بيان هام .. من أسرة البطل علي عبد اللطيف
*بمناسبة تأجيل فعاليات الذكرى* *المئوية لثورة ١٩٢٤*
نحن أسرة البطل علي عبد اللطيف، نتقدم بأطيب التحايا إلى إخوتنا في الوطن من جموع الشعب السوداني بمناسبة حلول غرة يناير، موعدنا السنوي بعيد استقلال الوطن من قبضة الاستعمار البريطاني، بشروق شمس ذلك اليوم من ١٩٥٦، ارتقي السودان إلى مصاف أوائل الشعوب الحرة في القارة الأفريقية التي تدار شؤونها بأيدى أبنائها.
وعندما نحتفي بذكرى استقلالنا، فإنها أيضا مناسبة لاسترجاع المآثر الوطنية والملاحم النضالية الكبرى التي شكلت ملامح هويتنا ووجداننا الوطني. والشعوب تسترجع الذكرى لشحذ الهمم من أجل معارك مستمرة للبناء والتنمية. وقد شكلت ثورة ١٩٢٤ مشهدا فريدا في تاريخنا، لأنها البوتقة التي تم فيها صك ملامح وجداننا السياسي الوطني، فمنذ ذلك الوقت ما لجاء السودانيون لتعبير سياسي سلمي، وإلا وجدنا مصدره في ثورة ١٩٢٤، فقد تشكلت عبر حراكها الجماهيري الأمة السودانية، وتجلت لحظتها الوطنية المضاعة، والتي وبعد سنين طويلة عدنا للبحث عنها عبر ثورة ديسمبر المجيدة. وفي أديباتها أعلنت الثورة الحضور السياسي لشتات الشعوب السودانية لأول مرة في تاريخنا الحديث كأمة واحدة..
طالب البطل علي عبد اللطيف زعيم جمعية اللواء الأبيض التي قادت تلك الثورة في مقاله الشهير: “مطالب أمة” بحق السودانيين في حكم أنفسهم، وهاجم سياسة بريطانيا في السودان، ووصف الذين وقعوا على عرائض الولاء للحكام البريطانيين بأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم، واحتج علي إثقال كاهل السودانيين بالضرائب وعدم إنصاف سكان المديريات ونزع أراضيهم لصالح الشركات البريطانية، واحتكار السكر وحرمان أهل البلد المتعلمين الأكفاء من الوظائف الممتازة وحكرها على البريطانيين، وعلى نقص وقصور التعليم في كلية غردون والمدارس الأخرى. وهي ذات المطالب التي ظلت حية حتي فجر الاستقلال..
وفي تخليد ذكري الثورة وقائدها، اتبعت الأسرة سنه جليلة ارستها الجدة العازة محمد عبد الله رحمها الله، أرملة البطل علي عبد اللطيف والأجيال المعاصرة لها بإحياء “السنوية” لاستشهاد البطل علي عبد اللطيف بالقاهرة سنة ١٩٤٨، بعد أن قضى حوالي ٢٥ عاما من فترات حبس متفرقة في سجون المستعمر. وعلي مر السنيين، تميزت هذه الاحتفالية بأنها نشاط مستقل يحمل معاني وطنية تسع جميع التيارات الوطنية..
ولذكرى هذا العام وقع خاص في نفوس الجميع، فهي تصادف مرور ١٠٠عام على ثورة اللواء الابيض … وللأسف، تحل علينا الذكري هذا العام، والشعب يعيش احلك تجاربه واقسى ظروفه نتيجة لهذه الحرب الكارثية، أبناؤه يهيمون أرض الله الواسعة نازحين وطالبي لجوء يعوزهم الأمن والسلامة والاستقرار والعيش الكريم، ولذلك وقبل كل شي تظل الأولوية التي تقتضيها المسؤولية الوطنية هي مضاعفة الجهود لوقف الاقتتال..
ويملي منطق الضرورة والحكمة على الأسرة الاعتذار عما اتفقت علية مع جهات عدة أفرادا وتنظيمات حول إقامة أو دعم مناشط وفعاليات محددة بخصوص الذكرى المئوية على أرض الوطن، وتأجيل كل ذلك إلى وقت آخر يتسنى فيه لجميع أفراد الشعب السوداني المشاركة والإسهام في فعالياته دون عائق، وبعد أن يعود السلام والأمن إلى ربوع الوطن بإذن الله..
وفي ذات الوقت، نود أن نشجع المبادرات التي وصلتنا من بعض السودانيين في المهجر، لإقامة فعاليات ومناشط، ونحن نرحب بذلك طالما مضمونها يتسق وينسجم مع المعاني الوطنية الخالدة لثورة ١٩٢٤، ومن ضمن تلك المقترحات إقامة المناشط الاسفيرية الهادفة، وإحياء الأناشيد الوطنية، وإقامة الندوات الأكاديمية والفكرية، لتسليط الضوء على الجوانب المهملة لبدايات الحركة الوطنية، واستخلاص الدروس المفيدة لنا في تخطي محنتنا الحالية، والعودة بطريقنا إلى المشروع الوطني الجامع في بناء أمة سودانية واحدة الذي بادر بالمناداة به أبطال ثورة ١٩٢٤، ونحييهم، وهم بإذنه تعالى شهداء في مقامهم أعالي الجنان أحياء يرزقون مع الأنبياء والصديقين..
ودامت ذكراهم الخالدة نبراسا ينير مسيرتنا الوطنية القاصدة رغم الصعاب، وأن تدوم مواقفهم المبهرة في الايثار والتضحية في سبيل الوطن كما أثبت جيل أبطال ثورة ديسمبر المجيدة، وهم خير وريث لهؤلاء الأخيار.
أسرة البطل علي عبد اللطيف
٣ يناير ٢٠٢٤