تغييرات سلفا كير الواسعة.. محاولة لتثبيت الحكم وسط عواصف سياسية وأمنية في جنوب السودان
في تطور لافت يعكس حجم التحديات التي تواجهها دولة جنوب السودان، أقدم الرئيس سلفا كير ميارديت على إجراء تعديلات واسعة
جوبا – متابعات : ترياق نيوز
في تطور لافت يعكس حجم التحديات التي تواجهها دولة جنوب السودان، أقدم الرئيس سلفا كير ميارديت على إجراء تعديلات واسعة في القيادات العسكرية والوزارية، في خطوة وُصفت بأنها الأعمق منذ توقيع اتفاق السلام الأخير، وجاءت في وقتٍ تتزايد فيه حدة التوترات السياسية والاضطرابات الأمنية.
تأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الخلافات داخل مؤسسة الحكم، حيث يخضع النائب الأول للرئيس رياك مشار للمحاكمة بتهم “تقويض النظام الدستوري ومهاجمة مواقع حكومية”، وهي تهم اعتبرها أنصاره ذات طابع سياسي، تهدف لإقصائه من المشهد.
ومنذ أشهر، تشهد البلاد حالة من الاستقطاب الحاد بين جناح الرئيس كير وأنصار مشار، وسط تباطؤ تنفيذ بنود اتفاق السلام الهشّ الموقع عام 2018، ما جعل الساحة السياسية مهيأة لأي تصعيد جديد.
التعديلات شملت تعيين الفريق أول بول نانق مجوك رئيساً لقوات الدفاع خلفاً للفريق داو أتورجونق نيول، الذي نُقل مستشاراً فنياً بوزارة الدفاع. وتعد عودة بول نانق إلى رئاسة الجيش إشارة واضحة إلى سعي كير لتقوية الجناح العسكري الموالي له في ظل تراجع الثقة داخل المؤسسات الأمنية.
كما أُعفي الدكتور لام أكول، زعيم الحركة الوطنية الديمقراطية، من منصب وزير النقل، ليحل محله رزق زكريا، في خطوة فُسرت بأنها إزاحة لآخر رموز المعارضة المدنية من مواقع القرار.
وشملت القرارات كذلك نقل دنّاي جوك شاقور إلى وزارة الحياة البرية والسياحة، وإعفاء بينق جيديون مابور من وزارة شؤون دول شرق إفريقيا وتعيين الفريق فيينق دينق كوال بدلاً منه.
وامتدت التغييرات إلى سلطة الطيران المدني ووزارة العمل، ضمن ما وصفته الرئاسة بأنه “إعادة هيكلة لتعزيز الكفاءة وتحسين الأداء الإداري”.
يرى مراقبون أن هذه التغييرات تأتي في إطار محاولة كير لتثبيت أركان حكمه وإحكام السيطرة على الأجهزة الحساسة، خصوصاً الجيش والأمن، في مواجهة التحديات المتصاعدة.
ويعتبر محللون أن إبعاد شخصيات سياسية مؤثرة مثل لام أكول يرمز إلى تراجع دور القوى السياسية التقليدية لصالح القيادات العسكرية المقربة من الرئيس.
كما تأتي هذه الخطوة متزامنة مع محاكمة مشار، ما يعزز الانطباع بأن سلفا كير يسعى إلى تحييد خصومه السياسيين وإعادة رسم خريطة السلطة في البلاد، مستفيداً من المناخ الأمني المتوتر لتبرير إعادة الهيكلة.
تضع هذه القرارات جنوب السودان أمام مرحلة جديدة من إعادة التموضع السياسي والعسكري، قد تمكّن سلفا كير من تعزيز قبضته مؤقتاً، لكنها في المقابل تُنذر بتوسّع دائرة الغضب داخل معسكرات المعارضة، وتهدد بإعادة إشعال الصراع إذا لم تُدار بحكمة.
> ويرى مراقبون أن “الاستقرار في جنوب السودان لن يتحقق عبر القرارات الفردية مهما كانت حاسمة، بل عبر إحياء المسار التوافقي وإعادة بناء الثقة بين أطراف الحكم الانتقالي.”













