الصليب الأحمر: تلقينا 7,700 طلب للبحث عن مفقودين بسبب الصراع في السودان

عثمان البصري: يجب بدء الإجراءات القانونية لحالات الاختفاء القسري من داخل السودان
الناشط عبدالاله خليفة: نقص حاد في منظمات حقوق الإنسان يعقّد جهود البحث عن المفقودين في مناطق النزاع
ترياق نيوز ـ تقرير : امتثال سليمان عبدالفضيل
يعيش السودان واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيدًا في تاريخه الحديث، حيث تسبب الصراع المستمر منذ أبريل 2023 في مآسٍ إنسانية واسعة النطاق، من بينها فقدان آلاف الأشخاص، مما ترك عائلاتهم في حالة من القلق والبحث المستمر. ووفقًا للمجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات، تم توثيق فقدان حوالي 50,000 شخص منذ اندلاع النزاع حتى مارس 2025، مما يجعل أزمة المفقودين إحدى أبرز تداعيات الحرب.
قال الناطق الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عدنان حزام، بأن أزمة المفقودين الناتجة عن الصراع المستمر منذ عامين تمثل أحد أكبر التحديات الإنسانية. وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر حشدت جهودها في هذا المجال عبر خطها الساخن واستقبال طلبات العائلات للبحث عن أفرادها المفقودين.
وأوضح حزام أن اللجنة تلقت حتى الآن حوالي 7,700 طلب من عائلات تبحث عن أقاربها الذين فقدوا خلال النزاع، مضيفًا أن فرق الصليب الأحمر تعمل على تسجيل تلك الحالات والتواصل مع جميع الأطراف المعنية للمساعدة في تحديد مصير المفقودين.
وأشار إلى أن الصراع أدى إلى تمزيق الأسر وخلق واقع إنساني مؤلم، ليس فقط من حيث الظروف المعيشية، ولكن أيضًا من ناحية انقطاع التواصل بين أفراد العائلة. وفي هذا السياق، ساعدت اللجنة في تسهيل أكثر من 400,000 مكالمة هاتفية خلال العام الماضي بين اللاجئين السودانيين في تشاد، جنوب السودان، إثيوبيا، ومصر وأفراد عائلاتهم، مما ساهم في تقليل معاناة الأسر النازحة.
وأكد حزام أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تواصل بذل جهودها لضمان حق الأسر في معرفة مصير أبنائها، مشددًا على أن هذا العمل يعد جزءًا أساسيًا من مهمتها الإنسانية.
إلى جانب ذلك، أوضح أن الصليب الأحمر يواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، بما في ذلك دعم المستشفيات القريبة من مناطق القتال، وتوفير المعدات الطبية، وتحسين إمدادات المياه من خلال صيانة المضخات وتوفير قطع الغيار، لضمان حصول ملايين السودانيين على مياه نظيفة.
وختم الناطق الرسمي تصريحه بالتأكيد على أن السودان يشهد أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم، مشددًا على التزام اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمواصلة دعمها للشعب السوداني بكل الإمكانيات المتاحة لتخفيف المعاناة الإنسانية الناتجة عن الصراع.
ومن جانبه قال الناشط عبدالاله خليفة مع استمرار الحرب في السودان، لا سيما في الخرطوم ودارفور، تتزايد المخاوف بشأن أوضاع المفقودين في تلك المناطق، في ظل ضعف واضح في عدد المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان. ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن عدد الجهات التي تتعامل بشكل مباشر مع ملف المفقودين لا يزال محدودًا للغاية، ما يعيق الجهود الإنسانية المبذولة في هذا الملف الحساس.
وتُعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أبرز الجهات التي تنشط حاليًا في تسهيل الوصول إلى المفقودين، إلا أن الدعم النفسي والقانوني لا يزال شبه معدوم في مناطق النزاع، بسبب ارتباط هذا النوع من الدعم ببيئات أكثر استقرارًا.
وفي المقابل، تواصل غرف الطوارئ في العاصمة وعدد من المناطق الأخرى تقديم الدعم المباشر في توثيق الحالات ومساعدة الأسر التي تمكنت من العثور على ذويها بعد فترات من الغياب، خاصة عقب التطورات الميدانية الأخيرة وتحرير أجزاء من الخرطوم، والتي شهدت ظهور عدد كبير من الأسرى والمفقودين.
كما تبرز مبادرات شبابية وإنسانية، مثل مبادرة “المفقودين”، كجهات فاعلة تسهم في تتبع أخبار المختفين قسرًا وتوفير المعلومات ذات الصلة، وأصبحت مرجعية مهمة في هذا السياق.
ورغم هذه الجهود، تبقى التحديات الأمنية والعوائق الميدانية من أكبر العقبات التي تواجه فرق الرصد والتوثيق، في ظل صعوبة التنقل وجمع المعلومات بدقة في بيئة أمنية متقلبة، مما يعقّد المهمة الإنسانية المتعلقة بملف المفقودين
أكد عثمان البصري الصادق آدم، عضو المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري، أن هناك جهودًا تُبذل لإيصال قضايا الاختفاء القسري إلى المحاكم الدولية، بالإضافة إلى تقديم طلبات إلى مجلس حقوق الإنسان المعني بحالات الاختفاء القسري.
وأوضح أن المجموعة قدمت عددًا من الطلبات باسمها إلى المجلس، وساعدت العديد من الأسر في الوصول إلى اللجنة المختصة، مشيرًا إلى أن هذه الطلبات قُدمت بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي تتيح لاحقًا الوصول إلى المحاكم الدولية بعد استكمال الإجراءات القانونية داخل الدولة.
وأضاف أن القوانين الوطنية السودانية تحتوي على إشارات واضحة لمثل هذه القضايا، من بينها المادة (86) والمادة (فرقة نون) من القانون الجنائي لسنة 1991، والتي يمكن الاستناد إليها لفتح بلاغات رسمية.
وأشار عثمان إلى أن من بين المسارات المتاحة أيضًا تقديم شكاوى إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، لا سيما وأن السودان من الدول الموقعة على الميثاق الإفريقي، مما يتيح اللجوء إلى المفوضية الإفريقية.
وفيما يتعلق بإقليم دارفور، أشار إلى أن بعض حالات الاختفاء القسري هناك قد أُحيلت بالفعل إلى المحكمة الجنائية الدولية، بموجب قرارات صادرة عن مجلس الأمن، استنادًا إلى المادتين (15) و(93). ولفت إلى أن هذه الحالات يمكن تصنيفها ضمن الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب، وهي من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
واضاف قائلاً إن الأسر المتضررة من هذه الجرائم لديها الحق في اللجوء إلى كافة المسارات القانونية المتاحة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، من أجل تحقيق العدالة والمساءلة.إن الخطوات القانونية الواجب اتباعها لحفظ الحقوق في حالات الاختفاء القسري تبدأ دائمًا من داخل الدولة التي وقع فيها الحادث.
وأوضح عثمان أن على ذوي الضحية فتح بلاغ لدى النيابة العامة في السودان، مشيرًا إلى أن بعض المدن قد تفتقر لنيابات عاملة، إلا أن المدن التي تتوفر فيها النيابات تتيح تقديم البلاغات مباشرة.
وأضاف أن اللجوء إلى المحاكم الدولية يتطلب إثبات أن الشخص قد استنفد جميع السبل القانونية داخل بلده، أو أنه كان هناك مانع واضح من اتخاذ تلك الإجراءات، وهو ما يجب توضيحه عند تقديم الطلب للمحاكم الدولية.
فقدان الابن
فقدان الابن هو تجربة مأساوية تؤثر على الأمهات بشكل عميق، وتتطلب دعمًا وتفهمًا من المجتمع. من المهم توفير الموارد والمساعدة اللازمة للأمهات المتأثرات، وتعزيز السبل التي تمكنهن من التعايش مع الألم وفقدان الأمل.
- في هذا السياق، قالت فريدة، التي تقطن في منطقة جنوب الخرطوم، إنها فقدت ابنها منذ بداية الحرب، وحتى تلك اللحظة لم تتمكن من العثور عليه. ناشدت جميع الجهات، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشرت صورة ابنها، لكنها لا تزال تأمل في عودته إلى أحضانها. ترفض فريدة فقدان الأمل، وتتمسك برغبتها القوية في العثور على ابنها