السفير الصادق المقلي .. يكتب .. الأمم المتحدة بين حكومة “تأسيس” والجيش السوداني: تمثيلٌ مُعقّد ومصالح متشابكة
من الواضح أن الأمم المتحدة لن تمضي في اعتماد أي ترشيحات صادرة عن حكومة "تأسيس" في نيالا، إذ سبق للمنظمة

من الواضح أن الأمم المتحدة لن تمضي في اعتماد أي ترشيحات صادرة عن حكومة “تأسيس” في نيالا، إذ سبق للمنظمة أن أكدت رفضها التعامل مع أي حكومة موازية، باعتبار أن مثل هذه الخطوات تعقد الأزمة أكثر، وتفتح الباب أمام مخاطر تقسيم الدولة.
في الوقت الراهن، تعتمد الأمم المتحدة سفير حكومة الأمر الواقع في الخرطوم ممثلًا للسودان داخل المنظمة، وهو نهج يتسق مع سوابق دولية مشابهة، كما في ليبيا واليمن والصومال، وحتى في حالة الصحراء الغربية، التي تتمتع بعضوية في الاتحاد الإفريقي دون أن تحظى بتمثيل معتمد في الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن خطوة حكومة “تأسيس” كانت متسرعة وغير مدروسة، إذ كان من الأجدى أن تلجأ إلى خيارات بديلة، مثل طلب مخاطبة الجمعية العامة باعتبارها طرفًا في الحرب، أو محاولة الحصول على إذن لممثلها من واشنطن، كما حدث سابقًا مع قادة سياسيين سودانيين، من بينهم خضر الشفيع وسلطان المساليت الذين خاطبوا مجلس الأمن في ظروف مشابهة.
لكن تعقيدات الموقف لا تقف عند الأمم المتحدة فحسب، بل تتصل مباشرة بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تفرض عقوبات على طرفي النزاع في السودان، فضلًا عن إدراج السودان ضمن قائمة الدول المحظور على مواطنيها دخول الأراضي الأمريكية. ومع ذلك، كثيرًا ما استخدمت واشنطن سياسة “الجزرة والعصا”، فسمحت لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالمشاركة في ثلاث دورات للجمعية العامة، وإن قيدت تحركات وفده ضمن نطاق مقر المنظمة، في حين منعت الرئيس الفلسطيني مؤخرًا من الحضور، رغم التزامها بموجب المادة 47 من اتفاقية مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وتُظهر هذه الأمثلة، من حالة الرئيس الأسبق عمر البشير إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصولًا إلى القيادة الفلسطينية، أن الولايات المتحدة لا تتردد في تعطيل التزاماتها الدولية إذا ما تعارضت مع حساباتها السياسية والأمنية.
في ضوء ذلك، يخلص محللون إلى أن حكومة “تأسيس” أضاعت فرصة أكثر واقعية للتواصل مع المجتمع الدولي عبر قنوات بديلة، واختارت مسارًا لن يثمر سوى مزيد من الجدل حول مشروعية تمثيل السودان في الأمم المتحدة.






