اعمدة

ندى بدر .. تكتب .. “صرخة صامتة” .. الفاشر ودموع الرجال!

سئل حكيم (هل يبكي الرجال ؟) قال نعم لكن دموعهم غالبآ ما تكون علامة على قوة مشاعرهم أو عجزهم عن إظهار ضعفهم!! الكثير من الثقافات

 

 

 

سئل حكيم (هل يبكي الرجال ؟) قال نعم لكن دموعهم غالبآ ما تكون علامة على قوة مشاعرهم أو عجزهم عن إظهار ضعفهم!! الكثير من الثقافات والحضارات العالمية تتفق على أن الرجال لا يبكون ، اما ثقافتنا السودانية فهي تكرس لهذا الأمر وتجعله واقعآ لا يقبل التغيير !! قد تغرق البنت السودانية في بحور من الدمع ولا تجد من يستهجن هذا الأمر ، لكن الولد _مهما كان عمره _اذا ذرف دمعة واحدة يضج المكان بصرخة ( انت راجل .. ما تبكي!) . ما قادني لكتابة هذه السطور صورة ابت الا ان تسكن مخيلتي لأحد النازحين الذين قدموا من مدينة الفاشر المكلومة إلى منطقة الدبة بالولاية الشمالية في الفترة الفائتة ، كان يتوكأ على عصا عوضآ عن ساقه المبتورة ، حزن ممزوج بالألم جعل مراسل قناة العربية والحدث يندفع نحوه ليعكس للمشاهد المعاناة التي عاشوها أثناء رحلتهم ، لكن الكلمات كانت عصية ولم يجد ذلك الرجل أبلغ من الدمع ليصف رحلة لم تقلهم فيها (توسان أو سبورتاج) بل كانت سيرآ على الأقدام أيام بلياليها ، لم يتزودوا بالطعام والشراب بل كان زادهم الخوف والحزن على اطفال انهكهم الجوع والعطش . بكى ذلك الرجل ولن يجد من يلومه على ذلك الأمر ، بل إن العالم بأسره أن كان لديه قلب يجب أن يبكي لما يحدث في السودان .. لهؤلاء الأطفال الأبرياء الذين حرموا من ابسط مقومات الحياة ، لتلك الجثث المبعثرة في الطرقات ، لتلك الأسر التي تفرقت بها السبل وهام أفرادها في أنحاء العالم . لقد شبع السودان جراحآ وارتوى من دماء أبنائه ، وبات على شفا حفرة من الانهيار لدرجة ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يجد ما يصفه به سوى انه المكان الأكثر عنفآ على وجه الارض ، وهو الذي لم يكن يعلم السواد الأعظم من أهله معنى المسيرات ، أصبح أطفاله يستيقظون على أصوات الدانات وزخات الرصاص ، وصرخة صامتة تهرب من حناجرهم أن أوقفوا شلالات الدماء في بلادنا !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى