تلاشت دولة اسمها السودان وكل يحتفي بذكرى الشؤم هذه في منفاه أو لحده ألهم هل بلغت فأشهد..