في بيتنا “ترسان” عصيان علي الكسر، نبتا علي كيفهما الخاص، كسائر ابناء هذا الجيل، لا يقبلان ادني مساومة، ولا يعترفان بانصاف حلول، تعلمت من مصاب الجمعة “الفاضل” ومصاب الثلاثاء “مصطفي”، ماذا يعني بالضبط سميح القاسم وهو يقول:
الوحش يقتل ثائرا
والارض تنبت الف ثائر
يا كبرياء الجرح لو متنا
لحاربت المقابر.
فقد قدر ابني “مصطفي” الذي تجاوز العشرين بسنة واحدة، الا يترك مكان اخيه “الفاضل” الذي اصاب الكجر عينه في مقتل بمواكب الجمعة ٢١ اكتوبر.
فقد الح مصطفي في مواكب اليوم ٢٥ اكتوبر الا يترك هذا المكان في الصفوف المتقدمة شاغرا أوحتي ليسده سواه.
بيد ان من رموا عين اخيه اليسري بطلق مطاطي قبل ثلاثة ايام، ابوا الا ان يرموا ساعده الايسر هو كذلك بعبوة حارقة ذات شظايا، لم تترك في جسده الغض شبرا الا و غرست فيه انيابها الجارحة.
لقد امتحنني الدهر في اقل من اربعة ايام، في فلذتي كبدي.
امتحان شخصي وضعني فيه القدر امام سؤال مباشر.. هو سؤال الاتساق؟.
بيني وبيني سألت بالطبع نفسي.. تري هل كنت جديرا عند الاختبار بمقام ما دأبت أقول به للناس، وما ظللت اطلقه من افكار في الهواء الطلق؟ أم اني كنت غير ذلك؟ ثم هل انا قادر من بعد كل هذا علي تحمل مسئولية مثل هذه الافكار والأقوال والأفعال كما ينبغي وبقبول تام، بل وهل أنا قابل لدفع أثمان مثل هذه الافكار والافعال والاقوال، في أعز ما أملك من الدنيا، عن صبر ورضا وطيب خاطر؟.
هي اسئلة ارجو ان يكون قد حالفني النجاح الي الآن علي الأقل، في ترجمتها الي سلوك وواقع وفعل وممارسة.