اعمدة

مصباح أحمد محمد .. يكتب .. كل دور إذا ما تم ينقلب، سوريا نموذج الطغاة المستبدين، وسقوط نظرية الحرب من أجل البقاء في السلطة !

الطغاة لا يستفيدون من التجارب، ودائمًا لديهم مبررات للاستمرار في تحقيق أهدافهم مهما كانت كلفتها البشرية والمادية، ولذلك تجدهم دائمًا يتخذون بعضهم البعض قدوة في تطبيق نظرية “كن أكثر استبدادًا لتستمر في السلطة”، وينسون أن الله هو صاحب الملك يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء.

التحولات الكبيرة في الشرق الأوسط ومخطط رسم خريطة المنطقة من جديد، والصراع العالمي بين المحاور الدولية، يؤكد أن أمد الطغاة قد انتهى، وأنهم سيدفعون دفعًا إما نحو حتفهم أو خروجهم من المشهد عبر سيناريو ما حدث للأسد، لا سيما حلفاء المحور الروسي الإيراني، واهم من يظن أن الحرب الطويلة واستنزاف الشعب يمكن أن يحصن وجوده في السلطة، لأن الحرب دائمًا ما تراكم المرارات وتصنع مزيدًا من الأعداء الجدد من الأجيال الجديدة التي دمرت الحروب مستقبلها وشردت الأسر ونكلت بالأبرياء، وقد رأينا كيف أن أشبال سوريا الذين شردتهم الحرب أطفالا عادوا إليها ضمن قوات الجيش الوطني السوري، محققين النصر على من شردهم ونكل بأهلهم ودمر بلادهم التي كانت قبلة للسياحة ومنبعًا للثقافة والإبداع والفنون، وحولها إلى ثكنة عسكرية وحول المدن الجميلة إلى خراب.

تهانينا للشعب السوري الشقيق، فاليوم سوريا حرة وأهلها أحرار فرحين بسقوط الطاغية الذي دمر بلادهم وقتل أبناءهم وأفسد حياتهم، ونتمنى لسوريا مستقبلًا أفضل يتحقق فيه الاستقرار والنماء والسلام.

ومن كان يتخذ من بشار الأسد قدوة له، فإن بشار قد سقط وعليه أن يعتبر، لأن فرصة المخرج الآمن وصناعة التاريخ للشعوب لن تأتيك لأكثر من مرة، وأن الاعتماد على محاور الاستبداد الفاشستي لن يحميك من الأقدار، ولن يقف أمام تطلعات الشعوب في الحرية والعدالة والمساواة والسلام والديمقراطية.

رسالتنا للمتحاربين فوق جماجم الشعب السوداني: إن الحرب الحالية حققت عكس مقاصدها ووضعت وحدة البلاد وسلامتها على المحك، وقدمت أسوأ نموذج للصراع على السلطة في هذا القرن، انعدمت فيه مكارم الأخلاق وقيم الدين واحترام حقوق الإنسان. وشكلت الانتهاكات والسلب والنهب والتنكيل بالشعب السوداني قاسمًا مشتركًا بين الأطراف المتحاربة، ولا تزال الفرصة مواتية للتكفير عن جرائم هذه الحرب بإنهائها ورفع المعاناة عن المواطنين عبر العودة لمسار الحلول السياسية السلمية. فلا فرصة لنجاح الحلول العسكرية ولا انتصار في حرب التدمير والتقسيم والتركيع، لأن الشعب السوداني لم يعرف التركيع ولن يستسلم لتطلعات المستبدين، ولن يركن لدعوات أصحاب الردة والأجندة الحربية والشمولية، ولكم في تجارب الجوار عبرة، فاعتبروا منها واحقنوا دماء السودانيين وضمدوا جراحهم بتحقيق السلام العادل والشامل واستكمال أهداف ثورتهم المجيدة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى