لم تكن العدالة في يوم من الايام مجرد شعار للإستهلاك ولا مجرد كلمة رنانة تُمهر بها ديباجة الطرح السياسي لأي جهة ولا مجرد كلمة للدعاية وإنما هى قيمة وفعل يعتمد عليها كل المجتمع وفي كل قطاعاته وقد كان شعار ثورة ديسمبر المجيدة هو حرية سلام وعدالة ولو كان طرح شعار الثورة هو (عدالة) لكانت كافية ووافية وشافية لأنه على باب العدالة تترسخ كل القيم فمن خلال العدالة تتحقق الحرية ويعم السلام و العكس صحيح فعندما تغرب شمس العدالة تصادر الحريات و ينعدم الأمن والأمان وتبدأ الصراعات والحروب نتيجة المظالم وتعم الفوضى ويستشري الفساد وتغيب دولة القانون وتحل محلها دولة البطش والإرهاب والإستبداد وهذا ما كان عليه الحال في ظل النظام البائد وهو نموذج متفرد لغياب دولة القانون و العدالة ولكل ذلك كانت الأسباب الموضوعية والمنطقية هى التي استدعت الحراك الثوري وفي مقدمتها العدالة حيث سالت الدماء رخيصة في مبتغاها وفاضت ارواح الشهداء على عتباتها وصعدت الى عليائها وهى تحمل البشارة بفجر الخلاص فهل يعقل بعد كل هذه التضحيات والتي مازالت مستمرة وبالامس القريب مع خواتيم رمضان وعلى مشارف العديد ارتقى شهيدين هل بعد كل ذلك نقبل بأن تكون العدالة هى الحلقة الأضعف ؟؟!!
استبشرنا خيرا عندما انتصرت الثورة وكان فرس الرهان الذي راهنا عليه والذي سوف يحدث الفارق هو قوة الأجهزة العدلية متمثلة في القضاء والنيابة في ظل حكومة الثورة ولكن يبدو ان مستوى التوقع وسقف الأحلام أكبر من واقع الحال وسرعان ما اتضحت الحقيقة المؤلمة بأن هذه الأجهزة تحتاج إلى انتباه وعمل كبير ومواجهة حقيقية لأن سنام نجاح الثورة وبناء المجتمع يعتمد عليها بشكل كلي وأساسي فهى مازالت تحت تأثير مفاصل الدولة العميقة واتضح ذلك من خلال الأداء الضعيف في كثير من القضايا .. والنيابة العامة نموذجا حيا لهذا الترهل والضعف وهى المنوط بها حفظ الحقوق وهى الكيان القانوني الذي يمثل الشعب وتتولى الدعوة العمومية بإسم المجتمع وتختص دون غيرها بتحريك الدعوة الجنائية وهى الوجهة الحادبة على تطبيق القوانين هذه هى النيابة التي اعرفها وهذه هى النيابة التي في صلاحها قوة للمجتمع ولكن صاحب مستوى الأداء كثيراََ الضعف و هناك قضايا مفصلية مازالت معلقة و تم تشكيل لجان تحقيق كثيرة لم تقدم أي تقرير او رؤية وإنما اصبحت اللجان هى مقبرة القضايا .. وهنا لابد من ان يتم تصحيح الأخطاء التي صاحبت الفترة السابقة وان يتم العمل وفق المعايير المهنية والعدلية .. وكذلك الحال بالنسبة للقضاء وهو يمثل قمة اجهزة الهرم العدلي والسلطة الفضائية بإستقلاليتها فهى تمثل كل القوة وهى صاحبة الكلمة الفضل ولكن أيضا مستوى الأداء كان لايتناسب مع طموحات وآمال التغيير لأن هناك إصلاح إداري وهيكلي مفترض ان يتم وملفات كثيرة شائكة ومعقدة مازالت على حالها
شئ من حتى
يحدونا أمل كبير بأن يتم إصلاح الأجهزة العدلية متمثلة في النيابة والقضاء على خلفية الإقالة والإستقالة ليفتح صفحة جديدة وعهدا جديد لمسيرة العدالة وتحقيق دولة القانون على أرض الواقع بكل ماتحمله من معاني .. وارجو ان يلحق الأستاذ نبيل اديب بالركب ويتنحى ليترك المجال مفتوحاََ لكل الخيارات الجادة في التعامل مع هذا الملف الحساس الذي أصبح هو محور الرأي العام ومؤشر نجاح شعار العدالة الا وهو ملف فض إعتصام القيادة العامة