الخرطوم . السوداني _ ترياق نيوز
نائب رئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان لـ (السوداني): (2-2)
* أي شيء يحدث ضدي في الفترة القادمة – ولدي معلومات كثيرة – لن أنسبه إلا لأجهزة النظام السابق
* رئيسا مجلس الوزراء والسيادة يجب أن يبقيا
* يجب أن تتم تسوية سياسية بين المدنيين والعسكريين
* لا أسعى لأي منصب
* كل من غرق من الإسلاميين مع النظام السابق فليذهب، أما الإسلاميون الذين وقفوا مع التغيير، فلا يجب أن يستبعدوا
* الدعم السريع رغم تجربته المعروفة لدينا كلنا؛ الآن لديه فرصة لتجديد نفسه للمشاركة في بناء دولة وطنية
* الحكومة المقبلة يمكن أن تؤدي لأن يكون الوضع أَسْوَأَ
* الآن التركيز يتم حول المناصب أكثر من الأولويات التي يريدها الشعب السوداني
* هنالك أزمة وتدنٍّ في القيادة في كافة مستويات الحياة السياسية الآن .
* هنالك مزايدات، وهنالك دولة ضعيفة، وهنالك مراكز متعددة لاتخاذ القرار؛ ولا قرار في نفس الوقت!
* الأزمة الحالية للانتقال أكبر من رئيس الوزراء نفسه
* (الحرية والتغيير) غير قادرة على تقديم قيادة أو برنامج
* لن تستطيع (الحرية والتغيير) أن تتفق على رئيس وزراء آخر
فوق الساعة من الزمان؛ جلسنا مع نائب رئيس الحركة الشعبية ياسر عرمان.. حاولنا قدر المستطاع أن نطرح عليه أسئلة الشارع والراهن السياسي، فإجاباته مهمة جداً، فهو ضمن كتلة سياسية عسكرية لها وزنها؛ تستعد للدخول في الحكومة الجديدة؛ وإدارة الدولة.
زميلتي شمائل النور وشخصي، كانت لنا لقاءات عدة في الخرطوم وجوبا مع القائد عرمان. وكل واحد منا كان يرغب في إجراء حوار معه في الفترة الماضية، إلا انه كان يحبذ الصمت حيال ما يدور في الساحة، ووافق أخيراً على إجراء لقاء سياسي؛ مشترك لصحيفتينا.
حزمة من التساولات وضعناها أمامه: “مشاكل قوى الهامش، وتعيين رئيس وزراء جديد، والتسوية السياسية بين المدنيين والعسكريين، وموقعه في الحكومة الجديد، والبرنامج السياسي للحكومة الجديدة، والخلافات داخل الحركة الشعبية، والحوار مع الإسلاميين”، كل هذا والمزيد من الاسئلة أجاب عليها القائد عرمان، فمعاً إلى تفاصيل اللقاء.
حوار: عطاف محمد مختار وشمائل النور
* تتحدث عن ضرورة التلاقي والإجماع لتصحيح مسار الثورة، لكن في ذات الوقت أنتم لم تستطيعوا أن تقدموا قائمة ترشيحاتكم للحكومة القادمة، ألا تعتقد أن هذا شيء مؤسف؟
هذا مؤسف غاية الأسف يا عطاف.. قوى الهامش لديها مشاكل عديدة في تركيبتها، وجاءت من رحلة طويلة ومرهقة. وقوى الهامش تهتم بقضايا المواطنة ولا تهتم بقضايا الديمقراطية. وقوى الحرية والتغيير تهتم بقضايا الحقوق المدنية ولا تهتم بحقوق المواطنة. ونصف كل منهما عند الآخر، لابد من إيجاد صيغة مناسبة. هنالك أيضا أزمة قيادة؛ وتدنٍّ في القيادة في كافة مستويات الحياة السياسية الآن ، وإذا قارنا بثورة أكتوبر نجد أن القيادة كانت أكثر تأهيلاً من القيادة الحالية في كل المسرح السياسي وفي كل الأحزاب. يجب أن نعترف بذلك، هذا لا يقلل مننا؛ بل يضع مهاماً جديدة على عاتقنا، ولذلك أنا أعتبر أن إنجاز اتفاقية السلام مثل تحريك جبل من الجبال، أمر صعب لا يجب التقليل منه. هناك مصاعب ويجب حلها، ويجب أن نعمل جميعاً؛ لأن السودان الآن في حالة من (البازار العريض) ومن التشتت والاحتقان الاجتماعي والإثني والطبقي. فما فعله عمر البشير بالسودان لن يستطيع أكثر أعدائه شراسة أن يفعلوه به. وأنا أقول إن القوات المسلحة السودانية بانحيازها للثورة؛ بغض النظر عن الأسباب؛ قطعت شوطاً كبيراً جداً ويجب أن تكمله بالوصول إلى تسوية حقيقية، وكون القوات المسلحة طلعت من فك البشير؛ ومن فك التسييس، ومن فك الأيدلوجية، وحررت نفسها، فهذه الثورة يجب أن يكتمل تحريرها بانحياز نهائي للشعب السوداني. والدعم السريع رغم تجربته المعروفة لدينا كلنا؛ الآن لديه فرصة لتجديد نفسه للمشاركة في بناء دولة وطنية وأن يخرج من تجربة الماضي، فبعد ذهاب البشير لا يمكن أن نمارس ذات الأساليب القديمة.
* مقاطعة.. لكن قبل أيام مات في معتقلاته أحد المواطنين الأبرياء جراء التعذيب؟
كل ذلك يجب أن ينتهي.. ويجب أن يتم حوار حقيقي بين كافة القوى المكونة للمشهد السياسي الحالي.
* هل تعتقد أن في تشكيل الحكومة المقبلة مخرج من الوضع الحالي؟
الحكومة المقبلة ممكن أن تؤدي لأن يكون الوضع أَسْوَأَ؛ إذا لم يحسن التعامل مع الأوضاع، لأن وجود القوى السياسية والأحزاب وقوى السلام؛ يمكن للمشاركين أن يكون أكثر من (13) رئيس وزراء في الحكومة، إذا لم يحسن الاتفاق على الأولويات والتجانس، فتوزيع الحقائب الوزارية ليس هو الأهم، بل الأهم تحديد الأولويات، والإجابة على “ما هي برامج الحكومة؟، وما الذي نستطيع أن نفعله؟”، أنا أعتقد أن حتى هذه الأزمة المرتبطة بعدم الاتفاق؛ يجب أن نخرج منها بالوصول لحكومة بحرص وعناية وبرنامج بأولويات واضحة، أكثر من أن نعلن الأسماء في يوم واحد؛ ويتم أداء القسم وتتضح الأزمة بعد ذلك. فإذا كان هنالك تغيير يجب أن يكون تغييراً من أجل مناقشة القضايا الحقيقية. الآن التركيز يتم حول المناصب أكثر من الأولويات التي يريدها الشعب السوداني. الشعب لا يهمه إن كان عطاف أو شمائل النور في الوزارة؛ بل يهمه الأداء ويهمه البرنامج والأولويات، التي تصب مباشرة في الأكل والمياه والسكن والمواصلات، والأهم أزمات الريف؛ التي لا تعنيها هذه القضايا. حينما ذهب إلى الجنينة كان أولويات ناسها هي “الأمن والأرض”، وفي الخرطوم الأولويات هي “المواصلات والرغيف والبنزين”، فالسودان فيه وجدان سياسي مختلف في المدينة والريف، كيف نصالح بينهم؛ في احتياجات مختلفة؟؛ هذا هو المهم.
