الأبيض تحت النار: نزوح جماعي وأوضاع إنسانية متدهورة في قلب كردفان”
أجبر القصف المتواصل من قبل قوات “الدعم السريع” على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان غرب السودان

تقرير : سلمى أحمد
أجبر القصف المتواصل من قبل قوات “الدعم السريع” على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان غرب السودان، مئات السكان على النزوح إلى وجهات جديدة، بعد مقتل وإصابة عشرات المدنيين نتيجة سقوط القذائف على المباني السكنية والتجارية.
وبالإضافة إلى سكان المدينة، تستضيف الأبيض آلاف النازحين الذين لجأوا إليها منذ اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم، حيث تنتشر أكثر من 25 مركزًا للإيواء تضم نحو 3,709 أسر و26,717 فردًا من مختلف مناطق النزاع.
أزمات وتحديات متفاقمة
تقول زهرة على ، إحدى النازحات في المدينة، لـ(ترياق نيوز):
“نزحت مع أسرتي إلى مدينة الأبيض واستقر بنا الحال في أحد المعسكرات التي تأوي آلاف الأسر القادمة من مناطق النزاع. لكن تصاعد العمليات العسكرية في المدينة جعل الأوضاع داخل هذه المعسكرات مأساوية، إذ يواجه النازحون تحديات معقدة تتعلق بنقص الغذاء، وشح مياه الشرب، وغياب الرعاية الصحية”.
وأضافت:
“تعاني المدينة من شح في السلع الاستهلاكية الأساسية، وارتفاع حاد في أسعار المتوفر منها، مما فاقم معاناة الآلاف، وجعل الحياة اليومية شبه مستحيلة، بل ودفع البعض للتفكير في النزوح مجددًا رغم المخاطر التي قد تواجههم في الطريق”.
الخوف والمخاطر تحاصر الجميع
من جهته، يقول احمد الشيخ ، أحد المقيمين في مراكز الإيواء:
“تقع معظم المعسكرات في الأحياء الغربية من مدينة الأبيض، وهي مناطق تتعرض بشكل متكرر لقصف عشوائي من قبل قوات الدعم السريع. هذا الوضع أجبر العديد من النازحين على مغادرة تلك المعسكرات والانتقال إلى أحياء أخرى، لكنها أيضًا تفتقر إلى المأوى والخدمات الأساسية”.
وأشار إلى أن المواطنين كانوا يأملون بتحسن الأوضاع بعد فك الجيش السوداني للحصار عن المدينة، إلا أن الهجمات المتواصلة، والانفجارات، والدخان الكثيف الذي يغطي السماء، حول الحياة إلى جحيم دائم، وأدخل السكان في دوامة من الخوف الدائم.
وأوضح أن “القذائف العشوائية كثيرًا ما تصيب الأحياء السكنية في أوقات غير متوقعة، مسببة سقوط ضحايا من أسر بأكملها”.
كارثة متعددة الأوجه
أشار الشيخ إلى أن “الوضع في المدينة أصبح كارثيًا بكل المقاييس”، مشيرًا إلى مشكلات أخرى تعمق الأزمة مثل:
انعدام السيولة النقدية
وتذبذب التيار الكهربائي
تدهور المنظومة الصحية
وهناك نقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية داخل المستشفيات العامة
وأكد أن هذه التحديات المتراكمة جعلت من الصعب على السكان الصمود أو التكيف مع الوضع الحالي.
نداء إنساني
بدوره، قال عبد الكريم الصديق ، عضو منسقية النازحين في كردفان، إن “تصاعد العمليات العسكرية في مدينة الأبيض فاقم من معاناة سكانها، خاصة النازحين المقيمين في معسكرات الإيواء، والذين يواجهون ظروفًا قاسية في ظل شح الغذاء، وارتفاع الأسعار، وعدم توافر السيولة النقدية”.
وأوضح أن البعض اضطر لممارسة التسول من أجل توفير الطعام، خاصة النساء، والأطفال، وكبار السن، في ظل غياب الحلول وغياب الدعم الإنساني الكافي.
وأضاف:
“يعتمد كثير من النازحين على أعمال متواضعة توفر الحد الأدنى من احتياجاتهم، إلا أن التصعيد الأمني جعل التنقل داخل المدينة خطيرًا، ما أدى إلى توقف معظم الأنشطة، وزاد من تدهور الأوضاع المعيشية”.
واختتم قائلاً:
“معسكرات الإيواء أصبحت في مرمى النيران، ولم يعد أمام النازحين سوى النزوح مرة أخرى… إلى المجهول”