تقارير

تفاصيل انفجار منزل الثورة … ضحايا الإهمال والتخزين السري يدق ناقوس الخطر

في الساعات الأولى من فجر السبت الموافق 5 يوليو 2025، استيقظ سكان حي الثورة

 

 

 

 

 

تقرير : الكاظم هـارون

 

 

 

 

   في الساعات الأولى من فجر السبت الموافق 5 يوليو 2025، استيقظ سكان حي الثورة – الحارة الرابعة بمحلية كرري على أصوات انفجارات مدوية، تسببت في حالة من الذعر والهلع وسط المواطنين، لم تكن تلك الأصوات إلا نتيجة حريق هائل شبّ في مخزن غير مرخّص يحتوي على مواد شديدة الخطورة، منها الألعاب النارية والأدوات المكتبية القابلة للإشتعال.

 

 

 

ورغم الإستجابة السريعة من قبل قوات الدفاع المدني، إلا أن الكارثة أودت بحياة فرد من الدفاع المدني ومواطنة، وأسفرت عن إصابة خمسة آخرين بينهم رجال إطفاء ومدنيون.
هذا التقرير يعرض تفاصيل الحادث، أسبابه، أبعاده الإجتماعية، ويحلل أوجه القصور في الرقابة الحكومية التي سمحت بتخزين مواد خطرة وسط الأحياء السكنية دون علم السلطات.

 

 

 

 

 

 

تفاصيل الحادث

 

 

 

 

 

في حوالي الساعة الرابعة فجراً، إندلع حريق هائل بشقة سكنية تقع في الحارة الرابعة من حي الثورة، الشقة كانت تستخدم كمخزن غير مصرح به يحتوي على أدوات مكتبية وألعاب نارية تم إدخالها وتخزينها قبل يومين فقط.

وبحسب تصريحات اللواء دكتور المطري أحمد، مدير الدفاع المدني بولاية الخرطوم، فقد استمر الحريق لقرابة ثلاث ساعات نتيجة وجود كميات كبيرة من الألعاب النارية والمواد القابلة للإنفجار، مما جعل عملية السيطرة عليه في بدايته شبه مستحيلة، خاصة في غياب أي تدابير وقائية بالموقع.

تم الدفع بوحدة التدخل السريع التابعة للدفاع المدني، والتي نجحت بعد جهود مضنية في السيطرة على الحريق ومنع إنتشاره إلى الوحدات السكنية المجاورة.

 

 

 

 

 

 

للأسف، أسفر الحادث عن إستشهاد أحد رجال الدفاع المدني أثناء أداء واجبه البطولي، ووفاة سيدة من سكان الحي كانت تقيم بجوار موقع الحريق، إلى جانب إصابة خمسة أفراد، تم إسعافهم إلى مستشفى النو.

موقف الحكومة وزيارة الوالي

في تحرك سريع، زار والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة موقع الحادث، برفقة عدد من القيادات الأمنية، أبرزهم الفريق شرطة إبراهيم شمين، مدير الإدارة العامة للشؤون الإدارية، واللواء شرطة خالد حمدنا الله، مدير شرطة محلية كرري.

وأعرب الوالي عن أسفه العميق للحادث، مقدماً واجب العزاء لأسرتي الضحيتين، ومؤكداً على فتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات ومنع تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً.

غياب الرقابة الحكومية وسلامة المواطنين

لا شك أن ما حدث في الثورة يكشف عن ثغرة خطيرة في آليات الرقابة والتفتيش على النشاطات التجارية غير المرخصة داخل الأحياء السكنية.
إن استخدام شقة سكنية لتخزين ألعاب نارية يمثل مخالفة صريحة لأنظمة السلامة، وكان يمكن تداركها بسهولة لو كانت هناك متابعة من سلطات المحلية أو البلديات المعنية.

 

 

 

 

 

 

أوجه القصور في الرقابة:

غياب عمليات التفتيش الدوري على الأنشطة التجارية غير المعلنة داخل الأحياء وانعدام التنسيق بين جهات إصدار التراخيص والدفاع المدني، بالإضافة على ضعف الوعي المجتمعي بمخاطر تخزين مثل هذه المواد داخل مناطق سكنية، وعدم توفر خط ساخن أو منصة للإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة من قبل السكان.

 

 

 

 

 

النتيجة:

 

 

 

 

 

 

تتكرس ظاهرة “المخازن الخفية” في قلب الأحياء، ما يجعل كل بيت مجاور معرضاً لخطر داهم في أي لحظة.

الأبعاد الإجتماعية والإنسانية للحادث

بعيداً عن الخسائر المادية، فإن الحادث خلّف أثراً نفسياً بالغاً في نفوس سكان الحي، خاصة الأطفال الذين تعرضوا لمشهد مأساوي فجائي، كما أن إستشهاد أحد أفراد الدفاع المدني أثار موجة من التعاطف الشعبي الواسع، مؤكدين على ضرورة تحسين بيئة عمل هؤلاء الجنود المجهولين، وتوفير الحماية القانونية والمادية لهم أثناء تأدية مهامهم.

 

 

 

 

 

 

   يبقى السؤال مفتوحاً: كم من الحوادث المماثلة يجب أن تقع حتى تتحرك الجهات المختصة لحماية أرواح الأبرياء؟
ما حدث في الثورة – الحارة الرابعة، ليس مجرد حريق، بل ناقوس خطر يدقّ على أبواب الأجهزة الحكومية والمجتمع ككل.
إنّ التخزين العشوائي للمواد الخطرة وسط الأحياء السكنية يمثّل جريمة في حقّ السلامة العامة، ويجب أن تكون هذه الحادثة نقطة تحوّل نحو نظام أكثر رقابة وشفافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى