مهاجرون فى سكة العذاب

أنقرة – تقرير : امال التلب
حينما تقرأ عن معاناة مهاجرون والهجرة فى زمن العبودية وجاهلية القرون الحديثة انزع حذاءك وامش حافيا بين حواشى اللغة
فى محاولاتها المستميتة لعيش الكرامة خارج وطنها الأم ، تسلمت سارة مهام عملها الجديد فى مدينة المال والاعمال ،،ثانى اكبر مدن الدنيا ،، بحثا عن عيش الكرامة ،كانت سارة ضمن عشرين مليون نازح من الفارين من نار الحروب التى اشتعلت فى بلدانهم ، وافقت سارة على شروط عملها الجديد، مودعة بذلك عهودا من أقسي انواع الاعمال الخدمية النسائية الوضيعة التى تعلمتها بالصبر والمثابرة والجد والاجتهاد .
حال فى ذلك حال مواطنى تلك الديار ،، في حين عمد زوجها الى اعمال البناء الشاقة فى ظروف يشترط فيها صاحب العمل شرط يتضمن إخلاء مسؤوليته عن اى إصابة قد يتعرض لها اثناء ساعات العمل التى تزيد فى بعض الأحيان عن انتى عشرة ساعة يوميا لا تتخللها ساعات استراحه ، أخرجت سارة فى دفتر ملاحظاتها لتكتب شيئا عن معاناة المهاجرين فى زمن العبودية وجاهلية القرون الحديثة،،،لكن سرعان م طوت صفحات دفترها فهى لم تجد الكلمات تصور بها حجم المإسأة وكإن قد حذفت من عتبة اللغة ،،انشغلت سارة فى لحظتها التاليه بالنظر حولها حيث الابراح المهيبة التى تحكى عن طفرة معمارية مصيبة ولاية فى والروعة والجمال ،،وأثر دخولها اروقة البرج الفاخرة تذكرت سارة كم اسعدتها تلك الدعوة التى تلقتها للعمل بهذه الانحاء وهذا اللون من العمل الذى فارقته منذ ان فارقت الوطن ..فمنذ حضورها الى الارض الجيدة انحصرت فى اعمال ارهقتها أجواءها ذات الطابع المهنى الخدمي العام،وفقد صبرها حتى كانت تشبه التراب الذى يمشي عليه الجميع،،لكنها الان كانت كمن بث فى رئتيه هواء جديد.
نظرت سارة الى سحنتها الأفريقية عبر ممرات البناء البراقة وهى تدلف الى الى حيث يجلس مديرها الجديد ،،فكرت سارة لطالما تسببت لها هذه الاختلافات فى عوائق كانت تحسها فى الخفاء .
اطلالة مديرها الجديد بكامل زيه الرسمى جعلت سارة تخفض من بصرها وتركز فقط على كلماته وهو يشرح لها مهام عملها الجديد..هزت رأسها بالموافقة دون أن تستوعب كامل كلماته ،،فهى اعمال لا تخرج عن أعمالها السابقة فى المرافق العامة ،،لكنها هذه المرة تأتى من قلب الجماعات السياسية المنافسه البارع فى اتقان الدبلوماسية .
استلمت سارة مهام عملها الجديد وهى تسأل نفسها (ثم ماذا بعد هذا) هى هنا تتعفن صمتا بسبب الاختلاف بين لغتها الام ولغة اهل هذه الديار،،،فما عساها ان تؤدى من اعمال تحتاج كلها الى خطاب ارفع ؟ والاعجب من ذلك كله انها منذ ان وطئت اقدامها تراب هذا البلد لم تر الساسه والسياسيين الا عبر الانترنت او من خلال الوسائط فقط.،، وهذه الديار مثلها مثل غيرها تزخر بالتيارات السياسية المتصارعة ،،أولئك ا الذين ينشطون فى الترويج ، ،،لكنها الان فى قلب ضجيج الكلمات بدون لسان ،،تردد استدعت ذاكرتها :(احبب حبيبك هونا ما..عسي ان يكون بغيضك يوما ما) ، انها هنا فى قلب (صوت الجماعات السياسية المتصارعة) ،،
واجهت سارة تحدى حقيقة تلك الحقائق بدون مبالاة تذكر ،، فموقعها خاص لا تيح لها الخوض فى هذه التيارات الا من خلال فى نطاق محدود بل معدوم ،
جاءت ايام ذى الحجة المباركة لتتفاجأ بأن نفس هذه الجماعات تصوم الاثنين والخميس وتؤدى الجمعات فى المساجد ويشوفون بالبيت الحرام .فلماذا تنقسم على نفسها بحجة الوجهات الدينية…لله دركم انتبهوا قبل أن يفوت الأوان..فقد فات من قبلكم الأوان وغاب الأمان.