الجميل الفاضل .. يكتب.. (عين علي الحرب).. “النفاق”، سلاح إستراتيجي في حرب السودان؟! (1)
لا أعرف وصفا إنطبق علي الناس هنا، في هذا الزمان، وتحت طائلة هذه الحرب، أكثر من وصف “النفاق”، بصفات “المنافق” التي أوجزها من اؤتي جوامع الكلم، عليه الصلاة والسلام، في ثلاثة أو أربعة كلمات جامعات.
نقلها عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) قائلا: ” أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر “.
وبمقابل وصف رسولنا الكريم للمؤمن الذي هو نقيض، الكافر خلافا للمنافق: “المؤمن إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا اؤتمن وفى”.
المهم ليس أدلَّ على خطورة “النفاق” من أنَّ سيدنا عمر بن الخطاب رضيَ الله عنه قال لحذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه: يا حذيفة، ناشدتك بالله، هل سماني لكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، ـ أي من المنافقين-؟.
قالَ: لا ولا أُزكّي بعدكَ أحداً.
وقد قطع الحسنَ البصري رضي الله عنه بالقول: “ما أمِنَ النِفاقَ إلا مُنافق، وما خافَ النفاقَ إلا مؤمن”.
إذ أن العلماء قالوا، النِفاق نوعان: نوعٌ أكبر ونوعٌ أصغر.
النوع الأكبر يوجِبُ الخلودَ في النار، بل وفي دركها الأسفل، لقوله تعالى:
“إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً”.
وكان قد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم, في مطلع سورة البقرة أربعَ آياتٍ تتعلق بالمؤمنين، من بين أصناف العالمين الثلاثة، المؤمنٌ، والكافرٌ، والمنافق.
فالمؤمنون قد خصّهم الله بأربع آيات من القرآن، والكفار اقتصر تبيانه لهم بآيتين فقط، بينما تحدث سبحانه وتعالي عن المنافقين في ثلاث عشرة آية، لما يمثل حضورهم من خطورة علي حياة الناس، وبالطبع لاستشراء وانتشار ظاهرة النِفاق عموما في هذا الكوكب.
ولذا قال سبحانه وتعالي في وصف دقيق لهذا الصنف الخطير من البشر:
“وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُون، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ”.
ـ ونواصل ـ