إن من ابجديات الحد الأدنى لفهم إدارة الدولة أن يكون قرار الحرب والسلام هو قرار سيادي بالمقام الأول ووطني صرف لايقبل موازنات السياسة ولا أهواء وأمزجة كيانات وإن كان يلتقي مع التقاطعات السياسية الراهنة بالقدر المعقول ولكن يعتبر موضوع على درجة عالية من الحساسية والأهمية في آن واحد لأن تداعياته ليست بالأمر الهيِّن .. نعيش هذه الأيام حالة من الضبابية والتعتيم على خلفية توتر الحدود الشرقية مع الجارة اثيوبيا في حالة من التطور السريع والمتصاعد بإعتبار ان الاراضي السودانية المتاخمة مع الحدود الاثيوبية هي تحت الإحتلال الاثيوبي حتى وإن كان من قبل العصابات والمتفلتين الأثيوبيين ومنذ أكثر من ربع قرن وإن كان قصة الشِفتة والمتفلتين هو رداء الخجل وثوب الحياء وما تبقى من ماء وجه العلاقات بين البلدين حيث يتوارى الجانب الأثيوبى خلف إخلاء المسؤولية عبر هذا الباب وكذلك الجانب السوداني يقود حملة التحرير بقناع التبرير بأن هذه حرب مع خارجين على الدولة الأثيوبية وكل من الجانبين يعلم ظلال وأبعاد الإشكال علم اليقين على خلفية الملفات الإقليمية الشائكة والمعقدة وإن كان تصريح الناطق باسم الخارجية الاثيوبية قبل ايام قد القى حجراََ في البركة الساكنة بإتهامه للجيش السوداني بالتوغل داخل الاراضي الاثيوبية حسب وصفه وأنه إستغل أزمة اثيوبيا وانشغالها على جبهة إقليم تغراي .. ان حظ السودان العاثر دوما ومنذ الإستقلال يضع امامه العراقيل فكلما تفاءلنا خيرا واتسعت مساحة الأمل عقب كل مرحلة من الإنعتاق من حكم العسكر الجائر والذى استحوذ على الغالب من سنين الحكم حيث نمني النفس بأن الوطن سيتعافى في ظل نظام ديمقراطي حر ونؤسس لبرنامج تنموي شامل على مستوى البُنى التحية في كل المجالات ياتينا ما هو اسوأ ونرجع الى مربع البدايات وهكذا داوليك منذ الإستقلال وحتى يومنا هذا في حين ان رهاننا على ثورة ديسمبر المجيدة ليس له حدود وقد عقدنا عليها آمال عراض وما زلنا لننهض من وهدة الفشل المتكرر والذي اصبح من سمات النخب الفاشلة على تعاقب ازمنة السياسة السودانية كسيرة الجناح والخاطر مما انعكس على الشارع السوداني بمتلازمة عدم الثقة والإحباط تجاه النخب ..
ربما كان لهذه المقدمة المريرة اسباب منطقية على خلفية حجم التوقع للسودان الجديد الذي رسمنا ملامحه بدماء الشهداء وبالصبر على السنين العجاف حتى ياتينا العام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ولكن المشهد ينبئ يغير ذلك !!! لماذا المشهد بهذه الغتامة لاسباب كثيرة واهمها هذا التصعيد على الحدود الشرقية والذي سوف يكون هو قاصمة الظهر ان نجح المخطط كما رسمه اصحاب الغرض وهو يتم بفكر خارجي وتنفيذ سوداني وإن التقى الطرفين في تقاطعات المصالح على حساب الوطن والمواطن .. أولا وقبل كل شئ لا أحد يزايد على الثوابت الوطنية ومن اهمها عدم التفريط في شبر من التراب السوداني الغالي ليس في الشرق وحده وإنما في كل الحدود والتخوم لكن بالمقابل لابد من الوعي والإدراك لموضوع الحرب حتى لانكون بذاكرة الذبابة حيث سريعا ماننسى المرارات ونحن غادرنا مسرح الحروب والتي استمرت عقودا من الزمان حصدنا فيها الارواح ولم تجف الدماء على امتداد الوطن غربه وشرقه وضاع منا شطر غالي من الوطن الحبيب الا وهو الجنوب بعد ان ارتوى بالدماء ما يقرب نصف قرن من الزمان والنتيجة كانت إنقسام الوطن وتشظيه وبالأمس القريب التهب الشرق في احد ثغوره (كسلا) وسُفكت الدماء وفقدنا الارواح على خلفية ذلك النزاع والآن تتجدد ازمة الشرق في ثغر آخر (القضارف) .. كل هذا يؤكد ان خيار الحرب لايحبذه عاقل صاحب فطنة ودراية بأمر ادارة الدولة ..
