الامين الاسبق للضرائب : لا معني لطباعة فئة الالف فھي لن تساوي تكلفة طباعتھا
خبير اقتصادي : كيف سيتم تغيير العملة في الاماكن التي ليس بها استقرار امني؟
محلل : قد لا يكون التوقيت الأمثل لإطلاق عملة جديدة
تقرير : رحاب إبراهيم
قال بيان صادر عن بنك السوداني المركزي في مساعيه لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ، ولمعالجة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد لا سيما عمليات النهب الواسعة التي قامت بها المليشيا المتمردة لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم ، وما نتج عن ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار .
بناءً على ذلك قرر البنك اصدار عملة جديدة فئة ألف جنيه.
بعد فوات الاوان….
سبق هذا الاعلان مجادلات و مداولات كثيرة قبل ظهور الطبعه الجديدة من العملة السودانية و كثير من المختصين كانت رؤيتهم ان هذا الامر جاء متاخرا جدا بعد ان وصل الاقتصاد الي أسوأ مراحله.
قبل ايام ذكر الصحفي عبد الماجد عبد الحميد في مقال له عن هذه الصفقه التي يشوبها كثير من الشوائب ان الكمية المطلوب طباعاتها ١،٢٠٠،٠٠٠،٠٠٠ قطعة بنكنوت . والشركات المقترحة للطباعة:
– شركة كرين الأمريكية.
– شركة قوزناك الروسية
و سعر الشركة الأمريكية كرين ٣٢.٩٨ يورو لكل ألف قطعة شامل الشحن والتأمين حتي ميناء بورتسودان.
– سعر الشركة الروسية قوزناك ٣٨.٠٩ يورو لكل ألف قطعة شامل الشحن الي بورتسودان وغير شاملة التأمين.
و الغريب في الامر تم التعاقد مع الشركة الروسية لطباعة كل الكمية المقترحة بسعر ٣٨.٠٩ يورو. و الفرق على كامل الكمية أكثر من ٦ مليون يورو.
– وقع نيابة عن شركة مطابع السودان للعملة محافظ بنك السودان المركزي – رئيس مجلس الأدارة / برعي صديق علي وقد كان برفقته المدير التجاري لمطابع العملة محمد عبدالرحمن .
اين البنوك؟….
د. عبدالقادر محمد احمد أمين عام ديوان الضرائب الأسبق والخبير الاقتصادي
قال انه كان متيقنا ان برعي افشل محافظ في تاريخ البنك المركزي ولم يخذله في إعتقاده . فقد اصبح البيان الذي اصدره وبالا عليه واضحوكة في الأسافير . الكل يسال ما ھو الھدف ؟ ھل ھو تغيير عملة ام استبدال .؟ ھو في نظري لا ھذا ولا ذاك . فما كان البيان في حاجة لتلك المقدمة الطويلة التي ضللت الناس ولا معني لھا بل كانت خصما علي البنك . اراد المحافظ ان يجعل من ھذا البيان طوق نجاة بعد الھجوم المكثف عليه وعلي البنك فكان وبالا عليه وانقلب السحر على الساحر . طالب البيان بتوريد العملة في البنوك ونساله اين ھي البنوك .؟ دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم اصبحت خالية من البنوك . الاقتصاد السوداني يعمل اليوم بفئتين فقط . فئة الخمسمائة علي وشك الخروج من العمل لتلحق بسابقاتھا من المائتين والمائة بفعل التضخم وستكون لدينا فئة واحدة. الفئة الاكبر وھي الالف لا قيمة لھا وستنھار كليا قبل وصول كمياتھا تحت الطبع. وفي الحقيقة نحن لسنا في حاجة لتبديل العملة او تغييرھا. الاقتصاد السوداني في حاجة الي اصلاح نقدي كامل وليس استبدال طبعة بطبعة مع التشوھات الموجودة . استبدال العملة جزء من الاصلاح النقدي. الجزء الثاني ھو اعادة النظر في تركيبة العملة.
كنت اتوقع ان يقوم البنك المركزي باجراء دراسات وافية للاصلاح النقدي الكامل بدلا من ھذا التخبط.
و السودان من اكثر الدول تغييرا للعملة . فقد تم التغيير في عھد الانقاذ ثلاث مرات تقريبا. و اكرر القول بانه لا معني لطباعة فئة الالف فھي لن تساوي تكلفة طباعتھا . ولا أشك في ان هذا البيان سيؤدي الي تسارع الجميع للتخلص مما في ايديهم وبالتالي ارتفاع سعر الدولار والأسعار عامة .
استعادة السيطرة…..
الأكاديمي والمحلل الاقتصادي د.احمد الطيب السماني قال تأتي خطوة اصدار عملة جديدة بهدف الحد من التزوير وتقليل تداول العملات خارج النظام المصرفي بعد عمليات النهب والسرقات التي طالت البنوك خلال فترة الصراع.
مشيرا الي ان إطلاق العملة الجديدة يمثل حلاً مرحلياً للحد من انتشار الفئات المزورة خارج النظام البنكي، حيث يمكن لهذه الفئات أن تساهم في استعادة السيطرة على المعروض النقدي مؤقتاً . ومن شأن اعتماد ميزات تقنية حديثة في طباعة العملة الجديدة أن يزيد من صعوبة تزويرها، مما يعزز الثقة العامة في العملة المحلية.
وقال يمكن النظر إلى تجارب دول أخرى في تغيير العملة للاستفادة من دروسها. فعلى سبيل المثال، نيجيريا لجأت مؤخراً إلى خطوة مماثلة لمعالجة مشاكل السيولة والتزوير، حيث قامت بسحب بعض الفئات النقدية بهدف تقليل تداولها خارج النظام البنكي. أدى هذا التغيير إلى تحسن محدود في قدرة البنك المركزي على السيطرة على السيولة النقدية، لكنه واجه تحديات أبرزها ضعف البنية التحتية للمدفوعات الإلكترونية وصعوبة التكيف مع التحول المصرفي الكامل، خاصة في المناطق الريفية.
أما الهند، فقد اتخذت قراراً جريئاً في عام 2016 بإلغاء الفئات النقدية الكبيرة بشكل مفاجئ بهدف محاربة الاقتصاد غير الرسمي والتزوير. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة ساهمت في تقليل تداول الأموال المجهولة المصدر وشجعت على تبني المدفوعات الإلكترونية، إلا أنها خلفت مشكلات عديدة تمثلت في نقص السيولة وتكدس البنوك وتأثيرات سلبية على شريحة واسعة من المواطنين الذين يعتمدون على النقد في معاملاتهم اليومية.
أما عن توقيت التغيير يري د. احمد الطيب انه في ظل الظروف الأمنية والسياسية غير المستقرة حالياً، قد لا يكون التوقيت الأمثل لإطلاق عملة جديدة. فعملية تغيير العملة تتطلب تكاليف مالية كبيرة تشمل الطباعة والنقل واستبدال الفئات القديمة، مما قد يمثل عبئاً على الاقتصاد السوداني المتأثر أصلاً بتراجع الإيرادات العامة. إلى جانب ذلك، قد يؤدي هذا القرار إلى نقص في السيولة ويؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي ما لم تصاحبه إجراءات صارمة لتعزيز الثقة في النظام المصرفي وتطوير البنية التحتية الإلكترونية.
وقال من المتوقع أن يسهم تغيير العملة في ضبط السيولة النقدية والحد من الفئات المزورة بشكل مؤقت، لكن تحقيق التعافي الاقتصادي يتطلب نهجاً شاملاً يشمل تحسين الاستقرار السياسي والأمني، تشجيع الاستثمار، وزيادة الإنتاجية. كما أن تعزيز المدفوعات الإلكترونية يعد أمراً ضرورياً لتقليل الاعتماد على التعاملات النقدية وتسهيل العمليات المصرفية، خاصةً في ظل تطور الاقتصاد الرقمي العالمي.
وخلص د. احمد الي ان نجاح تغيير العملة يعتمد على اتخاذ تدابير مكملة تشمل دعم البنية التحتية المالية الرقمية وتحفيز ثقافة التعاملات البنكية. و التحدي يكمن في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي لخلق بيئة مالية مستقرة ومستدامة.
خطوة عاجلة….
د. هيثم فتحي الخبير الاقتصادي راى ان تنفيذ قرار تغيير العملة يتطلب السرية التامة، وأن تكون الفترة بين الإعلان والتنفيذ قصيرة جداً لتفادي أي تأثيرات سلبية مثل انخفاض قيمة الجنيه. رغم التحديات، رغم ان القرار ضروري، ولكنه قد يواجه بصعوبات كثيرة في ظل الحرب وعدم استقرار الأمن . تغيير العملة الوطنية تعتبر خطوة عاجلة للقضاء على التزوير والحد من السيولة المتاحة في أيدي المضاربين، وذلك بهدف استعادة التوازن الاقتصادي وإدخال الأموال إلى الدورة النقدية الصحيحة.
رغم تاخر القرار إلا يمثل مطلبًا حتميًا لبدء اقتصاد على أسس صحيحة، السياستين المالية والنقدية تتطلب ظروفا سياسية ملائمة تجعل الأثر الإيجابي لتلك السياسات غالب، كما تستلزم توافق بين وزارة المالية والبنك المركزي ، حتى نتفادى التضارب الذي يفقد السياسات الأثر الفعال بل ويقود إلى خيارات مردودها قاس على الاقتصاد وعلى المواطن، وهذا خيار المدى القصير. لذلك لابد من وضع آليات مصاحبة من أجل تخفيض عرض النقود في الاقتصاد ومكافحة التزوير فالطريقة المثلى هي زيادة تفعيل الدفع والسداد الالكتروني بخصوص شراء السلع والخدمات فضلا عن وضع ضوابط لاستخدامات النقد الأجنبي،
فالأزمة في عرض النقود مستمرة في حالة استبدال عملة بعملة أخرى لابد من تخفيض عرض النقود إلى المستويات الطبيعية السؤال كيف سيتم تغيير العملة في الاماكن التي ليس بها استقرار امني فشبح العملات المزيفة التي تلتهم المبالغ الشحيحة التي تصل السودانيين من معارفهم وأقاربهم عبر التطبيقات المصرفية،
فهناك انتشار كثيف للعملات المزيفة في تلك المناطق لاسيما في الأورق النقدية ذات الفئات الكبيرة. تغيير العملة في الوقت الراهن مطلب حتمي لا يمكن تجنبه لاستعادة التوازن الاقتصادي رغم انه تاخر كثيراً إلا أن التحديات الأمنية الحالية تجعل من تنفيذ هذا القرار مهمة صعبة تحتاج الي حلول حتي تتم بالصورة التي من اجلها اتخذ القرار .