* في ظل الضائقة الاقتصادية، الناس تتساءل عن ماهو البرنامج الاقتصادي للحكومة؟، في وقت لا نرى فيه أي برنامج سياسي للحكومة. وبطبيعة الحال فالبرنامج الاقتصادي هو تنفيذ للبرنامج السياسي، ماهو برنامج الحكومة السياسي السابق والقادم؟
الشيء الأول؛ أنا أعتقد أن الموارد السودانية كافية؛ إذا تمت إدارتها بشفافية لتلبية الاحتياجات الرئيسية للشعب السوداني، مثل “الخبز، والأدوية، والمواد البترولية”، فما ننتجه من ذهب وثروة حيوانية وصمغ عربي وزراعة وغيرها؛ يمكن أن يكفي السودان. الأمر الآخر؛ لا نحتاج لتعقيدات فلسفات اقتصادية، نحتاج لتلبية احتياجات فعلية للمواطنين، “كيف نفعل ذلك؟ كيف نتعامل مع العالم الخارجي؟”، هنالك مزايدات، وهنالك دولة ضعيفة، وهنالك مراكز متعددة لاتخاذ القرار؛ ولا قرار في نفس الوقت!. لذلك أنا أعتقد أن الأزمة الاقتصادية في الأصل أزمة سياسية، هذه هي النقطة التي أود أن أصل إليها. فالأزمة الاقتصادية هي أزمة سياسية منذ أن سقط البشير، فالبشير أزمته كانت سياسية؛ وليست اقتصادية؛ “ضيق القاعدة الاجتماعية لنظامه؛ الحروب المتطاولة في الريف، سوء إدارته للعلاقات الخارجية”. والأزمة الحالية تأخذ شكلا جديدا، لكن نفس شكل الأزمة القديمة؛ وهي امتداد لها. لأن السياسة لا تسعف الاقتصاد.
* بعد كل هذه الفترة الطويلة يجري الآن الحديث عن لجان لتقييم أداء الوزراء وأداء أعضاء المجلس السيادي، ألا تعتقد أن الوقت قد حان لتقييم أداء رئيس الوزراء؟
أنا شخصيا لم أشهد أي تقييم للجان، بل شهدت الناس جميعهم يبحثون عن كيفية التوزيع الفني للوزارات؛ وزيادة عددها، وتوزيعها، هذا ما يتم، حتى لا نخدع شعبا.
أنا أعرف رئيس الوزراء منذ 30 عاماً، ولا أود أن أضفي عليه جملاً زائدة، سوى بالانحياز لأدائه؛ أو الوقوف ضد أدائه، لكن أقول إن الأزمة الحالية للانتقال أكبر من رئيس الوزراء نفسه. وحتى الذين لا يرغبون في مشاهدة رئيس الوزراء في المشهد السياسي الحالي؛ هم سيعقدون الأزمة أكثر ولن يحلوها بغيابه، وأعتقد أن رئيس الوزراء ليست لديه مؤسسة، سواء المؤسسة السياسية أو المؤسسة الفنية، اللتين تعملان معه. هو يحتاج لعملية إصلاح تشمل القوى السياسية؛ وتشمل مساعدة أدائه، وإسقاط رئيس الوزراء لن يقدم حلاً.
* إذن أنت تتحدث عن استمراره؟
استمراره مع إصلاحات فعلية؛ هو الاتجاه الصحيح.
* رئيس وزراء يتم توفير الإصلاحات له!!، أم يوفرها هو بنفسه؟
الاثنان معاً. أساساً الفكرة الرئيسة أن الحرية والتغيير تقدم قيادة وبرنامجا، ولكن الحرية والتغيير غير قادرة على تقديم قيادة أو برنامج.
* حتى الآن ؟
نعم حتى الآن ، حتى الآن .
* ألا تستطيع أن تقدم بديلاً آخر لرئيس الوزراء؟
لن تستطيع. دعنا نكون واضحين، لن تستطيع الحرية والتغيير أن تتفق على رئيس وزراء آخر. ولا تستطيع حتى أن تتفق على الوزارة، دعك من رئيس وزراء. ولذلك أنا أعتقد أن رئيس الوزراء يجب أن يبقى وأقولها بوضوح، ورئيس مجلس السيادة يجب أن يكون موجودا. ويتم اصلاح الوضع بشكل شامل. لكن الأهم من ذلك أن تتم تسوية سياسية بين المدنيين والعسكريين، فهذا البلاد تغيب فيها التسوية السياسية، واتفاقية السلام كان من المؤمل أن تُحدث تسوية سياسية.
هناك نقطة مهمة، ليس كل من وقع من قادة الهامش على اتفاقية السلام؛ لديه نفس الوزن والأهمية، لكن القادة الحقيقيين لن يتخلوا عن مطالب الهامش، ولن يتخلوا عن قضايا الهامش بالانحياز نحو المدنيين أو نحو العسكريين، فللهامش مطالب تاريخية؛ واولها قضية المواطنة. هناك دوار بحر قد يكون أصاب بعض قادة الحركات المسلحة بالخرطوم؛ سرعان ما سيصحون لمطالبهم القديمة. وأنا ضد التوجهات الجهوية لحسم قضية السلطة. وأعتقد أن التوجهات المبنية لإحداث قطيعة مع الماضي وإيجاد طريق جديد هو المطلوب.
* المفكر الراحل محمد أبو القاسم حاج حمد، قبل 20 عاماً قال لكم من قبل – أنت وقرنق ومنصور خالد – قال إن حديثكما المتواصل أن الشمال وأولاد البحر ينفردون بالحكم؛ هو حديث ليس حقيقيا، بل الذين ينفردون بالحكم هم نخبة رسم مسارها المستعمر، وأن طرقكم المستمر هذا سيأتي بنتائج كارثية في المستقبل وقد يقسم البلاد، فأبناء الشمال أنفسهم يعانون التهميش في مناطقهم. واتهمك أن تفكيرك أصبح جنوبي الهوى. البعض يقول إن طرح حاج حمد هذا يحدث الآن وقع الحافر على الحافر.. ألم يتغير تفكير ونظرة عرمان منذ ذلك الوقت؟
لم تتغير بمستوى الفكرة التي طرحها الأستاذ الراحل أبو القاسم حاج حمد، وهو شخص مفكر ووطني كبير، ونقاشنا لم يصل إلى نهاياته معنا رغم غيابه. الدكتور جون قرنق في وجهة نظري ووجهة نظر منصور خالد؛ فرصة أُهدرت. قرنق وحدوي وجاء بطرح جديد، وأثار أسئلة كان يجب أن تثار عشية الاستقلال، وهي التي أدت إلى انفصال الجنوب. وشيئان في المسرح الحالي الإبادة الجماعية وانفصال الجنوب؛ يجب أن يؤديا إلى تغيير المشروع الوطني القديم إلى مشروع وطني جديد. لكن أقول الحل ليس في تقسيم السودان.
وفي تجربتي، إذا كان هناك أي شيء جديد قد توصلت له بعد رحيل الأستاذ أبو القاسم حاج حمد، هو أن العمل المسلح لن يؤدي إلى ديمقراطية، وأن حركات التحرر الوطني في “أنغولا وفي موزمبيق وفي ناميبيا وفي جنوب السودان وفي إريتريا وفي إثيوبيا وفي رواندا وفي يوغندا” لم تصل إلى مشروع ديمقراطي لتلك الشعوب، بل كرست هيمنة فئات صغيرة في داخل السلطة، ولذلك أنا أؤمن بالحركات الجماهيرية والعمل السلمي الذي يشارك فيه ملايين المهمشين من كل طوائف الهامش بما في ذلك النساء؛ لإحداث تغيير ديمقراطي. في 2017 كتبت ورقة عن “ميلاد جديد لرؤية السودان الجديد وحركات التحرر الوطني في عالم اليوم” قلت هذه الإفادات قبل الثورة، والآن أنا مقتنع أكثر بأن ملايين الشباب الحاليبن يمكن أن يدفعوا نحو تحول حقيقي.
* هناك قضية مهمة يدور الحديث فيها، حول موضوع العدالة وعدم تحققها، وأن رموز النظام البائد لم يُقدموا لمحاكمات حقيقية حتى الآن . وملف قضايا دارفور لم يقدم البشير والضالعون فيها للمحاكم؟
ذلك بسبب أن النائب العام الحالي هو أفشل نائب عام في تاريخ السودان، ولم يستطع أن يقدم أي قضية متماسكة حتى الآن رغم مرور زمن طويل من تقلده لمنصبه. نحن مع محاكمة المجرمين؛ ولا حصانة لمجرم، لكن نحن أيضا نحن مع حقوق هؤلاء الناس في أن يجدوا محاكمة تحترم إنسانيتهم وحقوقهم وتستطيع أن تنصف الضحايا، ووجودهم الحالي ليس فيه إنصاف للضحايا ولا إنصاف لآدميتهم نفسها، وهذه واحدة من القضايا الكبيرة التي لم تستطع الفترة الانتقالية حلها. والحكومة القادمة يجب أن يكون هذا في مقدمة أولوياتها. لذلك تحدثنا عن “ماهي الأولويات للحكومة؟”، وهي (المعيشة، تنفيذ اتفاقية السلام، والعدالة، وكيفية أن يكون هناك برنامج واضح). نحن لا نريد أن نغير النائب العام الحالي بنائب عام جديد، أو نأتي بوزير عدل جديد أو نُبقي على القديم، لكن “من أجل ماذا؟، وماهي المهام التي يجب أن تنجز؟”.
* الأمين العام للحركة الشعبية قال في رسالة لرئيس الوزراء؛ إن ترشيحاتك أنت وعقار؛ حول الحكومة الجديدة؛ غير ملزمة.. ماذا يجري داخل الحركة الشعبية؟
لا أريد أن أدخل كثيراً في هذا الموضوع. لكن دائما الرسائل لكافة الجهات يقدمها رئيس الحركة الشعبية فقط، لا أقدمها أنا كنائب رئيس ولا يقدمها الأمين العام.. الحركة الشعبية طالما نحن في قيادتها؛ ستعمل من أجل الديمقراطية لكل السودان، ونحن لن نتزحزح عن مواقفنا في تنفيذ اتفاقية السلام؛ وإنزاله على الأرض، رفضنا من قبل تملص البشير من تنفيذ الاتفاق السابق، ونحن قادرون على أن نمضي في تنفيذ اتفاقية السلام وإنجاح الفترة الانتقالية، وإنجاح حركة ديمقراطية لكل السودانيين تلزم بوحدة السودان.
رئيس الحركة هو الذي سيقدم القائمة المشاركة في السلطة. وبالبنسبة لي أنا لن أشارك في أي منصب، ورفضت هذا الأمر من قبل حينما كنا حركة قبل انفصال جنوب السودان، رفضت خمس وزارات.
* ولا حتى رئاسة المجلس التشريعي؟
ولا حتى المجلس التشريعي.. لم أسع مطلقاً له.. وأسمع مثلكم ترشيحي من بعض الجهات؛ ولم تناقشني لمعرفة وجهة نظري.. لكن أقول لك هناك عمل من أجهزة النظام السابق ضدي، وأنا لا أخشى هذا العمل، وأي شيء يحدث ضدي في الفترة القادمة – ولدي معلومات كثيرة – لن أنسبه إلا لأجهزة النظام السابق. وهذه الأجهزة تعرفني من قبل؛ فأنا نفس الشخص وهم نفس الشخوص. وإن حدث لي أي شيء هي المسؤولة وليست أي جهة غيرها.
* تتحدث وغيرك من الحاكمين في (الحرية والتغيير)؛ عن الأجهزة الأمنية؛ وعملها ضد الدولة وضد تنفيذ الوثيقة الدستورية واتفاقية السلام.. أين جهاز الأمن الداخلي الذي من المفترض أن يتم تكوينه منذ فترة؟.. كيف لحكومة أن تبقى بلا جهاز أمن؟
كلامك صحيح.. لكن نحن لم نحكم؛ ولم نشارك في الحكم بعد، سنشارك. نعتبر عندما نتحدث عن الأولويات التي قلتها لك؛ نعتبر تغيير هذه الأجهزة القديمة بأجهزة جديدة تتواكب مع الوضع الحالي..
الطبقة السياسية جميعها تعاني من أزمة بما في ذلك نحن، هذه الأزمة لن تجعلنا نتهرب من مهامنا. وكما تعلم يا عطاف، لم نكن أنا وأنت وأكثر المتفائلين؛ لم نكن نتخيل في أننا سنجلس على هذه الضفة من نهر النيل في الخرطوم؛ وسيجلس البشير على الضفة الأخرى في كوبر. نحن نؤمن بشعبنا ونؤمن أن التغيير ممكن، ونحن قطعنا شوطا بعيدا، وسنكمل هذا المشوار مع شعبنا، ولسنا وحدنا، والشعب السوداني سيكمل هذا المشوار وسنكون معهم.
* قبل أيام تحدثت عن مبادرة من حزب الأمة والجبهة الثورية لتكوين كتلة انتقالية، ما الهدف من هذا التحالف؟
الهدف بسيط، أنا أتحدث عن قوى الثورة والتغيير، فهي الآن موزعة ومتفرقة، وليس لديها مؤسسة وبرنامج وأولويات تجمعها، فالانتقال من شروطه حاجتان مهمتان، الشرط الأول أن تكون هناك قوة اجتماعية عريضة؛ تحمي وتدعم هذا الانتقال. والشرط الآخر أن تكون هناك قيادة موحدة ومنسجمة، والانتقال الحالي لا يحقق هذين الشرطين. لذلك اجتمعنا في الجبهة الثورية مع حزب الأمة، وكان اجتماعاً غاية في الجودة، لأنه لأول مرة ناقشنا مع حزب الأمة بوضوح كيفية أن نعمل ككتلة موحدة. وأنا أشجع دخول حزب الأمة في الحكومة الانتقالية وندعمه، وندعم دخول أكبر قوى واسعة. وأرى أيضا أن غياب الحزب الشيوعي عن المسرح أضر بالانتقال، ويجب أن نسعى لحوار حقيقي مع الحزب الشيوعي، ولعودة (الشيوعي) لأداء دوره الحقيقي مع الآخرين. وكذلك التيار الإسلامي الذي وقف ضد الإنقاذ وكان راغباً في التغيير والعمل المشترك. وأنا هنا لا أتحدث عن المؤتمر الوطني، والمؤتمر لاوطني يجب أن لا يشارك، لكن الإسلاميين الراغبين في التغيير يجب الحوار معهم.
* المؤتمر الشعبي مثلاً؟
أعطيت أمثلة عديدة من قبل، ولا أريد أن أمتلك لائحة التصنيف الآن ، لكن الإسلاميين الذين وقفوا ضد نظام البشير..
* بمعنى آخر، هناك جزء من (الشعبي) غرق مع سفينة الإنقاذ، وجزء آخر منهم كان مع التغيير؟
كل من غرق فليذهب، والذين لم يغرقوا ووقفوا مع الشارع مثل هشام الشواني، والتجاني عبد القادر وغيرهما، فلا يجب أن يستبعدوا.. وأنا لا أتحدث عن المؤتمر الوطني الذي يجب أن يستبعد من هذه العملية نهائياً، وأنا أتحدث عن التيار الإسلامي الراغب في تجديد نفسه وتجديد السودان، هذا تيار مهم نحتاج للحوار معه.