اعمدة

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ( فزع الحروف ) .. ” جلواك ” انا أحملك مسؤلية ايقاف هذه الحرب !

 

 

 

بالأمس حضرت حوارا مهما ، في إطاره العام حوارا فنيا لكن محتواه يعتبر حوار قضية بامتياز ، ولا يخلو من الفكر العميق .. ومن المفارقة العجيبة طرفا الحوار الاول مسرحي كوميدي يبدو ك هلفوت ( لو لقيتو واقع ما ترفعو ) والثاني صحفي مقطع ومفلس ويبدو أنه غير جادي خالص وبدليل أنه ( شحد النت والموبايل ) من زميلنا الفخيم مصعب شريف ليجري هذا الحوار علي منصته ب ( التك توك ) وبحكم الجيرة حضرت هذا الحوار ..
المسرحي هو الفنان محمد جلواك والله لو لم يقدم في حياته إلا هذه المرافعة رفيعة المستوى لكفاه ذلك ، وهي وحدها كفيلة بأن تضعه في قمة من أعطى لشعبه وأنتصر ، أما المحاور فهو صديقي وزميلي ايمن كمون الصحفي الحاذق الذي اذا مزح كأنه لم يجد في حياته ، وإذا جدٌ بزل حتى احترق ، ليعطي غيره عملا احترافيا راقيا ويرهق كل من يحاول يحذو حذوه ، وصراحة عندما تابعت الحوار كان عندما يسأل كمون ضيفه جلواك نتمنى أن لا يسكت وتشعر بأنه يعبر عن كلما يجول بخاطرك لتجد له إجابة ، وعندما يبدأ يجاوب جلواك كأنك تخوض في بحر من العلوم بلسان فنان زرب .. وصراحة “فلس” كمون وهو يبحث عن انترنت موبايل ليؤدي به رسالته الإعلامية أنه لشرف باذخ لا يضاهيه شرف في زمن الأقلام والذمم معروضه في سوق ( النخاسة ) ، مع العلم لو اصطف أي كمون في صفوف اي من الوالغين في دماء شعبنا لكان فى بحبوحة يحسد عليها أو يحُزن لها ، لكن حاله الآن كحال كل الصحفيين الذين رفضوا هذه الحرب ونأوا بأنفسهم من أجندة أطرافها ..

 

 

 

 

 

أما جلواك الهلفوت حقا عندما تسمو الأرواح بادبها وعلمها ومقاصدها يصبح لا يهم الجسد أن يبدو كهلفوت أو ك( خشب مسندة ) ، وحقا مؤسف انا اكتشف هذه الروح ( الجلواكية ) التي اخجلت تواضعي انا شخصيا ونعتبر أنفسنا متابعين لشأننا السوداني ونحن نجهل هذا الشخص العظيم.

..بالمناسبة حتى الآن جلواك ليس له مال ليهديه ولا خيل يسومها حتى لا يظن فينا ظنا كما تظن النفوس الضعيفة . وكما قال هو بنفسه اي جلواك في هذا الحوار بعد أكثر من عام من اندلاع هذه الحرب حتى استطاع أن يوفر لبناته كاس زبادي في مدينة شندي حتى أصبح حاجة غريبة عليهم ، وكانوا هو وأفراد أسرته أسمى أمانيهم أن يحصلوا على وجبة عدس “مسوس” وهم قابعين تحت القصف والنيران في ام درمان وتلك قصة أخرى يرويها على لسانه .

 

 

 

 

 

 

اما الحوار المعني وهو مبزول على منصة زميلنا ايمن كمون على ( التيك توك ) يمكن الاطلاع عليه وانا متاكد كل سوداني سيجد نفسه فيه ، الحوار يا سادتي عبارة عن محاضرة قيمة وإن خرج من النص في كثير من الاحيان وحتى الخروج من النص نفسه كان لمزيد من الاتقان . فالحوار بالنسبة لأهل المسرح مهم للذين يتلمسون طريقهم في هذا المجال وكذلك الذين وصلوا القمة ، صديقنا جلواك عندما كان يتحدث عن زملاءة كان يمشي على أطراف انامله حتى لا تخرج منه كلمة جارحة نحوهم ، أما عندما يتحدث عن أساتذته كان يحسب أنفاسه ويقدم ألف عذر حتى إذا كان ذكرهم عرضا .. ما هذا الأدب الجم يا جلواك ؟! فهذه ليست تربية أسرة فقط التي يقاسمها فيك الشارع ولا مدرسة أو جامعة بل مجال عملك الجميع يعتبره مبني على ( قلة الأدب ) !
جلواك عندما كان يتحدث عن المسرح ظننت بأن شكسبير على يميني وكل رواد الاوبرا على يساري ، وعندما كان يتحدث عن القيم والأخلاق ظننت المتحدث ابن القيم ، وذلك ليس ليقدم نفسه واعظ أو مرشد بل حدد ذلك عندما قال ما لا يرضاه لبناته لا يرضاه لكل الأسر .. وان اكبر العقبات حتى الآن معظم الشعب لا يدرك قيمة المسرح ( اعطيني مسرحا اعطيك أمة ) ..
لكن اهم ما في الحوار أو المحاضرة عندما لامست الاسئلة واقعنا المرير ونحن نعيش افرازات هذه الحرب القذرة ..عندما طرحت عليه سؤال : هل يستطيع أهل المسرح أو اهل الفن عموما أن يرتقوا فتق نسيجنا الاجتماعي الذي مزقه خطاب الاستقطاب الحاد بسبب هذه الحرب .. وكانت افضل إجابة عندما قال لازم نتمسك ب ( الامل ) . ولكن إجابته كانت أكثر تفصيلا عندنا سألت أحد المتداخلات وهي تطلب من اهل المسرح تحديدا بأن يوقفوا هذه الحرب وأن يعملوا على ذلك بقدر ما يستطيعوا لأنهم مؤهلين أكثر من غيرهم خاصة أهل السياسة الذين أصبحوا مرفوضين من أغلب المجتمع فكانت إجابة جلواك تفصيلية ..فقال جلواك هنالك مبررات مثلا الذين يرفضون الحرب يتهمون بأنهم ( قحاتة وجنجويد ) ويسمونهم ( جغامسة ) وهنالك من يصطفون مع استمرار الحرب ( بالبسة ) .. ثم قال هنالك من يمارسون الصمت النبيل خوفا من التصنيف .. لكننا يا سيد جلواك نضم صوتنا لصوت الذين يصرخون في صمت بأن أوقفوا هذه الحرب اللعينة نحن شعب يستحق السلام .. هذه الرسالة نحملها أهل المسرح تحديدا بأن يوقفوا هذه الحرب بادواتهم السلمية تحديدا والمعروفة والمجربة سلفا .. لعلها هذه المرة ( تخرج من المسرح ) ) ..
ولنا عودة لهذا الحوار أو المحاضرة القيمة مع جلواك أن شاء الله ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى