في ذكرى ثورة 21 أكتوبر المجيدة «من الفجر إلى الأمس… الثّورة التي لم تُنجَز» !
في يوم 21 أكتوبر من كل عام، تشتعل في السودان مشاهد التذكير بـ «ثورة 21 أكتوبر 1964» التي أطاحت بحكم عبد النبي إبراهيم

تقرير ترياق نيوز

في يوم 21 أكتوبر من كل عام، تشتعل في السودان مشاهد التذكير بـ «ثورة 21 أكتوبر 1964» التي أطاحت بحكم عبد النبي إبراهيم العسكري، وفتحت طريقاً جديداً — وإن كان قصيراً ومتأرجحاً — نحو الحياة المدنية والتعددية. تلك الثورة التي حملت شعارات: «حرية، سلام، عدالة»، وما زالت تطرح في 2025 أسئلة: إلى أين وصلت؟ وماذا تبقّى من شعاراتها؟
الخلفية التاريخية :
في مطلع أكتوبر 1964، تصاعدت حركات الاحتجاج في السودان، بين طلبات الإصلاح الاقتصادي، والمطالب بحياة سياسية أكثر انفتاحاً، حتى بلغت ذروتها في 21 أكتوبر، حيث خرج آلاف السودانيين في الشوارع مطالبين برحيل النظام العسكري.
أحد رموز تلك اللحظة كان الطالب أحمد القرشي الذي اغتيل خلال المظاهرات، فأصبح شهيداً للثورة.
وهكذا، انهار النظام العسكري بعد هذه الاحتجاجات، ليبدأ السودان عهد الانتقال إلى «الحكم المدني» لفترة، ولو أنها لم تخلُ من الصراعات والانقلابات.

لماذا 21 أكتوبر؟
لأنّه ذكرى اليوم الذي حقّقت فيه الحشود المدنية انتصاراً شكليّاً على حكم الفرد العسكري.
لأنّها تشكّل شعاراً سنويّاً للمطالبة بإحياء روح الثورة: المشاركة الشعبية، الحُكم المدني، الدولة القانونية.
لأنّ الواقع السوداني المزمن من انقلابات وصراعات يجعل من هذا التاريخ «تِرساً» يذكّر بأن العودة إلى الوراء ممكنة، وأن النضال لم ينتهِ.
المشهد في 2025: واقع الثورة ومآلاتها :
الإنجازات :
أفرزت الثورة مفاهيم جديدة في الوعي السوداني: رفض الحكم المطلق، حق المواطن في التعبير والمطالبة، أن السلطة مسؤولية.
ساهمت في بروز قوى شبابية وهيئات مقاومة محلية (لجان مقاومة) لعبت أدواراً في النضال وحرّكت الشارع.
الإخفاقات والانتكاسات :
رغم الإطاحة بالنظام العسكري الأول، لم يتم تحقيق الانتقال المدني الكامل أو استدامة ديمقراطية مستقرة.
الأزمة الحالية في السودان – مع اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية (SAF) وقوات الدعم السريع (RSF) منذ نيسان/أبريل 2023 – تشير إلى أنّ شعارات «حرية، سلام، عدالة» ما تزال بعيدة المنال.
حتى التمثّل الشعبي للثورة بات محل سؤال: هل الجمهور اليوم يشارك في التعلّم من 1964، أم أنّ التجربة أصبحت ذكرى فقط؟
لماذا تكتسب الذكرى هذا العام (2025) دلالة إضافية؟
تأتي في ظل أزمة وطنية عميقة: الحرب، النزوح، الانقسام. لهذا، تبدو الذكرى فرصة لإعادة تذكير بأن البديل موجود.
إن استمرارية الاحتفال بها تُعدّ استمرارية لرفض الهيمنة العسكرية، والمطالبة بالديمقراطية، رغم كل المصاعب.
ربما تكون أيضاً دعوة للدرس: كيف يمكن تحويل روح 1964 إلى فعل مستمر، وليس حدثاً سنوياً فقط.
في الشارع: الاحتفالات، المطالب، الرموز
في العاصمة الخرطوم ومدن السودان، تُنظّم فعاليات: وقفات، جلسات حوار، التداول على الرموز (كأحمد القرشي)، وربما استعراض ربط الحاضر بالماضي.
المطالب، كما يطرحها بعض النشطاء: إنشاء مؤسسات مدنية مستقلة، محاسبة الفاسدين، إنهاء النزاع، تحقيق العدالة الاجتماعية.
الرموز: شعارات الثورة – مثل «الإخاء بين العسكر والمدنيين لا يكفي»، أو «السلطة للشعب» يعاد تداولها.
التحديات التي تواجه روح الثورة اليوم
تشتّت القوى المدنية وانقسامها، صعوبة بناء تحالفات مستمرة.
سيطرة المؤسسة العسكرية على مفاصل الدولة، ودور الشبكات الموازية (مثل الدعم السريع) في السلطة.
الأزمة الاقتصادية الحادة، وتأثيرها على شرعية أي مسار ثوري.
التحدي الأمني والإنساني: الحرب، النزوح، الانتهاكات – وهي عوامل تعيق التركيز على الإصلاح المدني البحت.
تُعدّ ذكرى 21 أكتوبر 2025 في السودان بمثابة «مرآة سياسية» تطلّ منها البلاد على مضاعفات خيارها في 1964: هل كان ثورة أم بداية لمسار طويل؟ الواقع يقول إن الطريق طويل، لكن الذكرى تحفّز على رؤيته وطلبه مجدداً.
توصيات :
ربط الماضي بالحاضر: إبراز كيف أنّ مطالب 1964 لا تزال قائمة اليوم.
مناقشة ما تم إنجازه فعلياً، وما بقي غير مكتمل.
فتح حوارات محلية في الأحياء والمدن – ليس فقط في الخرطوم – حول معنى الثورة اليوم.
تسليط الضوء على الشباب والنساء كحاملين للرسالة المقبلة.
التعامل مع الذكرى كفرصة لتجديد الأمل، وليس فقط ذكرى للماضي.
> «الثورة ليست فقط يومًا في التقويم، بل فعل مستمرّ … وحين يتوقف الفعل، تبقى الذكرى بلا روح.»












