قبل أن أدلف لعنوان المقال أعلاه لابد من الإشارة المهمة وهى أن تاريخ 19 ديسمبر هو تاريخ إعلان الاستقلال من داخل البرلمان ففي العام 1955 تقدم النائب عبدالرحمن دبكة فى جلسة البرلمان باقتراح أن مجلس النواب يعلن باسم شعب السودان أن السودان قد أصبح دولة مستقلة وذات سيادة كاملة؛ ثم ثني المقترح النائب مشاور جمعة سهل؛ ثم أيد المقترح زعيم المعارضة محمد أحمد المحجوب وأعقبه بالموافقة السيد مبارك زروق واجيز المقترح بالإجماع.
وقد تفاجأ عموم الشعب السوداني بإعلان الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأن الأثنين الموافق 19/12/2022 عطله رسمية بمباسبة ذكري ثورة ديسمبر المجيدة وهذا لعمري تزييف متعمد للتاريخ ونقول أن ثورة ديسمبر المجيدة انطلقت من الدمازين بتاريخ 13/12/2018 ثم كانت فى عاصمة الحديد والنار مدينة عطبرة في 19/12/2018 كما أن هناك ملاحظة أخرى وهي أن عمر الثورة حتى الآن أربعة سنوات فلماذا جاء الاحتفال بها الآن ولم يتم الاحتفال بها في السنوات التي خلت.
فتاريخ 19 ديسمبر خلده أباؤنا ألمؤسسون وهو مرتبط باستقلال بلاد نا من الاستعمار؛ عليه فإن احتفالنا بذكرى الاستقلال المجيد لا يكتمل إلا عندما نجعل من هذا الاحتفال وقفة لمراجعة مسيرتنا من أجل تأكيد وحماية ايجابياتها وتجاوز سلبياتها بتصحيح الأخطاء والانطلاق إلى الأمام.
إن تحليل واقعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي نعيشه اليوم يتطلب من كافة القوى السياسية والحركات المسلحة الموقعة على السلام وحركتي الحلو وعبد الواحد ومنظمات المجتمع المدنى والإدارة الأهلية والطرق الصوفية وتجمع المهنيين ولجان المقاومة وشباب الثورة بكافة مسمياتها ومكوناتها وأسر الشهداء أن تعالوا إلى كلمة سواء وتحكيم صوت العقل من أجل هذا الوطن الغالي الذي تشرزم فظهرت العصبية والعنصرية والجهوية والقبلية.
إن السودان تتهدده المخاطر محلية وإقليمية ودولية وذلك لموارده الضخمة التي فشلت الحكومات السابقة من استثمارها لعوامل داخلية وخارجية لذلك لا بد من حوار سوداني سوداني يمثل الحد الأدنى من التراضي الوطني دون شروط مسبقة على أن تكون بعثة اليونيتامس ورئيسها فولكر بيرتس من المسهلين لعملية الحوار والضامنيين لها حسب ما جاء في أمر تكليف البعثة الأممية حسب البند السادس إضافة للجنة الثلاثية والرباعية بأن تكون ضامنة لمخرجات الحوار السوداني السوداني.
إن الحوار السوداني السوداني يجب أن يهدف الى اعادة الاعتبار للدولة والحفاظ على تماسكها بعد أن بدأ واضحا هشاشتها وعجز ها في احتواء مصادر التهديد هنا وهناك.
يجب أن يتجاوز الحوار التركيز الضيق على تقاسم السلطة وذلك للتأسيس لمرحلة انتقالية خالية من الشوائب وقيام مجلس تشريعي انتقالي وحكومة تكنوقراط تعمل على إعداد تعداد سكاني وإعداد سجل انتخابى ليقود البلاد لانتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
وهذا يعني أن تقوم الأحزاب السياسية خلال الفترة الانتقالية ببناء نفسها والتصالح مع جماهيرها كما يمكن للكتل السياسية الموجودة الآن في الساحة أن تتحالف في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.
نواصل