دكتور. عبدالناصر سلم.. يكتب.. رسالتي الى الفريق عبد الفتاح البرهان والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)
في ذكرى استقلال السودان، أقف مخاطبًا ضميركما، وكلي أمل أن يكون هذا اليوم نقطة تحول في مسيرة الوطن. أنتما اليوم أمام مسؤولية كبرى، وأمام شعب أعياه النزاع والحروب، ولكنه لا يزال يترقب منكما خطوة نحو السلام الحقيقي الذي يحفظ وحدة السودان وينهي خطاب الكراهية الذي يمزق مكوناته.
لقد شهدنا في خطاباتكما، رغم الاختلاف، دعوات إلى الوطن، ولكننا لم نرَها تترجم إلى أفعال توقف نزيف الدم. حين يقول الفريق عبد الفتاح البرهان:
“السودان لن ينهض إلا إذا اتفقنا جميعًا على كلمة سواء تحفظ وحدته وتصون كرامة شعبه.”
وحين يصرح الفريق حميدتي:
“السلاح لن يكون وسيلة لبناء وطن، ولا مكان للخلافات حين يكون الشعب هو الخاسر الأكبر.”
فإننا نتساءل: متى تصبح هذه الكلمات واقعًا؟
السودان اليوم ينزف:
أكثر من 120.000 قتيل.
ملايين النازحين والمشردين.
اقتصاد منهك وبنية تحتية مدمرة.
لكن الألم الأكبر ليس في الأرقام، بل في فقدان الأمل لدى شعب كان يحلم بعد الثورة بمستقبل أفضل.
انظرا إلى تجارب إفريقيا من حولنا:
رواندا تجاوزت الإبادة الجماعية بفضل قيادة حكيمة ومصالحة وطنية.
جنوب إفريقيا خرجت من الفصل العنصري بتضحيات القيادة التي جعلت الوحدة هدفها الأول.
ليبيريا وسيراليون حولتا الحروب الأهلية إلى صفحات جديدة من البناء والسلام.
إن هذه التجارب تُعلمنا أن السلام ليس مستحيلًا، ولكنه يحتاج إلى شجاعة التنازل، وإرادة صادقة لوضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار.
كما قال نيلسون مانديلا:
“إذا أردت صنع السلام مع عدوك، عليك أن تعمل معه، حينها سيصبح شريكك.”
وكما قال الزعيم الإفريقي كوامي نكروما:
“الطريق إلى الوحدة هو الطريق إلى السلام، والوحدة تبدأ بالتفاهم.”
أدعوكما إلى ترجمة أقوالكما إلى أفعال. اجعلا هذا اليوم بداية لوقف الحرب، والجلوس إلى طاولة الحوار من أجل سودان موحد، آمن، ومزدهر.
اختارا أن تكونا قادة للسلام، فالتاريخ لن يرحم من يفرط في دماء شعبه ووحدة وطنه. الشعب السوداني يستحق قيادة تليق بحلمه الكبير، قيادة تجعل بناء الإنسان غايتها، والسلام طريقها.
أنتما اليوم أمام مسؤولية تاريخية. الشعب السوداني الذي منحكما الثقة بعد الثورة يتطلع إلى السلام وبناء الإنسان السوداني. إن وقف الحرب ونزيف خطاب الكراهية بين مكونات المجتمع هو السبيل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان ومستقبله.
أدعوكما إلى اتخاذ خطوات جادة وفورية لوقف إطلاق النار، والجلوس إلى طاولة الحوار، والعمل معًا من أجل سودان موحد يسوده السلام والعدالة. التاريخ لن يرحم من يفرط في دماء شعبه ووحدة وطنه.
دكتور عبدالناصر سلم حامد
كبير الباحثين فوكس للدراسات ومدير برنامج شرق أفريقيا والسودان