حيدر الفكي .. يكتب .. (حتى الآن) .. الحرب تجاوزت الميدان التقليدي !

تجاوزت الحرب مدى توقع كل المتابعين والمهمتمين بالشان السياسي السوداني بل تجاوزت سقف توقع طرفي الحرب انفسهم وبتواتر مضطرد وايقاع سريع لم يعطي حتى مهلة لفكرة الإستيعاب نفسها لانه من طبيعة الأشياء هو التدرج وبالذات في الاعمال الكبيرة والإستراتيجية سواء كان في السلم او الحرب مع وضع الإعتبار لنسبية التدرج هذا حسب معطيات الواقع السياسي المعني..
ما يحدث في السودان الآن شئ يفوق الوصف والتصور إذ انتقلت الحرب بين عشية وضحاها الي عمق العاصمة الإدارية بورسودان عبر الاجواء من خلال المسيرات والصواريخ الموجهة في تطور مثير ومتسارع حيث تم استهداف المنشآت الحيوية الهامة المطار وقاعدة عثمان دقنة الجوية ومستودعات الوقود والميناء وكانت الخسائر فادحة وجسيمة .. تلازم هذا التحول في الهجوم المكثف على بورسودان مع الضربة الموجعة والمؤلمة التي وجهها الجيش حيث استهدف مطار نيالا التي تسيطر عليه قوات الدعم السريع ودمر طائرة شحن ومخازن للاسلحة داخل المطار وحسب مراقبين فقد كانت الخسائر كبيرة ومن ضمنها خسائر بشرية ويقال ان من بينهم خبراء اجانب وعليه يمكن القول ان الحرب اتخذت منحى شديد التعقيد وتصعيد خطير وغير مسبرق علي مستوى الكم والكيف في استهداف مواقع إستراتيجية حساسة وانتقلت الحرب من مربع الارض وبكل تقليديته وحساباته البطيئة في صنع الفارق الى مربع الاجواء المفتوحة والتي تصنع فارقاً كبيراً وفي زمن قياسي مع الكلفة الباهظة على مستوى الخسائر والدمار وهنا يجب ملاحظة ان مثل هذا النوع من الحروب يحتاج الى إمكانية لوجستية وفنية ومادية متقدمة مما يستدعي كل الاسئلة للحضور ومنها هل يمكن لمليشيا مهما لاقت من انواع الدعم المتقدم خارجياً ان يصل مستوى تهديدها الى هذا المدي وبهذا الحجم من الدمار؟؟!! وهنا تسهل الإجابة بالنفي ولكن يظل التعقيد خلف الإجابة وفي الطرف الآخر الذي يبدو انه اختار خيار المواجهة المباشرة من غير وساطة المليشيا ولكن خلف ستار التمويه خاصة وان هناك خبراء يتحدثوا عن إنطلاق المسيرات والصواريخ الموجهة من البحر الاحمر وهذا تطور خطير جدا وله ما بعده ان صحت هذه الأخبار لأن امن البحر الأحمر شأن سوداني نعم فيما يتعلق بمستوى التهديد الامني علي البلاد ولكنه في نفس الوقت شأن إقليمي يهم كل دول الجوار المطلة على ساحله ومن هنا يصبح الأمر شائكاً وأكثر تعقيداً وخطورة ….
والسؤال المنطقي هو هل قيادة الجيش لم تتحسب لهذا الامر؟ هل بورسودان تعيش تحت القبة الحديدية المضادة للصواريخ ام انها اجواء مكشوفة وعلي الارض كل المنشأت تحت رحمة المسيرات والصواريخ الموجهة من غير تأمين واجهزة متطورة قادرة على التعامل مع مثل هذه الظررف؟
وفي تطور إستثنائي وغير مسبوق في تاريخ العلاقات السودانية الإماراتية اعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والإحتفاظ بحق الرد على خلفية احداث بورسودان حيث كانت هى القشة التي قصمت ظهر البعير.. وقد كانت العلاقات بين البلدين تعيش حالة من التوتر والشكوك والإتهامات الموجهة ضد الإمارات من قبل المسؤولين تلميحاً وتصريحاً وتم اتخاذ خطوة عملية في هذا الشأن بالدعوى التي رفعها السودان في محكمة العدل الدولية (لاهاي) ضد الإمارات وقد تم رفض الدعوى لعدم الإختصاص وتم شطب الدعوى.. ولكن ظل الإحتقان الشعبي ضد دولة الإمارات يمثل اقوى تيار وبغالبية كبيرة بإعتبارها الداعم الأساسي لمليشيا الدعم السريع.
ومما سبق يتضح ان الإستهداف اصبح يهدد كل البلاد وليس هناك منطقة بمعزل ومنأى عن التهديد ودونك ما حصل في عمق العاصمة الإدارية بورسودان وما حدث من قبل لعطبرة ومروي وبربر وتعطيل المد الكهربائي من معظم البلاد!!!! انها الحرب لن يجني منها الشعب غير الويلات والدمار والخراب وكلما تعالت نغمة البشريات بالنهاية شبت نارها في موقع أخر وبشكل اشد ضراوة وفتكاً
ومضة :
هى روح مُتعبة بفوضى الجسد مُنهكة بفكر العقل ووعي السؤال