تقارير

النهود تحت الحصار: السكان يواجهون العطش والجوع ونهب الدعم السريع

يعيش سكان مدينة النهود بولاية غرب كردفان أوضاعاً معيشية وأمنية بالغة التعقيد منذ سيطرة قوات الدعم السريع

 

 

 

 

 

تقرير – سلمى أحمد

 

 

 

 

 

     يعيش سكان مدينة النهود بولاية غرب كردفان أوضاعاً معيشية وأمنية بالغة التعقيد منذ سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في الأول من مايو الماضى، حيث تصاعدت الانتهاكات بحق المدنيين، وتوقفت مظاهر الحياة الأساسية في المدينة، وسط عجز تام عن توفير الخدمات الضرورية من مياه وكهرباء ودواء وغذاء.

 

 

 

 

 

 

 

   وتقول مصادر محلية متطابقة، إن القوات المهاجمة مارست حملات تفتيش قسري للمنازل ونهب للممتلكات الخاصة والتجارية، إلى جانب السيطرة على الشوارع والأسواق، وتحويل بعض الأحياء إلى نقاط ارتكاز عسكرية، مما أدى إلى حالة من الهلع وسط السكان، الذين بات كثير منهم يفكر في النزوح القسري.

 

 

 

 

 

نهب منظم للثروات والمحاصيل

يقول أحد شهود العيان، فضّل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، في حديثه لـ”ترياق نيوز”
بدأت عمليات النهب منذ الساعات الأولى لدخول الدعم السريع إلى المدينة، حيث تمّت مداهمة المنازل، ومصادرة السيارات الخاصة، ونهب الذهب والمبالغ النقدية، وتحديداً في أحياء السوق الكبير وحي الجمهورية وحي الجبل.”

 

 

 

 

 

 

ويضيف: تراوح عدد الشاحنات التي نُهبت ما بين 400 إلى 470 شاحنة، كانت محمّلة بمحاصيل استراتيجية، على رأسها الفول النقاوة والسمسم والصمغ العربي والكركدي، وتم توجيهها إلى أسواق في الإضية والفولة وسوق النعام على الحدود مع جنوب السودان، ومنها إلى تشاد وأفريقيا الوسطى.

 

 

 

 

 

 

أزمة مياه خانقة

من جانبه، يقول المواطن حسين.ع، من سكان حي الثورة:
جرى تدمير شبكة المياه الرئيسية، ما أدى إلى انقطاع المياه عن المدينة لعدة أيام. القرى المجاورة مثل “أم سنط” و”أم مراحيك”، والتي تعتمد على المدينة في التزود بالمياه، واجهت عطشاً شديداً لأكثر من ستة أيام، ولم تُحل الأزمة إلا بعد تدخل قيادات أهلية ومحلية تفاوضت مع عناصر الدعم السريع لإعادة تشغيل المحطات.”

ويضيف: “الهدف من هذا الضغط كان إجبار الأهالي على الخضوع أو التعاون، لكن الوضع تفاقم حتى على عناصر الدعم أنفسهم بعد توقف المورد الوحيد للمياه.”

 

 

 

 

 

 

 

تدمير المستشفى الرئيسي وتدهور الخدمات

بحسب مصدر طبي من مستشفى النهود، تحدث لـ(ترياق نيوز) شريطة عدم ذكر اسمه، فإن المستشفى الرئيسي بالمدينة خرج عن الخدمة بعد استيلاء القوات على مبانيه وتحويل جزء منه إلى مركز إسعاف ميداني لعناصرها، بينما أُغلق قسم الطوارئ بسبب انقطاع الكهرباء والوقود، ونفاد الأدوية والمحاليل الوريدية.

ويتابع المصدر:
حتى مرضى السكري وضغط الدم لم يتمكنوا من الحصول على أدويتهم، فضلاً عن النساء الحوامل اللاتي لم يعدن يجدن رعاية طبية، والكارثة الحقيقية أن أغلب الصيدليات أُغلقت بعد نهب محتوياتها.”

مدينة تحت الحصار

يؤكد شاهد آخر من داخل المدينة أن سكان النهود يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والوقود، فيما يضطر البعض للجوء إلى حفر الآبار لاستخراج المياه. ومع تفاقم الانفلات الأمني، يزداد الخوف من تفشي الأمراض والأوبئة، في ظل غياب كامل لأي وجود لمنظمات إنسانية.

ويقول أحد مشايخ المدينة لـ(ترياق نيوز):
“الأوضاع الحالية لا تحتمل، ونحمّل الطرفين المتقاتلين مسؤولية الانتهاكات، لأن المدنيين لا ذنب لهم في هذا الصراع. المطلوب الآن تدخل عاجل من الجهات الإنسانية لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

إعلان إدارة مدنية وسط الانهيار

في محاولة لإضفاء مظهر من “الاستقرار”، أعلنت قوات الدعم السريع تشكيل إدارة مدنية في مدينة النهود لإعادة الحياة إلى طبيعتها، إلا أن سكان المدينة شككوا في جدوى الخطوة، معتبرين أنها محاولة لشرعنة السيطرة بالقوة، دون أي تغيير حقيقي في الأوضاع المأساوية التي يعيشونها.
السياق الوطني: حرب بلا أفق وحلول غائبة

 

 

 

 

 

 

 

تأتي هذه الانتهاكات ضمن مشهد وطني متدهور، إذ دخلت الحرب السودانية عامها الثالث دون أي بوادر لحل سياسي أو اتفاق وقف إطلاق نار مستدام. ولا تزال مبادرات جدة وإيغاد ودول الجوار قيد الجمود، في ظل رفض أطراف النزاع التفاوض الجاد.

ويؤكد مراقبون أن ما يحدث في النهود ليس حالة معزولة، بل يمثل نمطاً متكرراً في عدة مدن سودانية، حيث يدفع المدنيون ثمن الحرب بصمت، وسط تجاهل دولي متزايد لمعاناتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى