اعمدة

الجميل الفاضل.. يكتب..(عين علي الحرب) و”عروس النيم” تخضوضب أيضا بالدم؟!

متابعات : ترياق نيوز

هنا في “أم روابة”، المدينة الكردفانية الوادعة، معلم آخر إسمه “الطيب عبيد الله”، يذبح أمس في أول جمعة من شعبان، من الوريد الي الوريد، ذبح الشاة والبعير، يقطع عنقه، ويجز رأسه، في ذات تاريخ يوم، كان قد إغتصب، ثم عذب، فقتل فيه، المعلم “أحمد الخير” بمنطقة خشم القربة، قبل نحو خمس سنوات.
بيد أن دمه هو الآخر كان قد تفرق بين تسع وعشرين مدانا محكوما بالإعدام، تبخروا مع سحائب هذه الحرب الدموية، أو ربما أنهم قد تفرقوا بين كتائبها بإخلاء السجون، لمزاولة ذات مهامهم القديمة في مكان آخر، وعلي أناس آخرين.
فأفلتوا شأنهم شأن غيرهم من كبار القتلة والمطلوبين دوليا من العقاب.
غير أن المؤكد الي الآن علي الأقل، هو أن “عروس النيم” كما يحلو لأهلها الوصف، قد باتت هي أيضا مخضوبة بدم معلم “سبعيني”، صبغ دمه جلبابه الأبيض الناصع، قبل أن يسقي رمال مدينته وثراها.
المهم فإن آلة هذا القتل النوعي الخاص، هذا القتل الجهنمي المروع، لا زالت هي تدور، حيثما أستدارت الحرب بكتائب ظلها لممارسة نوع عملها المسمي بالخاص.
رغم أنف المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتّحدة فوركر تورك، الذي أبدي في ذات جمعة “الطيب عبيد الله” امس، “قلقه البالغ” إزاء تقارير أفادت بحصول عمليات إعدام ميدانية بحقّ مدنيين في شمال الخرطوم، إرتكبتها عناصر من الجيش السوداني وميليشيات متحالفة معه.
وأكتفي تورك بالقول: “أن القتل العمد للمدنيين أو الأشخاص الذين لم يشتركوا في أعمال عدائية، أو توقفوا عن المشاركة فيها، يُعدّ جريمة حرب”.
وكان بيان صادر عن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد قال: أن معلومات تم التحقق منها، أفادت بمقتل ما لا يقلّ عن (18) شخصا، بينهم إمرأة، في سبع حوادث منفصلة، إرتكبها مقاتلين وميليشيا تابعة للجيش منذ إستعادة القوات المسلحة السيطرة على منطقة بحري في 25 يناير”.
وأشار البيان إلى أن “العديد من ضحايا هذه الحوادث، التي وقعت في محيط مصفاة الجيلي، ينحدرون من دارفور أو كردفان في السودان”.
إضافة لمزيد من الإدعاءات المثيرة للقلق من الخرطوم بحري”، يقول مكتب حقوق الإنسان أنه بصدد التحقق منها.كما أشار البيان إلى مقطع فيديو تم تداوله أول أمس الخميس يُظهر رجالا يرتدون زي الجيش وأفرادا ينتمون إلى لواء البراء بن مالك في الخرطوم بحري، وهم يقرؤون قائمة طويلة بأسماء أشخاص يُزعم أنهم متعاونون مع قوات الدعم السريع، ويردّدون كلمة “زايل” وتعني “قتيل” بعد كل إسم.
وإعتبر تورك أنّ “هذه التقارير عن عمليات إعدام بدون محاكمة، في أعقاب حوادث مماثلة وقعت في وقت سابق من هذا الشهر في ولاية الجزيرة، مقلقة للغاية”، مشدّدا على وجوب “ألا تصبح عمليات القتل هذه أمرا طبيعيا”.
وأعرب مكتب حقوق الإنسان عن قلقه بشأن احتمال وقوع مزيد من الهجمات، “في ظل تهديدات مروعة بالعنف ضد المدنيين”.
وأشار المكتب إلى مقطع فيديو آخر إطلعت عليه مفوضية حقوق الإنسان يُظهر أحد أفراد لواء البراء بن مالك: “وهو يهدّد بذبح سكان منطقة الحاج يوسف بشرق النيل”.
علي أية حال، فقبل أكثر من ألف سنة علي “إتفاقيات جنيف” الأربعة، التي يطالب فولكر تورك السودانيين باحترامها، كان الخليفة الأول”أبوبكر الصديق” قد أطر للحرب بقيم وأخلاقيات الإسلام العالية، وفق قواعد أشتباك دقيقة للغاية، لم تغادر صغيرة ولا كبيرة، ليس ثمة مثلها إلي يومنا هذا، قالت ما يلي: “لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا إمرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة، وسوف تمرّون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له”.
وقد رسم الخليفة الثاني “عمر بن الخطاب” بإيجاز بليغ، مدخلا لرعاية جميع الحقوق، وضمان كل الحريات، وصيانة كافة الحرمات، عبر سؤال مزلزل للضمير الإنساني برمته، لا زال يتردد صداه في آذان العالم، إذ هو سؤال مباشر ظل يخاطب وإلي يومنا هذا، كل متسلط جبار، وكل ديكتاتور مستبد، بقوله جملة واحدة: “متي إستعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى