الأحداث الجارية في السودان والتي اختلط فيها “الحابل بالنابل” مع تطاول أمدها اثرت بصورة مباشرة على التفكير الجمعي للشعب السودان ، وهي حالة أشبه بالتشويه البصري حيث اصبح الواحد منا اذا ادخل حديقة غناء لرآها مكب للنفايات .. لكن العزاء في ان الشعب السوداني ما زالت به ركائز مجتمع مثل العلماء الراسخون والطبقة المستنيرة وحكماء مجتمع بالفطرة يميزون بين الغث والسمين ..
مناسبة هذه المقدمة ما كتبته بعض الاقلام القذرة في حق زملاء لنا وقيادات مرموقة من بني شعبنا حافظت على اصالة هذا الشعب الذي عرف بحفاوة استقبال الضيوف واكرام وفادتهم .. الثلاثاء الماضي وشمس السودان الحارقة تتهادى نحو المغيب تاركة شئ من الزمهرير وجدنا انفسنا نحن كصحفيين وسط نخبة مميزة من فئات الشعب السوداني داخل الصالة الوزارية بمطار الخرطوم .. من بينهم شخصيات مجرد اللقاء بهم هو اضافة مهمة للسيرة الذاتية وهذا كلام بعيد جدا عن اي تصنيف سياسي وليس له علاقة بحالة الاستقطاب الماثلة في المشهد السوداني الحالي ، على الاقل الموجودين في تلك اللحظة هم شهود على تاريخنا الحديث والفاعلين في وقائعه على راس هذه النخبة برفسور علي محمد شمو والاب فلوثاوث فرج الفنان الكبير عبدالقادر سالم والفنان سيف الجامعة والفنانة والفنان التشكيلي راشد دياب والفنانة حنان بلولو ونخبة من الزملاء اهل الصحافة والاعلام منهم عمار شيلا ، شوقي عبدالعظيم ، لينا يعقوب ، عاصم البلال ، عثمان ميرغني ، حمد سليمان وعدد اخر من ممثلي القنوات والصحف السودانية كل هؤلاء اتوا لاستقال وفد رفيع من شمال الوادي جمهورية مصر العربية وكل اعضاء الوفد معروفين في المجتمعين المصري والسوداني اتوا يحملون رسالة واضحة ومكشوفة والمستهدف بها هو الشعب السوداني والذي كانت مثل هذه الزيارات تعتبر حلم له اذا كان الجميع ينادي بأن ترتقي العلاقة بين السودان ومصر بان تتكامل الادوار بين المجتمعين دون النظر للعلاقات الرسمية بين الحكومات ، وها هو الحلم اصبح واقع والتقط المجتمع المصري القفاز وتقدم خطوة كبيرة وبعث لعاصمة اللاءات الثلاث خيرة ابناءه وهو الوفد الذي يتشكل من الآتية اسماءهم : وزير الخارجية المصري الاسبق محمد العرابي
الدكتور سيد فليفل
السفير محمد بدرالدين
الدكتور سامح فوزي
النائبة البرلمانية جيهان زكي وزميلتها هادية السعيد والصحفيتان اسماء الحسيني وسحر ابراهيم
الدكتورة نيفين سعد ، الدكتور ياسر عبدالعزيز والسيد حسن الغزالي والأجمل في الامر أي واحد من هذه النخبة تربطه علاقة مباشرة بالشعب السوداني بشكل او بآخر .. ممثل الوفد المصري وزير الخارجية الاسبق محمد العرابي تحدث بوضوح لا لبس فيه عن هدف الزيارة والرسالة التي يحملها واعتقد انها رسالة ذات اتجاهين تصب في معين واحد الرسالة الأساسية بأن زيارة هذا الوفد تعد إيذانا ببداية مرحلة جديدة في العلاقة بين الشعبين السوداني والمصري وهي أكثر عمقا من اي وقت مضي اما الاتجاه الآخر هو استشعار مصر الشعبية بمسؤليتها التي يجب أن تطلع بها تجاه اشقاؤها في السودان قبل مصر الرسمية ، بمعني بأن هذا الوفد جاء يحمل هدف هو الدفع ايجابا ليعبر الشعب السوداني هذه المرحلة الحرجة ووسيلته لذلك هي الإلتقاء بكل فئات الشعب السوداني عبر ممثليهم للاستماع اليهم وتقديم الآراء وتبادل الافكار والنصح لهم .
وفعليا ذلك ما حدث خلال اليومين الماضيين حيث ألتقى الوفد المصري في ما التقى منهم طرق صوفية ، إدارات اهلية ، ممثلي الفرقاء السياسين الحرية والتغيير المجلس المركزي ، لجان المقاومة ، أسر الشهداء ، رئيس مجلس السيادة وعدد من اعضاء مجلس السيادة ومجموعات اخرى من اهل الثقافة والفكر والاعلام .. إذن لما الشطينة والتجريم والتخوين وما غير ذلك ، لكن بصراحة هذه اشياء متوقعة وتوجد في كل المجتمعات ولكن يجب ان يدرك الجميع بان الوطنية ليس بإعتزال الشعوب والوطنية ليس هي الإساءة للآخرين ، والاخلاص لوطنك ولشعبك بمعيار ما تقدمه من افعال مفيدة لكن مثل هذا الغثاء فيه تدمير لاواصر العلاقات بين ابناء الشعب الواحد ولا سيما مع الشعوب الأخرى .. وابلغ دليل الرسالة العميقة والصادقة التي قدمها شاهد العصر برفسور علي شمو الذي تحدث نيابة عن الرموز السودانية التي استقبلت الوفد المصري بمطار الخرطوم الثلاثاء الماضي الذي قال في ما قال ” انا عايشت كل العصور في الحكومات الوطنية السودانية ورايت كيف تتأرجح العلاقة بين مصر والسودان وتتاثر بالاحداث العابرة وطيلة عمري المديد لم يتحقق ما كنت احلم به ولكن آن الآوان ان يتحقق هذا الحلم بأن يتجاوز الشعبين السوداني والمصري الحكومات في البلدين ويبنوا علاقات شعبية بين فئات المجتمعين المصري والسوداني تتجاوز كل العقبات الرسمية .
اعتقد يجب ان نستفيد من نصيحة الخبير شمو وهو بلغ من العمر مد الله في ايامه غير محتاج يجامل وان حديثه يؤكد بان العلاقة بين مصر والسودان ليس علاقة اختيارية نتعاطى معها وقت ما نشاء ونرفضها وقت ما نشاء بل هي علاقة من ثوابت الكون وهذا لا يعني عدم الاحتفاظ لكل شعب بخصوصيته .. الشاهد في الامر الآن مصر الرسمية ممثلة في الرئيس السيسي أكثر حرصا على الدفع بهذه العلاقات الى الامام والعبور بها لمرحلة استراتيجية وثبت ذلك فعليا مثل بداية تنفيذ مشروعات استراتيجية مثل الربط الكهربائي ودراسة خطوط السكك الحديد وسفلتة الطرق الرابطة بين البلدين .
وهنا لا بد من الاشارة للمدرسة الدبلوماسية الجديدة التي تمثل مصر الرسمية في الخرطوم ممثلة في السفير حسام عيسى والقنصل العام المستشار احمد عدلي ومساعديه المستشار احمد طلعت ، المستشار التجاري طارق وآخرين .. اعتقد كل ما كان التواصل على ” بلاطة ” اي على المكشوف كل ما تجاوزنا كثير من العقبات والله المستعان …