اعمدة

سلمى الشيخ.. تكتب.. الاصطفاف القبلي الخطر القادم

 

 

 

 

 منذ أكثر من عام، يشهد السودان حربًا مدمرة أهلكت الأخضر واليابس، وأبرزت هشاشة النسيج الاجتماعي بشكل غير مسبوق. تأثرت كل جوانب الحياة بهذه الحرب، حيث شهدنا انتهاكات جسيمة شملت أعمال اغتصاب وقتل ونهب وسرقة. هذه الانتهاكات لم تُخلّف فقط دمارًا ماديًا، بل عمّقت جراح المجتمع السوداني، وأثارت غبناً وغضباً عميقاً بين الضحايا، مما أدى إلى رغبة عارمة في الانتقام.

تفاقمت هذه الأوضاع لتتجاوز الانتقام من الجناة إلى اصطفاف قبلي بغيض، حيث باتت القبائل والمجموعات الإثنية تستخدم كأدوات للصراع. تحول الانتماء القبلي إلى ملاذ يحتمي به الجناة من الطرفين، مما زاد من تعقيد الأوضاع وأضفى مزيدًا من القبح على مشهد الحرب. هذه الاصطفافات القبلية تُظهر بوضوح مدى هشاشة النسيج الاجتماعي في السودان، وتجعل من الصعب تحقيق أي استقرار أو سلام دون معالجة جذرية لهذه الانقسامات.

إن استغلال الانتماءات القبلية كأداة في الحرب الحالية يعمق من الفجوة بين مكونات المجتمع السوداني، ويُهدد بتفكيك وحدة البلاد. اما خطابات الكراهية التي تلوح في الأفق. لا أحد ينجو منها، حتى تلك المناطق الآمنة أصبحت غير آمنة للبعض، فكثير من السودانيين أصبحوا لا يستطيعون التوجه إليها خوفًا من الشبهات فيهم على الهوية لأحد أطراف الحرب. كل ذلك أدى إلى سيطرة خطابات الكراهية وممارستها بصورة أشد كراهية من وصفها، مما يشكل أحد المهددات الخطيرة لمستقبل السودان واستقراره.

 

 

 

   المروجون والممارسون لتلك الخطابات هم من يضعون الزيت على النار، ويجرون المدنيين إلى أحد أطراف الحرب، رهبة أو رغبة أو غصبًا، لأن خطابات الكراهية تلعب بصورة مباشرة على أحاسيس الفرد أو المجموعة المستهدفة بحقها الوجودي في الوطن. لذلك، فإن وقف الحرب ومحاربة خطابات الكراهية والعنصرية البغيضة مطلب أساسي. وإن فهم العلاقة بين هشاشة النسيج الاجتماعي والاصطفاف القبلي في سياق الحرب الحالية هو أمر ضروري لإيجاد حلول فعالة ومستدامة. يتطلب هذا العمل جهوداً مكثفة لتعزيز التسامح والمصالحة الوطنية، والعمل على إعادة بناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى