اعمدة

الجميل الفاضل .. (عين على الحرب).. “النفاق” سلاح إستراتيجي في حرب السودان؟! (3)

 

 

 

 

   في ظني أن إنتقاما متدرجا من “أهل النفاق” الذين حكموا هذه البلاد لأكثر من ثلاثين عاما، في طريقه لأن يتحقق الآن.
فقد قال مالكُ بن دِينار: قرأتُ في الزَّبُور: “إنِّي أنتقِمُ منَ المنافِقِ بالمنافِقِ، ثم أنتقِمُ من المنافِقين جميعًا”.
وبالتالي فإني أتصور أن هذه الحرب تنطوي بدرجة ما، علي نوع من الإنتقام من المنافقين جميعا بلا إستثناء، بمقدار ونوع المشاركة في المظالم المهولة التي حاقت بأهل السودان، خلال العقود الثلاث الماضيات.
وفق قاعدة تقول: أن الذين تجمعُهم المصالحُ والنفاقُ، يُسلِّطُ اللهُ لا محالة بعضَهم على بعض، حيث قيل: “مَنْ أَعَانَ ظَالِماً سَلَّطَهُ اللهُ عَلَيْهِ”.
وهذه حكمةٌ مصداقُها في القرآن قوله تعالى: “وكَذَلِكَ نُوَلِي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ”.
وقد عدد الفقيه “ابن القيم” مآلات الظالمين ومداخل ظلمھم قائلا: “قد شاهد الناس عياناً أنه من عاش بالمكر، مات بالفقر، وأن من مَكر بالباطل مُكِر به، ومن إحتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خُدِعْ”.
وأستدل بن القيم علي مصير أھل النفاق والخداع، بقوله تعالى: “إِنَّ المُنافِقينَ يُخادِعونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُم”.
وقوله تعالى: “استِكبارًا فِي الأَرضِ وَمَكرَ السَّيِّئِ وَلا يَحيقُ المَكرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهلِه”.
مشيرا الي أنك لا تجد ماكراً إلا وهو ممكور به، ولا مخادعاً إلا وهو مخدوع، ولا محتالاً إلا وهو محتال عليه.
علي أية حال فكل الطغاة الظالمين الذين أخذهم الله أخذ عزيزٍ مُقتدر، إنما أخذهم وهم في كامل قوّتھم وأوج جبروتهم. ‏
إذ قال من لا ينطقُ عن ھوي: «إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته».
ثم قرأ: (وكذلك أخذُ ربِك إذا أخذ القُرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد).
أنظر كيف حين أهلكَ اللهُ “فرعون” بالغرق، لم يهلكه بتغيير موازين القوة، وإنما أهلكه وهو يقول: “أنا ربكم الأعلى”، أخذه وهو في أوج قوّته، يقود جيشه الجرار.
وحين أهلكَ اللهُ “النمرود”، لم يهلكه في لحظة ضعفٍ، وإنما أهلكه وهو في قمّة غَطرستِهِ، يُنادي في النَّاس: “أنا أُحيي وأُميتُ”.
وبالطبع حين أهلكَ اللهُ (عاد)، لم يهلكها بتغيير الأسباب، وإنقلاب الموازين، وإنما أهلكهم وهم يقولون: “من أشدُّ منّا قوَّة”.
وكذا حين أهلكَ اللهُ (ثمود)، فإنما أهلكهم وهم ما زالوا يجوبون الصَّخر بالواد.
بل وحين شتَّتَ اللهُ شمل (الأحزاب) يوم غزوة الخندق، اليوم الذي ضاقتْ فيه على المؤمنين الأرض بما رحبت، وبلغت قلوبھم الحناجر، لولا أن أتت الريح تعدو عاصفة بأمر ربھا، لكي تقضي أمرا كان مفعولا.
وبالطبع “وما يعلمُ جنود ربّك إلا هو”، متي قدر ھبوا، وأينما نادي لبوا.
المهم فإني أري أنَّ هذه الحربُ قد خرجتْ قبل أن تبدأ، من يد حتي “الطرف الثالث” الذي دبر لھا وأشعلھا، وكذا من أيدي طرفيھا المباشرين لھا، ھي حرب تُسيِّرها منذ إندلاعھا يدُ القدرة الي ما قضي الله من أقدار ومقادير.
وبالطبع لا مناص للناس في مكابدة ويلاتها، من التحلي بالصبر، وحكمة الشيخ الشعراوي التي يقول فيھا ناصحا: “لا تقلق من تدابير البشر، فإن أقصى ما يستطيعون هو تنفيذ إرادة الله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى