اعمدة

السفير الصادق المقلي .. يكتب .. العقوبات الأمريكية قديمة متجددة، فَهل يا تري انتقلت واشنطن الي سياسة العصا ؟؟ ( 3—– 1)

 

 

 

 

في الثاني و العشرين من مايو الماضي أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على السودان بذريعة استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية خلال النزاع الأهلي في عام 2024. بموجب القانون الأمريكي عن حظر الأسلحة الكيماوية و البيولوجية لعام 1991..
تشمل هذه العقوبات قيودًا على الصادرات الأمريكية وخطوط الائتمان الحكومية الأمريكية،
دخلت هذه العقوبات حيز التنفيذ في السادس من يونيو الجاري.
هذه العقوبات قديمة متجددة.. المستجد هو إضافة تهمة استخدام الجيش لأسلحة كيميائية الي السبب السابق المتعلق بانقلاب أكتوبر 2021..

اخطر ما في هذا القرار ان الإدارة الأمريكية انتقلت من مربع العقوبات على الاشخاص targeted Sanctions الي مربع فرض العقوبات على الدولة بعد ان فرضت هذه العقوبات من قبل على البرهان و حميدتي و اخوه و على كرتي.. انتقلت الى اشهار العصا في عهد ترامب بعد جزرة بايدن.. و هنا تصعيد و تشدد و مزيد من الضغوط على الحكومة السودانية.
العقوبات خاصة الفقرة الخاصة بخطوط الائتمان الحكومية لا تقف فقط في مستوى العلاقات الثنائية و لكن سيمتد اثرها على اي دولة تتعامل مع السودان إذ ان الولايات المتحدة الأمريكية ممسكة بذمام النظام المصرفي العالمي متعدد الأطراف َ.كما سنرى لاحقا َ.
هذا القرار ياتي في أعقاب جولة ترامب الاخيره في الخليج خاصة دولة الإمارات..كما عزا بعض المحللين السياسين من المؤيدين لإستمرار الحرب
الي ما أسموه بصفقة ما تمت بين ترامب و محمد بن زايد في هذا الصدد ، بل ان خبراء عسكريين مثل عامر حسن علي ذهب إلى القول ان هذه العقوبات هي في إطار (( الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على السودان منذ عامين؛)) و لعل هذه سردية خلافية حيث تم لأول مرة الحديث عن ارتباط واشنطن في هذه الحرب العبثية. و صحافيون مثل ضياء الدين أشار الي ان الهدف من هذه العقوبات هي فرية و محاولة مكشوفة لتقليل شأن الانتصارات الميدانية الساحقة التي حققها مؤخرا الجيش السوداني. بل إن حسن طرحة… لسخرية القدر و في ردة واضحة عن منافحته لنظام الإنقاذ خاصةً إبان انتفاضة 2013..حيث ولد من رحمها لقبه المتداول… استدعى ذاكرة استسهال البشير لهذه العقوبات حيث ناشد البرهان بتجهيز حذاءه لكي يدوس هذه العقوبات بحذائه.!!!!!
و لعل ما يثير الدهشة هو ما ذهب اليه في هذا السياق مكي المغربي و هو مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية،، و الملحق الاعلامي هناك قبل سقوط تظام الإنقاذ.،،حيث صرح بان السودان لا يشهد عقوبات و لم يعد مصنفا ضمن الدول الراعية للارهاب… نعم كان ذلك من أهم إنجازات حكومة د حمدوك.. و لكن بانقلاب اكتوبر 2021 قوض هذالمكتسب ، اعيدت هذه العقوبات الأميركية مرة أخرى.. حيث تم تعليق علاقات السودان مع كافة المصارف المالية الدولية متعددة الأطراف و أهمها مجموعة البنك الدولي و بنك التنمية الأفريقي و أكثر من ثمانية مصاريف دولية أخرى..
كما تم ايضا تعليق مسار إعفاء الديون في إطار مبادرة الهيبيك التي تأتمر بامر المجموعة. و نادي باريس.. و قد ربطت هذه المصارف إعادة تطبيع علاقاتها مع السودان باستعادة مسار التحول الديمقراطي و الدولة المدنية في السودان.. كما سنرى بالتفصيل لاحقا…
بل إن هذه العقوبات الأميركية قد بدأ التلويح بها من قبل في اطار القانون الأمريكي لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان عام 2020.. حيث صدر ما سمي (( قانون دعم التحول الديمقراطي و المحاسبية و الشفافية المالية لعام 2020 ،)) كتحفيز للتحول الديمقراطي في السودان إثر سقوط نظام الإنقاذ.. و على سبيل المثال ورد فيه في هذا السياق ما يلي… في الأبواب 8، 9 و 11.
.
الغاء الديون والمساعدات المالية الأخرى :

( ا ) وجهة نظر الكونجرس يرى الكونجرس بأن التحديات الاقتصادية في السودان هي موروث لاعوام من النهب وسوء الادارة الاقتصادية والحرب وان تعافي السودان اقتصادياً يعتمد على التالي:-

محاربة الفساد والنشاط الاقتصادي غير المشروع إنهاء الصراعات الداخلية في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق تشجيع النمو الإقتصادي والتنمية الشاملة
(ب) اعفاء الديون والمساعدات المالية الأخرى ، بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، يقوم وزير الخارجية ووزير الخزنة بالتواصل مع المؤسسات المالية الدولية والجهات الدائنيين الرسميين للدفع بحدوث اتفاق عن طريق مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون

(ج) يوضع جهاز الامن والمخابرات تحت اشراف مدني ويخضع لحكم القانون وان لا يقوم بافعال لتقويض حكومة انتقالية بقيادة مدنيين اوحكومة مدنية منتخبة.

ا) افعال او سياسات تهدد السلام والامن او الاستقرار في السودان بما في ذلك استخدام الجماعات المسلحة

(ب) القيام بافعال او سياسات تقوم او تقوض او توفر او تمثل خطرا في تقويمه وتقويضه او تأخير الحصول على الحقوق المدنية والسياسية للشعب السوداني والانتقال السياسي في السودان.

(ج) يوضع جهاز الامن والمخابرات تحت اشراف مدني ويخضع لحكم القانون وان لا يقوم بافعال لتقويض حكومة انتقالية بقيادة مدنيين اوحكومة مدنية منتخبة.و هذا ما حدث في أكتوبر 2021 و من ثم تم فرض العقوبات الأميركية و الدولية على السودان كما سنرى لاحقا..

. ..
لعل نفي هذه المزاعم الأمريكية لا يغير في الأمر شيئًا… و دونكم مزاعم استخدام صدام حسين الاسلحة الكيميائية في العراق و تصنيع أسلحة كيميائية في مصنع الشفاء في السودان.. مرت هذا النفي و لم يجد اذنا صاغية في واشنطن فتم تدمير العراق و مصنع الشفاء. ؛!!
و قد عجبت لتصريح الأمريكي هدسون ان هذه العقوبات لن يكن لها آثار سلبية على الاقتصاد السوداني.

 

 

 

 

 

و هذا لعمري قراءة خاطئة يكذبها الواقعَََ.. هذه العقوبات الأميركية كان لها القدح المعلي في انهيار البنية التحتية و التنموية في السودان إبان نظام الإنقاذ حيث تم فرضها منذ عام 1993و استمرت حتى سقوظ النظام مع تخفيف لها غير ذي بال في عام 1997..و استمرت بسبب وضع السودان ضمن الدول الراعية للارهاب. و استمرت قطيعة السودان مع المنظومة المصرفية الدولية حتى سقوط تظام الإنقاذ .
و كان من النتائج الكارثية في عهد الإنقاذ ، كما تم تعليق مسار إعفاء الديون و انهيار قطاعي السكة الحديدية و النقل الجوي بسبب الحظر الأمريكي في حق السودان لاسبيرات القطارات و الطائرات التي هي تصنع في امريكا.. بما في ذلك حتى الاسبيرات الخاصة بماكينات طائرات الاير بص. الألمانية الفرنسية.. الأمر الذي أدي الي تعطيل كلا اسطولي القطارات و الطائرات بصورة كليه.. فلم يعد هناك عبر السكك الحديدية و لا الخطوط الجوية السودانية.

 

 

 

 

 

نعم قد اتفق مع قراءة اماني الطويل التي ذهبت إلى القول ان هذه العقوبات القديمة المتجددة ربما تحمل رسالة و ضغوط سياسية من شأنها ان تدفع الحكومة السودانية الي تليين موقفها إزاء الحل السلمي للنزاع في السودان..
و لكنني اري من جهة أخرى ،،

و لعل في قرار واشنطن الرفع الجزئي و الهام جدا للعقوبات المفروضة على سوريا رسالة في بريد من يقللون من شأن هذه العقوبات الأميركية.. و ما لها من أثر إيجابي في انطلاق تعافي لإقتصاد كان مكبلا العقوبات الأميركية و الأوروبية… و لعل اهمها العقوبات الشخصية على الشرع و بعض معاونيه،فك الحظر على الطاقة و النقل الجوي و غير ذلك من مقومات النهوض الاقتصادي و التعامل المصرفي مع الخارج و الصادر و الوارد في البلاد..
و مثلما حصلت حكومةٍ د حمدوك علي قروض تحسيرية لتسديد قروضه من مجموعة البنك الدولي، اهلته لاستئناف علاقاته مع المصارف المالية الدولية متعددة الأطراف و استعادة أعفاء الديون.. تحصلت سوريا على اعفاء ديونها بفضل مساهمة سعوديه و قطريه. الامر الذي يمهد بعد رفع العقوبات إلى تدفق العون التنموي و الإنسانَي و علاقات جيدة مع شركاء التنمية.

 

 

 

 

 

هذه العقوبات الأمريكية القديمة الجديدة سوف تحكم أكثر من طوق العزلة الدولية و الإقليمية التي يعاني منها السودان منذ انقلاب اكتوبر 2021..
فالسودان اليوم خارج المنظومة الإفريقية ،. خارج منظومة ال ACP الإقليمية و اتفاقية كوتونو ، خارج منظمة الايقاد.. خارج منظمة التجارة الدولية WT0, و خارج المنظومة المصرفية الدولية و الإقليمية و في مقدمتها مجموعة البنك الدولي و بنك التنمية الأفريقي.. و خارج مبادرة الهيبيك لاعفاء الديون..
الأمر الذي يحتم على الكل ساسة و عسكر الي الاحتكام الي صوت العقل و التفكير خارج الصندوق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لوطن علي حافة الانهيار التام و مواطن مغلوب على أمره كتب عليه ان يسدد فاتورة هذه الحرب العبثية على إمتداد الوطن و على مدار الساعة.
إلي الحلقة الثانية من المقال. .

.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى