* من باب الاستزادة؛ حرصتُ على حضور منتدى نوعي ــ الأسبوع الفائت ــ ضمته قاعة مركز (ترياق) للخدمات الصحفية الكائن في وسط الخرطوم، وعلى مقربة منه نقابة الصحفيين السودانيين التي أفلحت بالتعاون مع المركز في تنظيم ندوة مهمة ذات عنوان طويل يناسب غلاف دورية مطبوعة توزع بالمجان.. العنوان هو: (تمدد خطاب الكراهية في أجهزة الدولة وفرص الخروج من الأزمة).
* ضمت المنصة ثلاثة متحدثين ــ مع حفظ الألقاب ــ هم: عبدالمنعم أبو إدريس، محمد عصمت يحيى، ساطع الحاج.. أحاط المتحدثون الموضوع بتنوع ثر وشفاف.. متفقون على ضرورة المعالجات الجماعية الناجعة؛ أملاً في هزيمة (الجائحة) المتعارف عليها باسم خطاب الكراهية.. وهذه المهمة توجِب التكاتف لإنجازها من قِبل الكافة.
* معلوم أن الدولة السودانية بجماعاتها المختلفة أصبح خطاب الكراهية يحتل فيها مساحات مخيفة؛ وليس الأمر وليد اليوم؛ بل جذوره قديمة؛ لكنها قويت بسطوة التيار الإسلاموي على مفاصل البلاد.. وانتشار هذا الخطاب في الدولة مرتبط بهشاشة المكونات البشرية في كافة الجوانب.. من هذه الجوانب ما قاله أحد السياسيين؛ وهو الأستاذ محمد عصمت رئيس الحزب الاتحادي الموحد؛ فقد لخص واحدة من أهم نقاط المنتدى بالقول: (القوانين السودانية قاصرة في معالجة القضايا ذات الطابع العنصري).
* بلا شك فإن طول زمن (المصارعة) داخل حلبة السياسة في السودان أفضى إلى قصور عام؛ شمل معه إهمال القضية الآنفة التي قدَّم المتحدثون أفكاراً ورسائلَ مهمة حولها.
(2 – 2)
* جهل خطير وفقر مثير وسط أنهار وكنوز بلا عدد؛ وتخلف من نتاج ذاكرة قبلية ذات تراث مُكمَّل بالشرور والخرافات.. ثم.. قبل كل هذا الخليط المضاد للرقي؛ ضِف (مقادير) تسلط سياسي واستبداد عسكري مُزمِن في السودان.. فما الذي تبقى حتى لا تستعلي الكراهية فوق جماجمنا؟!
* عوداً على بدء؛ وفي منتدى مركز ترياق الصحفي الذي أفرد بعض النهار للتداول حول خطاب الكراهية وكيفية معالجته؛ أبدى نقيب الصحفيين السوانيين عبدالمنعم أبو إدريس أسفه بالقول: إن القانون الدولي حتى الآن لم يجرِّم خطاب الكراهية.. وأن من العوامل التي اسهمت في انتشار هذا الخطاب شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.. مُذكِّراً بأن هذه المواقع تعيد الخطاب أكثر من مرة وتظهره بين أكبر عدد من الناس.
* المنتدى الذي نظمه مركز (ترياق) الصحفي اختار متحدثين جمع بينهم هدف يتواكب مع اسم المركز ورسالته.. الهدف هو الظَفَر بترياق ذي فاعلية لإبطال سُم الكراهية التي تفشت وسط مجتمعاتنا..! ونقيب الصحفيين أسهم بإضاءات في هذا الجانب منها دعوته لترسيخ ثقافة الحوار؛ فهي كما قال: السبيل الوحيد لنزع المسافات ما بين المكونات الاجتماعية، وأن البديل للحوار هو خطاب الكراهية.. ثم عمم دعوته بهذه الرسالة الموجزة: (القضية تهم كل أطراف المجتمع السوداني ولابد من حزم تجاه خطاب الكراهية ووقفه عند حده، والامتناع عن تداوله ونشره وعن الخطاب الازدرائي للمكونات سواء كانت اجتماعية أو سياسية).
* كذلك يوجد (ترياق) قد يسهم في كبح (أمراض الإعلام) والجهات الناشرة للخطاب العدائي إزاء المجتمعات في السودان؛ هذا الترياق – من عندي – افترض له كلمتين (العِظة بالتاريخ)! فقد استصحب أبو إدريس نموذجين من الماضي القريب يمكن القياس عليهما عند الحديث عن كارثية خطاب الكراهية.. النموذج الأول: الإبادة الجماعية في رواندا؛ وكيفية إشعال خطاب الكراهية إذاعياً بالتحريض؛ لتدور حرباً طاحنة بين الهوتو والتوتسي (1994م) على إثر إعلام الفتنة.. أما النموذج الثاني فقد جاء نصاً كالآتي: (الحرب في أثيوبيا والتي استمرت لسنتين في إقليم التقراي بدأت بتصريحات يتم تداولها؛ ونشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي للأطراف المختلفة، ثم تطور الأمر إلى الاشتباك العسكري.. وكان نتاج الحرب 600 ألف قتيل غير المشردين؛ غير التشرد والمجاعة.. الخ). انتهى.
* مؤكد للحديث بقية.. واختم بالقول: التقدم التقني الذي يؤجج خطاب الكراهية في بلادنا بنصيب الأسد يمكن أن يكون سلاحاً مصوباً لهزيمة ذات الخطاب.. لكن يلزمنا تنشيط أدوات تعليمية وتثقيفية كثيرة؛ مع وعي جماعي يستطيع رصد ومقاومة العنصريين ــ الجهلة.
أعوذ بالله.
——–
الحراك السياسي – الأحد/ الأربعاء.
داء الكوليرا يهدد قرى البزعة شمال شرق ام روابة ووفاة طفلين خلال (24) ساعة
متابعة : محمد أحمد الدويخ انعدام الأدوية والرعاية الطبية وأتيام التوعية أبرز النواقص للحد من انتشار المرض.. الأطفال وكبار...
Read more