هناك اسئلة ملحة تتمحور حول سؤال أساسي وهو من هو صاحب المصلحة الحقيقية في إذكاء نار الفتنة وقرع طبول الحرب؟! سنجد ان هذا الخيار ليس خيارا وطنياََ خالصاََ وان تدثر بهذا الثوب حيث تكون كلمة الحق عندما يراد بها الباطل .. كما لا حظت ان كل ما خرج علينا مسؤول للحديث عن هذا الملف وتبرير التصعيد لايزيد المشهد إلى غموضاََ والتباساََ لأنه يعلم في قرارة نفسه ان هذا القرار ليس قراراََخالصاََ صرفاََ وفق إرادة وطنية حرة وانما ظلال المصالح الإقليمية لها نصيب الأسد في هذا الملف وعليه يكون تقديم الحجة ضعيفاََ ومهزوزاََ .. الحروب هي ام الكوارث وحصاد الأرواح وإستنزاف الموارد في وقت يعاني فيه الوطن وبشكل غير مسبوق من التردى الإقتصادي ولذلك لم يكن من الحكمة تصعيد مظاهر الحشد الإعلامي والعسكري من حيث التوقيت ومن حيث الإستعداد اللوجستي وهناك محافل العدالة الدولية عبر الدبلوماسية والخارجية والتي يمكن من خلالها أن نستعيد بها كل الحقوق ثم انه أسوأ انواع الحروب تلك التي تُدار بالوكالة بإسم الوطنية وعليه إذا نظرنا الى الأمر بموضوعية يتضح لنا جليا إنه ليس لنا مصلحة في فتح جبهة الحرب مع اثيوبيا وليس هناك ما يستدعي هذا التوتر والتصعيد العسكري الميداني والإعلامي وان المستفيد من ذلك هو اطراف اقليمية في المنطقة لإضعاف تجربة الحكم المدني التي لا تتوافق مع واقع حال المنطقة وكذلك في حالة تحقيق ضرب السودان فى مفصل الاستقرار يسهل تمرير الأجندة و تحقيق الأطماع .. أيضا المكون العسكري يستفيد من هذا الوضع حيث لايمكن ان نتحدث عن هيكلة الجيش في ظل حالة الحرب وكذلك لايمكن الإستمرار في التحقيق في ملف فض الإعتصام مع المتهمين من قيادة الجيش في ظل مفهوم الأولوية حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة وهنا تترهل هذه الملفات التي تعني الجانب المدني كثيرا وتزعج المكون العسكري اكثر وكذلك هنالك جانب مهم يراود مخيلة العسكر وهو شد انتباه المدنيين نحوهم لتحقيق غرضين الأول هو استعادة هيبة القوات المسلحة في نفوس المدنيين والتي وصلت الى الدرك الأسفل بعد فض الإعتصام والثاني هو اخذ زمام المبادرة وسحب البساط من القطب المدني خاصة في ظل الدعم الدولي ودعم قانون التحول الديمقراطي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وهي الفاعل الدولي الأساسي ولكن ارى ان هذا لن يحدث حسب ما يتصور الجانب العسكري لأن الجيش لايمكن ان يرجع الى قواعده داخل الوجدان السوداني ما لم تتم هيكلته وبقيادة الشرفاء الذين تم استبعادهم لتحقيق اغراض المنتفعين من هذا التدهور والضعف .. أيضا إسقاطات سد النهصة وما صاحبها من توتر شديد بين الأطراف يجعل السودان كورقة ضغط لتشتيت تركيز الحكومة الاثيوبية بفتح جبهة الحرب مع السودان في حين انها تخوض معركة واسعة في إقليم تغراي وهنا تتضح الصورة والمشهد اكثر لمعرفة الأطراف المستفيدة من هذا الصراع على المستوى الداخلي والإقليمي وما هذه الحرب المفتعلة الا تصفية للحسابات على الاراضي السودانية وبدماء سودانية لخدمة أجندة ليس لنا فيها ناقة ولا جمل ..
شئ من حتى .
لم تكن الحرب في يوم من الأيام خيار وإنما ضرورة عندما يفرضها عليك الواقع مهما حاولت تجاوزها .. أيضاََ الحقوق يمكن أن تُسترد عبر الوسائل الدبلوماسية والقانون الدولي وهناك امثلة كثيرة واقربها استعادة مصر طابا المصرية من إسرائيل عن طريق التحكيم الدولي وقتها كنت طالباََ بكلية الحقوق بجامعة عين شمس حيث كان رئيس شعبة القانون الدولي بالكلية مع عددا من استاذة القانون الدولي على مستوى الجمهورية يترافعوا عن قضية طابا وحققوا انتصارا تاريخيا لإسترجاع طابا من غير حرب ولا دماء
داء الكوليرا يهدد قرى البزعة شمال شرق ام روابة ووفاة طفلين خلال (24) ساعة
متابعة : محمد أحمد الدويخ انعدام الأدوية والرعاية الطبية وأتيام التوعية أبرز النواقص للحد من انتشار المرض.. الأطفال وكبار...
Read more